بعْد المواقف المعارضة لعدد من مقتضيات مسوّدة مشروع القانون الجنائي، التي كشفتْ عنها وزارة العدل والحريات قبل حواليْ ثلاثة أسابيع، بسبب ما يراهُ معارضو المسوّدة تضييقا على الحقوق والحريات، أعلن وزيرُ العدل والحريات أنّ المسودة قابلة لإدخال تعديلات بما يضمن تجويدها لترقى إلى مستوى التطلعات. وقال الرميد في افتتاح ندوة وطنية حول مستجدّات مسوّدة مشروع القانون الجنائي، صباح اليوم بالرباط، إنّ الحوارَ حوْل مسوّدة المشروع ما زالَ مستمرا، "فنحن في المرحلة الحالية إزاءَ مسوّدة، وأمام اجتهادات تحتمل الصواب والخطأ"، يقول وزير العدل والحريات. وفي حين أكّد الوزير على أنّ الندوة الوطنية حول مسوّدة مشروع القانون الجنائي "ليست استعراضا، بل نسعى من خلالها إلى الاستفادة، وليست للإقناع بل للاقتناع أيضا، عملا بالآية القرآنية "فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه"، إلّا أنّه أوْصد الباب، نهائيا، أمامَ أيّ احتمال لمراجعة تجريم العلاقات الجنسية الرضائية خارج إطار الزواج، والإفطار العلني في رمضان. وقال الرميد في رسالة مباشرة وجّهها إلى المطالبين برفع التجريم عن العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، والإفطار العلني في رمضان، "سنأخذ بكل الاقتراحات والتصويبات المُقترحة علينا، وكل ما كان مفيدا وجيّدا فهو على الرأس والعين، لكن هذا لا يمكن أن نقابل به كل ما يمكن أن يمسّ عمق النظام العام لبلادنا. وشرع وزير العدل والحريات بالقول "لا يمكن أنْ نرفع التجريم عن العلاقات الجنسية غير الشرعية، ولا يُمكن أن نرفع التجريم عن الإفطار العلني في رمضان في مكان عمومي بدون عذري شرعي"، وبرّرَ ذلك بكوْن الفعْلين (العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج والإفطار العلني في رمضان)، "تمثل ضربا لإسلام الدولة التي يعتلي عرشها أمير المؤمنين". وفي ما يتعلّق بالإجهاض، أكّد وزير العدل والحريات أنّ بابَ المشاورات حول الموضوع أقفل، "بعد أن تمّت المشاورات بناء على مقاربة تشاركية وفي إطار من التكاملية"، مُعلنا رفْع المقترحات التي خلصتْ إليها المشاورات إلى الملك، بناء على رأي المجلس العلميّ الأعلى". وبخصوص عقوبة الإعدام، وهي واحدةٌ من النقط التي أثارت معارضة شديدة من طرف الحقوقيين، دافَع الرميد عمّا جاءت به مسوّدة مشروع القانون الجنائي، قائلا إنّه تمّ تضييق نطاقها إلى حدّ كبير، غيْرَ أنّه أبْدى استعداده للاستماع إلى آراء مناهضي ما جاءت به المسوّدة في هذا المجال، قائلا "أنا مع تقليص حالات الحكم بالإعدام، والنقاش حول هذا الموضوع مستمر ولن نغلقه اليوم، ومن الممكن أن نتناقش حوْل خل ننقص أو نزيد". إلى ذلك، قال وزير العدل والحريات إلى مسوّدة القانون الجنائي تأتي في إطار تنزيل الدستور، وتعزيز القضاء للحقوق والحريات، مشيرا إلى أنّ المرجعيات التي أعدّت على أساسها المسودة، يأتي على رأسها ملاءمة القانون الجنائي مع الدستور، وتقوية الحماية القانونية والقضائية للأفراد، خاصة الذين في حالة هشاشة، والملاءمة مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب، وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة.