لم تَستطع جُموع المسيرة المحتفلة بالمرأة في يومها العالمي التي هزَّت شِعاراتها بعض شوارع الرباط، أن تلمح سيدة تحرس السيارات بشارع "المغرب العربي" أثْقَلتها الحاجة والفقرُ كما أثْقلَها حملُها الذي يبلغ شهره الثامن، حتى مع نصائح الطبيب المتكررة بالتزام الراحة خصوصا مع وضعية الجنين الضاغط على المثانة بسبب الوقوف طيلة النهار وطَرَفاً من الليل. وبالرغم من عدم تمدرُس فتيحة المتوكل التي تبلغ من العمر 35 سنة والمُنحدرة من مدينة آسفي، إلا أن الحياة جعلتها "أستاذة" في التضحية والوفاء والعرفان لزوجها الذي ألمَّ به المرض على حين غرة، " مُحسن مْزيان مْعايا، وما عَمْرو ما أَدَاني ولاّ ضرَبْني ولا غَيَّرني" تقول فتيحة لهسبريس. وبنَبرة حزينة تستعيد " مَجدَ" أيام مَضت، تحكي السيدة الثلاثينية أنها كانت تعيش معززة مكرمة في بيتها حين كان زوجها ينعم بصحته وأنه وقبل سنة ونصف من الآن كان يُلبِّي جميع احتياجات وأغراض بيته حسب استطاعته، لكنه وبعد أن ألم به مرض جعله لا يقوى على المشي دون استخدام العكاز مع إمكانية بتر رجله التي تعاني انسداد شرايينها " ماغاديش نفرَّط فيه وغادي نْعاونو حتى يحن الله، وراضية على خدمتي". وتعود الحارسة لأيام مرض زوجها بكثير من الأسى وصوت متهدِّج على مشارف البكاء، حين تحصي الشهور التي كانت برفقته في المُستشفيات مع ما كلَّفهُ العلاج والأدوية ما لا تطيق لتلجأ لاستِدانة المال من أجل علاج يوقف والد أبنائها على رِجلَيه، " بعدها لم أجد بُدًّا من خروجي للعمل بجانبه ومُساعدته في حراسة السيارات وتوجيهها للرَّكن، راضية جدا على عملي أرافق زوجي منذ الصباح ونذهب معا في ليلا ولا نَفتَرق". وتؤكد والدة أطفال ثلاثة لجريدة هسبريس الإلكترونية أن نظرة الناس والمجتمع لا ترحم، وكثير من المعارف والأهل والجيران عابُوا علي وعلى زوجي خروجي للعمل خصوصا بعد الحمل، وكان زوجي يحثني على أخذ قسط من الراحة وعدم إجهاد نفسي، لكني أخبره أن من ينتقدنا لا يستطيع المساعدة، " وحْتَّى واحد ما يْجيب لينا حتى قرعة ديال الزيت إلا خصَّاتنا" تقول فتيحة متابعة، " فليقولوا جميعا ما يريدون فنحن أعلم بأحوالنا المعيشية، خصوصا مع سومة الكراء البالغة 800 درهم إضافة لفاتورة الماء والكهرباء". " ما كرهتش نكَلس فداري، ومع الحمل عْييت"، وعلي توفير مصاريف الولادة وأغراض وملابس النفاس إضافة لمَلابس المولود الجديد، كلها أمور تجعلني أصر على المجيء من بيتي بالواد نواحي سلا إلى شارع المغرب العربي للعمل رفقة زوجي. موضحة أنها مرات عدة تلزم البيت بسبب المرض أو تَعَب الحمل يومين أو ثلاثة وبعد أن يحتاج البيت لإحدى الأغراض أو يكون زوجها بحاجة للدواء، تعلم أن البيت لن يَنفع في شيء وتعود للعمل من جديد. وتشتكي فتيحة من نظرة المجتمع لعملها المتواضع ولسوء أخلاق بعض أصحاب السيارات ممن لا يُعطون مالا أكثر من تلفظهم بكلمات جارحة، " حتى من يعطي دريهمات قليلة يقول بصريح العبارة إن ماله صدقة لا غير"، بالمقابل بعض أصحاب السيارات " ولاد النَّاس" يُعطون دون حساب حتى يمدون أيديهم في يدك ويقولون " عاوني راسك، ماشي كُلشي بْحال بحال". وعن مخططاتها بعد الولادة، تؤكد السيدة أنها بعد وضع حملها نهاية أبريل القادم، ستمكث مع مولودها حتى تتعافى، لتعود إلى العمل وتتكفل أختها بالعناية بالرضيع كما تتكفَّل بابن آخر لا يَتجاوز 4 سنوات والذي يبقى في بيت خالته طيلة الأسبوع ولا يستطيع رؤية أمه إلا نهاية الأسبوع منذ أن بدأت العمل منذ سنة خلت، خاتِمة كلامها مع هسبريس بالقول " كل ما أتمناه أن أعيش مع أبنائي في بيت كريم يجمعني بهم ولا يفرقنا شيء". للاتصال بفتيحة المتوكل : 0631664690