في بيت متواضع يقتسمه والدها مع الجيران بحي بلاد بنعطار بمنطقة صهريج كناوة بفاس، تعيش الأم فتيحة شاطر معاناة حقيقية بعدما وجدت نفسها، وقد تخلى عنها زوجها، تكابد مصاعب الحياة من أجل رعاية طفلين مقعدين بسبب إعاقة حركية وذهنية شاملة منذ ولادتهما. كانت فتيحة شاطر تمني النفس بأن تعيش حياة سعيدة بعد أن تقدم لخطبتها ابن خالها وهي لم تكمل عقدها الثاني بعد، إلا أن الذي قبلت الزواج منه بدون تردد متطلعة لقضاء باقي حياتها عطفا ورأفة في كنفه سيهجرها ما أن يكتشف أن ابنهما الثاني، الجنين في بطن أمه، سيعاني بدوره من إعاقة حركية وذهنية شاملة، كأخيه الأول الذي لم تدب الحركة في جسده رغم بلوغه حينها ربيعه الأول. جحود وفقر "طفلاي سفيان، خمس سنوات، وأشرف، ست سنوات، يعانيان من إعاقة جسدية وذهنية، وفي حاجة إلى رعايتي لهما باستمرار"، تقول الأم فتيحة شاطر، البالغة من العمر تسعة وعشرين سنة، مؤكدة لهسبريس أنها وجدت نفسها مضطرة للعودة إلى العيش في بيت والديها بعد جحود زوجها، الذي فضل التخلي عنها بعد أن عمق صدمتها مصرحا لها بأنه يرفض أن يكون له منها أطفال معاقون. "أبي يبلغ من العمر 94 سنة، ليس له أي دخل، وهو من احتضنني، بعد أن تخلى عني زوجي، بهذا البيت المتواضع الذي يتكون من غرفة واحدة"، توضح أم سفيان وأشرف التي عبرت لهسبريس عن قلقها من المستقبل قائلة: "إذا توفي والدي سأجد نفسي عرضة للعيش في الشارع، لأن لي إخوة آخرين سيطالبون بنصيبهم من هذا المنزل". حبست فتيحة دموعها بصعوبة قبل مواصلة سرد محنتها لهسبريس مبرزة أنها تضطر، أحيانا، لفراق ابنيها بحثا عن العمل خادمة في المنازل لتوفير ما يحتاجانه من طعام وحفاظات، مضيفة أنها تتركهما تحت وطأة الجوع طيلة مدة اشتغالها، نظرا لكونهما يرفضان أن يناولهما غيرها الطعام، وقالت: "أمي، التي تبلغ من العمر 70 سنة، هي من ترعى طفليّ في غيابي، لكنها لا يمكن لها أن تقوم بإطعامهما، هما يرفضان أن يقترب منهما أي شخص غيري، ولو كانت جدتهما". جحيم ومعاناة "منذ أن رزقني الله بأشرف وسفيان وأنا أعيش العذاب والمحن، فقلبي يتقطع لرؤيتهما على حالهما، لكن ماذا أستطيع أن أفعل، هذا قضاء وقدر من عند الله سبحانه وتعالى"، تقول فتيحة التي رجت من المحسنين أن يمدوا لها يد العون للتكفل بابنيها بعد أن تخلى عنها زوجها وتركها تواجه مصيرها لوحدها، مؤكدة أنها لم تستفد من أي دعم اجتماعي، بما في ذلك المخصص للفقراء، بعد أن أقصاها أحد أعوان السلطة من ذلك لسبب لم تفهمه، بحسب ما ذكرت. "يمكن لحالتهما أن تتحسن مع الترويض الحركي والترويض على النطق، لكن في كل مرة أزور الأطباء بالمركز الاستشفائي الجامعي بفاس يكتفون بإعطائي موعدا طويل الأمد تصل مدته ثلاثة أشهر"، توضح فتيحة التي أكدت أن الأطباء منحوها في المرة الأخيرة موعدا مدته سنة، مبرزة أن ابنها سفيان، فضلا عن إعاقته الحركية والذهنية، يعاني من تعفن على مستوى عينيه، وشقيقه أشرف مصاب بمرض على مستوى فمه، مبرزة أن حالة سفيان تستدعي تدخلا طبيا عاجلا. وأوردت فتيحة أن الأطباء لا يقومون بفحص ابنيها خلال زياراتها المتعددة إلى المستشفى العمومي، ويكتفون في كل مرة بتجديد موعد الزيارة، معبرة عن خوفها من أن يزيد المرض من حدة معاناة ابنها سفيان، قائلة: "أخاف على شبكة عينيه من أن يصيبها مكروه، هو مريض جسديا وذهنيا، وإن تضرر بصره سيزيد ذلك من معاناته ومن متاعبي في رعايته". للتفاعل مع هذه الحالة الإنسانية، هذا هاتف الأم فتيحة شاطر: 0777101766