ليبقى "الاتحاد المغاربي" ذلك الحلم الذي أودعناه حماس شبابنا، وطيش مراهقتنا! مع ذلك، لا نزال متأخرين عن قافلة التاريخ بليلة عاتية الأنواء..! ليكن، مغرب "النخب" ممكن، وينبغي أن يفلت من قبضة "الإجراءات العملية". من موريتانيا، أستغل بكل أريحية، كرم الأخ المبدع "نورالدين لشهب"، لأنطلق بسرعة تفوق وقع المشاريع الاقتصادية المغاربية المعطلة إلى أجل غير مسمى؛ فأعتصم "بزاويته" في جريدة هسبريس المضيافة، عل الرأي العام المغاربي، يحس "خنق" النخب فيسعى لتحرير الطاقات، لبلوغ مغرب الشعوب! حرصا على "مهادنة" قراء لشهب، لن أستهدف غيوم السياسة التي تحجب غدنا المشرق في مغرب عربي كبير، يحكي، فنرضى! سأستغل كرم صديقي حتى آخر قطرة؛ فأحكي أشياء جد شخصية، لكنها، تبقى تجربة مغاربية بامتياز! من فرط الشجن دعته دموع الانتظار إلى تأجيل نوح على قدره القاتل كتجوال مارد بفياف امتلأت بالفراغ! لقد حجبت كسوف الطالع زرقة انسيابية رافقته أثناء هبوطه إلى المستقر الذي احتضن أعداءه... بعنفوان عقله تجرع إرهاق جسده كل ما عرفت عيناه الراحة التي حضرت قبل الانتظار؛ مضى مسرعا ككلثوم نحتته دموعه التي لم يعد بها طعم ولا حتى رائحة! تطيش مودته أحيانا كلما بسط روحه المثقلة بالمواعيد الغائبة! كان "العبد"، كما يحلوا لعشيقاته مغازلته، طيبا وصعب المراس، كريما وثقيل المعاشرة، حنونا يشخر بكثير من لغات العالم، في لحظات غيابه المتكررة..! أثناء قراءته لياسين.. عبر المصعد القادم من الطابق السادس بعمارة "عثمانية" بحي "لاكولين"، حيث تتربع شقة ابنته الوحيدة، كان مرحا أثناء الهبوط؛ يفكر بفيروس ويستمع خلسة ل"بياف"، وكأن والدته ترقبه، وتنهره فجأة، كما كانت تفعل في صباه: "أوقف موسيقى الكنيسة"! يمضي والاختلاف" يمزق ذوقه المحبط..! فوقها؛ خلفها؛ مابين طيات صداها، تؤرقه "الضجة".. مضى ممتعضا، ومزاجه وقح الأطوار كفراشة علقت أجنحتها بجدول من الوشاية، أحالها لعلبة فارغة من حليب ثدي "كندي" الذي أسس "للسلام" ما بين العرب وجلادهم الذي يظن نفسه ساميا..! يعود كما غادر حضن مكتبته، ممتعضا من تركها ومعاقرة خنق أفكاره كلما أطاعت منطق "در" الثروة الرافضة عبور المحيط الذي كان شاهدا على زرقته الأولى! يحب كثيرا، ويرتاد المطاعم نادرا؛ يطمح لحياة أكثر شاعرية من ضوضاء "لا كبول"، كتلك التي عاش على وقع "الحنين إلى خبز أمه"، وكأن القلق متعة لاتتوقف أبدا... كثيرا ما مضغ بنهم متراص عبير روح تلك التي تعودت مسامرة حكاية جسده الشاعرية كلما لحق بغيابه الملائم..! في باريس، كانت له أيام: تأمل على مهل هدوء "السين"، فأتقن "معرفة" جغرافية المكتبات المطلة عليها، سافر عبر وجبات مطاعم أحياءها الممتلئة بالحياة، أقلع على أجنحة ملائكتها في ملاحقة سيزيفية لشياطين إبداعاتها الساحرة، عشق الجمال؛ ومضى... في لحظة إبداع يتوقف كل شيء؛ إلا القلب وقدرته الفائقة على ضخ مصدر الإلهام: سائلا بلذاذة ابتلاع ريق الحمد بعد صلاة خاشعة! صديقي نورالدين يوفق دائما في إلحاق مرايا مرابعه الجمالية كل حرف "رسمته" أنامله السابحة كفرشاة فنان تجرع مواطن جمال حياة تسحر.. فتمكث..! ****** منذ قمة "زرالدة" سنة 1989، وشعوب المغرب العربي تنتظر، خبزا لجائع "تيطوان" وقرصا لمريض "بومديد" وعملا لعاطل "سيدي بوزيد" وأمنا لمشردي "تيندوف".. في موريتانيا هبطت أسعار الخضروات والفواكه، منذ "طريق الشمال"، لكن جغرافية "الأزمات" لا تزال تشكل العائق الحقيقي أمام مغرب الشعوب..! يا نخب المغرب العربي الكبير، لماذا "ترتهنون" شعوبا تتحد في الدين واللغة، وتختلف كلما تعلق الأمر "بإجراءاتكم العملية"؟ *كاتب وصحفي من موريتانيا