يبدو أن حلم مهني الجمعية الوطنية لمنتجي البيض بالمغرب الرامي لإدراج البيض في السلوك الإستهلاكي اليومي للمواطن قد تحقق أخيرا...على الأقل خلال الأيام المنصرمة الماضية التي صاحبت احتفالات المغاربة بعاشوراء، حيث كان من الصعب إيجاد ولو بيضة واحدة للفطور. شباب تجمعوا أمام الثانويات والإعداديات وعلى جنبات الطريق، بأكياس بلاستيكية سوداء، إختلط فيها البيض الفاسد بالصالح للإستهلاك، وأكاد أجزم أنهم وبكميات البيض التي بحوزتهم لكان بمقدورهم تحضير أكبر "أومليت" في العالم، ولكنا حطمنا رقما قياسيا جديدا "نفخر به" وندخل من خلاله كتاب جينيس للأرقام القياسية مرة أخرى، بعد "إنجازاتنا" السابقة المتمثلة بتحضير أكبر طاجين، وأكبر صحن، وأكبر قصعة كسكس في العالم... غير بعيد عن "قناصة" البيض، تجمع أخرون بسراويل صيفية قصيرة، مسلحين بسطول الماء المخلوطة بالصابون، بينما تفتقت عبقرية بعض النوابغ إلى خلط ماء مسدساتهم المائية بماء النار (الماء القاطع) طريقة وجدوها فعالة لثقب سراويل الفتيات، والبقية يعرفها الكل. أما "مالين العقل" فقد أبوا إلا أن يشاركوا بدورهم أيضا، وإن كان ذلك فقط برش المارة من شرفات وسطوح منازلهم. الساعة السادسة مساءا، موعد خروج التلاميذ والموظفين من مدارسهم ومقرات عملهم، تزدحم الطرقات والشوارع، ليبدأ الهجوم، ويختلط اللهو الغير السليم بالرغبة في الإنتقام، حيث تتوالى الرشقات بالبيض والبالونات المائية من كل الجهات، لترتفع وثيرة المشاحنات والمشادات وحتى الإستعطافات، ولعلها وبدون شك الفرصة السنوية الوحيدة لبعض الشباب التي يحظى من خلالها بالكلام مع إحدى الفتيات التي ستستعطفه لا محالة، لتمر سالمة دون أن تتبلل بالماء، أو تثقب ملابسها وتحترق برشات ماء النار...أوليس هذا الرعب والإرهاب بعينه؟ أما أصحاب السيارات الذين ظنوا نفسهم محظوظين وبمأمن، فلم يسلموا بدورهم أيضا من الطيش الذي أصاب الأخرين، إذ يكفي أن يرمي أحدهم ببيضة طائرة على الزجاج الأمامي لإحدى السيارات، حتى تحل الكارثة، حيث ستنعدم الرؤية لدى السائق، خصوصا إن إستعمل ماسحات الزجاج، فإن هو إستمر بالسياقة سيواجه إحتمال صدم إحدى السيارات أو أحد المارة، وإن هو توقف وترجل من سيارته لتعرضت حاجياته للتلف. عاشوراء ليست ذلك اليوم الذي أرشق الناس فيه بالبيض أو أبللهم بالماء، ليست ذلك اليوم الذي أروع فيه الناس بالمفرقعات -التي إختار لها مروجوها هذه السنة أسماء "فيرخوليطو" و "رونالدو"- وليست أيضا ذلك اليوم الذي أشعل فيه النار وأرمي فيها الرزم لكي أمارس أعمالا شيطانية، عاشوراء هي ذلك اليوم العظيم الكبير عند الله تعالى، اليوم الذي تاب فيه الله على آدم، ونجا فيه نبيه موسى من فرعون وجنوده، وهو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي ونجاه الله ومن معه من الطوفان يوم الصيام، يوم الزكاة، يوم الأجر العظيم والثواب الوفير... أفلم يئن الأوان بعد لتغيير سلوكياتنا؟ للتواصل مع الكاتب [email protected] www.Facebook.com/KarimBelmezrar