في مُقابلِ الانتقادات الواسعة الموجّهة إلى وزارة العدْل والحريات، من طرف الجمعيات الحقوقية، بشأن ما تراه "تضييقا" على الحريات الفردية، خاصّة تلك التي لها صِلة بالجانب الدّيني، مثل تجريم الإفطار العلني في رمضان، قالَ مسؤول بوزارة العدل والحرّيات إنّ تجريم الجهر بالإفطار جاء بهدف حماية مشاعر الصائمين. وفي حين أبْدى وزير العدل والحرّيات قبْل أسبوعين في ندوة نظمتها الوزارة حول مسوّدة مشروع القانون الجنائي تمسّكه بتجريم الإفطار العلني في رمضان، قالَ مسؤول وزارة العدل في ندوة نظمتها الهيئة المغربية لحقوق الإنسان، بحر هذا الأسبوع، إنّ المشرّع المغربيّ لمْ يُجرّم الإفطار في حدّ ذاته، "بلْ جرّم الجهْرَ به وإشهاره، لمنْع المساس بمشاعر الصائمين". وفي حين تطالبُ المنظمات الحقوقية بإسقاط العقوبات التي جاءَت بها مسوّدة مشروع القانون الجنائي بشأن الحريات الفردية، مثل الإفطار العلني في رمضان، والعلاقات الجنسية غير الشرعية، والسّكْر العلني، قال عبد السلام بوهوش، وهو قاضي بمديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل والحريات، إنّ مسوّدة مشروع القانون الجنائي لا تعاقب على السُّكر، "بل على الفوضى". علاقة بالحريات الفردية، انتقدَ رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أحمد الهايج، ما جاءتْ به مسوّدة مشروع القانون الجنائي بخصوص تجريم الإساءة إلى الأديان، قائلا إنها تتعارض مع حرّية الضمير، وأضاف الهايج أنَّ ما نصّت عليه مسوّدة مشروع القانون الجنائي يمكن أن يكون سببا "لممارسة الرقابة على النوايا والغايات، ويُمكن تلفيقُ التهمة للمبدعين والفنانين". من جهته قال محمد الزهاري، رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان، إنّ فصول مسوّدة مشروع القانون الجنائي في أغلبها ذات حمولة محافظة، "خاضعة للجهة لسياسية التي وضعتها"، في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية المحافظ، الذي ينتمي إليه وزير العدل والحريات، وانتقدَ الزهاري الرّفع من الغرامات المالية في نصّ مسوّدة مشروع القانون الجنائي. وقال الزهاري "الغرامات المالية تمّ رفْعها في نصّ المسوّدة الجديدة، وكأن خزينة الدولة المغربية فارغة، وهناك جهات تعمل على إيهام المغاربة بذلك"، وردّ ممثل وزارة العدل والحريات بالقول إنّ الغرامات ستتمّ مراجعة بعضها، موضحا أنّها تخصّ بالأساس الشخصية المعنوية، الذي لا يُمكن أنْ تُفرض عليه عقوبة أخرى غير الغرامة. وبخصوص عقوبة الإعدام، التي خلّفتْ ردودَ فعل رافضة من طرف الدّاعين إلى إلغائها، قال محمد الزهاري إنّ هناك "نوعا من الاستجابة لمطالب مناهضي العقوبة"، بتقليص عددِ الجرائم التي تطبّق فيها العقوبة، وفيما يُطالبُ مناهضو عقوبة الإعدام بإلغائها نهائيا من فصول القانون الجنائي، قال بوهوش "عقوبة الإعدام من الصعب أنْ يُتّخذَ فيها قرار حاسم". غيْرَ أنّه تركَ البابَ مُوارباً لإدخال مزيدٍ من التعديلات على ما جاءتْ به مسوّدة مشروع القانون الجنائي بهذا الشأن، قائلا "المسوّدة ذهبت في اتجاه الإلغاء التدريجي للعقوبة، وما زالَ هناك نقاش"، وفي حين يستندُ مناهضو العقوبة على الفصل 20 من الدستور، الذي ينصّ على الحق في الحياة، قال المسؤول بوزارة العدل والحريات إنّ ما جاء به الدستور "فيه نقاش، لأنّه لمْ ينصّ، بشكل صريح، على إلغاء عقوبة الإعدام". ويُنتظرُ أنْ تُحالَ مسوّدة مشروع القانون الجنائي على البرلمان لمناقشتها يوم 15 مايو الجاري، رُغم أنّ المنظمات الحقوقيّة كانتْ قدْ طالبتْ وزارة العدل والحريات بتمديد الأجَل الذي حدّدتْه لتلقّي ملاحظاتها واقتراحاتها، وعزا بوهوش ذلك إلى أنّ الوزارة "لها أجندات"، غيْر أنّه أكّد أنّ الملاحظات التي ستتوصّل بها الوزارة خارجَ الآجال "ستأخذها بعيْن الاعتبار".