مؤسسة بقلب مفتوح للتخفيف من عزلة الطفل المعاق ذهنيا بعد أن كان حلما راود مجموعة من أصدقاء وأولياء الأطفال المعاقين ذهنيا بالمحمدية منذ 16 سنة وبالتحديد بدار الشباب العربي بالقصبة، بات مركز التضامن، حقيقة ومشروع ملموس منذ أربع سنوات. مركز ساهم في سد الخصاص الشديد في هذا النوع من المؤسسات والمراكز الخاصة بهذه الفئة على مستوى المدينة والمدن المجاورة..أثناء زيارتنا للمركز بدت «أمينة» أم في عقدها الرابع حائرة وهي تحاول عبثا تهدئة إبنها « محمد» الذي كان يتابع بقية الأطفال بفضول، محاولا الإفلات من قبضتها والولوج إلى بهو مؤسسة التضامن. رغبته تلك كانت قوية في الالتحاق بالآخرين ومشاركتهم لعبهم ومرحهم في الفضاء المخصص للألعاب، فلهذا الجناح دور مهم في التخفيف من تعب الرحلة الصباحية قبل الوصول إلى هذا الفضاء التربوي « جيت نشوف إيلا كانوا غادين يقبلو ليا هاذ الوليد راه مابقيتش قادر عليه.». تعلق الأم وعيناها لاتفارق حركات فلذة كبدها، قبل أن تسترسل قائلة « مشكل لي ايقابلوا هو لي مقلقني». أمينة أرملة غادرت عملها مكرهة بقطاع التعليم، أمام حالة ابنها فسارعت إلى تقديم طلب تقاعدها النسبي بعد تردد استمر مدة. قرار أملته الضرورة لتتمكن من رعاية إبنها المعاق بعد أن امتنع أفراد أسرتها من التكفل به ورعايته « مابقا حتا واحد قادر يرعاه، كلشي كيقول راه صعيب» والدتها المسنة كانت أملها في الاعتناء بطفلها لكنها توفيت منذ شهور قليلة. كانت الساعة تشير إلى التاسعة والنصف صباحا، الساحة المقابلة لمركز التضامن للطفل المعاق ذهنيا بالمحمدية وبالتحديد بحي الحسنية 2 حيوية تشبه إلى حد بعيد تلك التي تشهدها المؤسسات التعليمية الأخرى، توقفت سيارة النقل ذات اللون الأصفر، للوهلة الأولى لايبدو على مجموعة الأطفال الذين غادروها تباعا، ما يوحي أنهم طبيعيون، وغير عاديين، ملامحهم، وابتساماتهم، وحتى انضباطهم أمام بوابة المركز قبل دخولهم إلى قاعاته، تدفع المرء إلى التساؤل عن الفرق بين إعاقتهم، التي يعانون منها وبين الأطفال الأسوياء. غير أن التمعن في سلوكاتهم، قبل توزيعهم على القاعات، يدرك حجم إعاقتهم الذهنية وأهمية التكفل بهم من طرف الطاقم المتكون من إداريين وخمسة مربين، وعدد من الأطباء والمتطوعين، من بينهم أجانب من كوريا وجمعيات بلجيكية. رحلة الأمل نحو المركز.. رحلة سيارة المركز تبدأ بجولتين في الصباح، سائقها لايستثني في جولته حتى الأحياء البعيدة، فللمركز فلسفته التربوية التي انتهجها منذ البداية فتحت كوة أمل لأطفال فئات اجتماعية متعددة، كانت قبل السنوات الأربع، محط تهميش، وعزلة عن الآخرين، وأصبحت بعد الانتهاء من تشييد المركز، مجرد ذكرى سيئة يتذكرها الآباء وأولياء الأطفال المعاقين ذهنيا بحسرة شديدة. داخل المركز، الذي يمتد على مساحة 800 متر مربع، بطابقيه السفلي والعلوي، حرص المسؤولون عن التسيير التربوي والطبي على استغلال المساحة بشكل دقيق لتتلاءم مع حاجيات هذه الفئة من الأطفال. بالنسبة لأحمد الجرفي ومنذ توليه مهمة الاشراف التربوي بهذه المؤسسة، يعتبر تقدير هذه الحاجيات هو من الهواجس الأساسية، لعمل المربين، في إطار التربية الخاصة، « كما ترى لكل قاعة داخل المركز وظيفة تلخص، طبيعة التدخل التربوي والطبي، والبيداغوجي، بدء من قاعة التنشيط، ومرورا بالترويض وقاعة الحسي الحركي..». . الفضاء يضم حاليا أربعين طفلا فيما لائحة طلبات الانتظار تتجاوز المائة، والسبب يقول سعيد أرسلان الطبيب النفساني للمركز يعود « للنتائج المهمة التي حققتها المتابعة النفسية، والطبية لعدد من حالات الأطفال، كانت إلى وقت قريب حالات ميؤوس منها». من الحالات التي ظلت موشومة في ذاكرة المركز، ومؤطريه حالة الأب «حسن » الذي رزق بطفل أصيب بإعاقة ذهنية وجسدية، عانا كثيرا من الإنتظار بين ردهات المستشفيات سواء بمدينة المحمدية أو بالدارالبيضاء، عند حديثه عن طفله، يجاهد في إخفاء مشاعر التأثر والصدمة الشديدة التي خلفتها لحظة الولادة بعد أن أخبره الطبيب المختص بعد أسبوعين من الولادة أنه إبنه غيرطبيعي ويشكو من تخلف ذهني حاد، «شعرت في تلك اللحظة بأن شيئا ما قد تغير في حياتي إلى الأبد، وأن الفرحة التي كنت أنتظرها كأي أب بعد زواجي من ابنة عمي، قد اختفت بدورها ..» توقف عن العمل، لأسباب نفسية محضة « لم أعد قادرا على تركه لوحده، زوجتي كانت تبدو حائرة أغلب الأوقات، فقد كانت عاجزة عن الاشراف عليه بمفرده، كنت ألازم المنزل عند خروجها، وأظل مستيقظا طيلة الليل قصد رعايته، وتمكينه من قضاء حاجياته». وضع لم يستمر طويلا « عامين ديال الجري من جمعية لجمعية باش تساعدني ، لكن بلا نتيجة » يقول «حسن» بحسرة شديدة، قبل أن يسترسل « في الأخير اعتمدت على نفسي في البحث عن وسيلة لكي أضمن لهما الدواء، الباهظ الثمن، فقد كان عاجزا عن الحركة، خلافا للأطفال الطبيعيين في مثل هذه السن،»انتظر فيما يشبه البحث عن الخلاص في علاج يعيد له الأمل في امكانية رؤية طفلي وهو ينمو بشكل طبيعي مثل الآخرين. بالنسبة للدكتور سعيد أرسلان طبيب النفساني كانت نظرة الشفقة والتحسر بادية على محيا الأب الذي لم يصدق في يوم من الأيام أن يتمكن أبنه من ممارسة جزء مهم من حياته الطبيعية، وسط مناخ للتعلم، والاندماج ، والاقبال على التمدرس « تعلم ملي جابوا الأب للمركز كيفاش ياكل، مابقاش كيتحرك بزاف، ولا يكنوع الأكل ديالوا.. بعد ماكان كياكل نوع واحد من الأكل، » ثم يسترسل في حديثه عن المتابعة النفسية التي قام بها بشكل تطوعي، داخل المركز، والنتائج المحققة على مدى السنوات « المراقبة الطبية بالمركز، لاتتوقف حتى خارج فترات التطوع، حيث أجد نفسي دائما على استعداد لتقديمها حتى في عيادتي، خاصة في الحالات المستعجلة، فهناك أطفال يصابون بحالات الصرع، مما يجعل حضوري ضروريا وبشكل استعجالي لتفقدالحالة». حروف في أفواه بريئة.. ليست «أمينة» الأم الوحيدة التي وجدت نفسها في مواجهة مرض إسمه التأخر العقلي أو الإعاقة الذهنية لإبنها « هذا قدر الله ماعندي ماندير..» لازمة تتكرر دوما على أفواه الآباء. فالطفل المعاق ذهنيا، يفقد القدرة علىالقيام بسلوكات، وتصرفات طبيعية ومواجهة الحياة، وتحمل مسؤولية تصرفاته كاملة «« راه ماكيكولش .. وكيخصر فحواجي..» . «إنها من التحديات اليومية التي نواجهها» يقول أحمد الجرفي، قبل أن يضيف « تتركز معظم الأنشطة التي نقدمها على تلقين مجموعة من السلوكات، التي قد تبدأ بتعلم الامساك بالأشياء العادية التي نستعملها في حياتنا، إلى الاعتماد على الذات والتصرف بشكل طبيعي إزاء عدد من الواجبات، كتناول الطعام دون مساعدة، والذهاب إلى المرحاض ... وتعلم كيفية التعامل مع النقود». فالصورة التي يحملها الآخرون عن الاعاقة الذهينة على وجه الخصوص، تحيل في معظمها إلى وصف صاحبها بالمس والجنون، أو المرض الذي يصيب الرأس ويستحيل شفاؤه ، وتدفع صاحبها الى الدخول في متاهات فقدان تحديد بوصلة الأشياء من حوله. «لتطبيق مشاريع من هذا النوع، نقوم بأوراش ميدانية في الأسواق، لتلقين الطفل كيفية التضبع دون حاجة إلى مساعدة». صعودنا إلى الطابق الثاني تزامن ووجود المجموعة الثانية المكونة من الذكور داخل قاعة التنشيط الثانية بالطابق الثاني، في إطار الحصة الصباحية المخصصة للتنشيط اللغوي كان المؤطر التربوي محاطا بعشرة أطفال، أعمارهم مختلفة، يعيد بالصوت والإشارة، حرفا من الحروف الهجائية التي كتبها على السبورة، وعلى ألواح الأطفال « آ..آ..كرر أمين الحرف ..» ابتسم وهو يتطلع إلى المؤطر، منتشيا بالمناداة على اسمه، فيما كان زملاءه يتطلعون إليه، بفضول في انتظار أن يجيب على سؤال المربي. نطق الحرف للمرة الثالثة بصعوبة، لكن ذلك لم يمنع الجميع من التصفيق، ومنهم بالطبع المربي لذي لم يخف ارتياحه للتقدم الملموس بين تلامذته « شعور لايوصف، أن تنجح في تطويع اللغة لدى هذه الفئة،وتقويم قدرات النطق لديهم وتمنحهم القدرة على التعبير ولو بشكل جزئي عن حاجياتهم البسيطة». يعلق المربي بارتياح. اكراهات.. وحالات انسانية المركز يستقبل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين ست سنوات وثمانية عشرة سنة، اختيار لم يكن عشوائيا، بل جاء نتيجة خلاصات استقرائية لاحصاء ميداني بالأحياء التي شملهاالبحث والمعاينات الميدانية التي أنجزتها الجمعية بعد تأسيسها سنة 1996 حول الأسر من الناحية الاجتماعية والصحية والنفسية، ونوع الصعوبات الملموسة للأسر في تعاملها مع الشخص المعاق ذهنيا، نتيجة غياب مؤسسات رسمية مهمتها تتبع حاجياته من الناحية التربوية والطبية، وباستثناء الخدمات المتواضعة للمؤسسات الاستشفائية ضمن أقسام الصحة النفسية. منذ أن وجد نفسه في مواجهة «اكراهات» رعاية إبنه سعيد (14 سنة)، ونظرته للعلاقات والأشياء المحيطة به، قذ طالها التغير، حيث أجبرته الظروف الصعبة على إلغاء أحلامه سواء تلك التي كانت لها علاقة بالزواج من جديد أو تغيير عمله، فقد رفض ترقيات عديدة ، وتملص من القيام بمسؤوليات مهمة في عمله فيقطاع التسويق كان من شأنها أن تحسن وضعه المهني « كنت كنخاف نبعد عليه إيلا جاتني خدمة جديدة..» لكن مصطفى الأب يعلق على هذه الطموحات بحسرة شديدة « شكون هاد لمرا لي غاديا تقبل بولد مريض بحال هادا لي ماقادرش اعتمد على راسو» كثيرا ما صادف وهو في بحثه عن طريقة ما لتوفير الرعاية لإبنه صعوبات لاتحد، خاصة نظرة الآخرين ،وطريقة تعاملهم مع إعاقة إبنه، سواء في الحي الذي يقطنه، أو عندما يحمله في عربته والذهاب به إلى المسشتفى المحلي « كولشي كيشوف فيك نظرة ديال الشفقة، ولكن قليل لي كيساعدك». بالنسبة لأمثال مصطفى فإن الحقيقة التي يجهلها الآخرون عن هؤلاء الأشخاص الذين يعانون الأمرين في التغلب على معاناتهم النفسية والاجتماعية تجعلهم يطلقون تفسيرات بعيدة كل البعد عن تقديم صورة لحجم الألم واليأس الذي يتخبطون فيه. وضع يدركه جيدا مدير المركز الذي يعترف في حديثه عن الجمعية التي ورغم حداثة اشرافها على مركز خاص بفئة المعاقين ذهنيا، فإنها قد راكمت تجربة في هذا المجال سواء من خلال البحث الميداني التي أنجزته لرصد واقع الإعاقة بالمدينة أو بعد توفير بنية استقبال تتوفر على كافة الشروط للتعامل مع فئة من الأطفال الذين يشكون من إعاقة ذهنية، « يكمن العائق الكبير الذي تواجهه الجمعية في صعوبة الوصول الى أماكن تواجد هذه العينة من المعاقين ذهنيا خاصة في المناطق الهامشية حيث لازال التستر وإخفاء المريض من السلوكات المنتشرة بقوة بين العائلات التي يوجد بين أفرادها فرد معاق». موقف يشاركه فيه الطبيب النفساني الذي مركز .. بقلب مفتوح « بقلب مفتوح، نتلقى جميع الملاحظات.. خاصة من الأسر المعنية، مهما كانت طبيعتها» مايفسر هذا التوجه، حسب ذ.أحمد الجرفي، أن المركز دأب على انجاز، استطلاعات بين الآباء وأولياء أطفال المركز « نستفسرهم عن نسبة رضاهم على عملنا التربوي والطبي، عن مستوى الخدمات، عن الاستقبال، ومدى استجابة الطفل للأنشطة المتعددة.. ». المعطيات التي يقوم المركز بقراءتها، أظهرت أن هناك تقدم ايجابي في عمل المركز والذي لم يمض على شروعه في استقبال هذه الفئة، سوى أربع سنوات. شهادات عدد من آباء الأطفال كانت أكثر قربا، الاحصائيات التي تتوفر عليها الجمعية وبعد أن كانت محصورة في الأحياء الفقيرة، ننتيجة التكتم الشديد الذي تواجه به محاولاتها في توسيع مجال عملها التطوعي، فإن « تفهم الآباء لدور المركز أحدث تحولا في نوع التواصل بين الطرفين، وسمح لنا بلقاء عدد كبير من الأسر بشكل مباشر» مسألة لايختلف معها رئيس الجمعية حسين محمد رجل تعليم متقاعد، والذي لايخفي ارتياحه لحصول المركز على رخصة مؤسسة للرعاية الاجتماعية، أمر اسيمكن حسب قوله من « الاستجابة لتطلعات الآباء، والجهات المسؤولة وكذا تجاوز هفوات الماضي، خاصة أن إنشاء هذا المركز التربوي والطبي الذين يعتبر الأول من نوعه بمدينة المحمدية، جاء بفضل المجهودات الذاتية للجمعية المشرفة، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية و عدد من المحسنين على مستوى المحلي والجهوي مما ملأ فراغا استمر لسنوات عديدة، كانت فيها أسر الأطفال تتحمل مشاق السفر ونقل أبنائها إلى مركز متخصص في العاصمة، ليتم إعادتهم في نفس اليوم الأمر الذي يزيد من تحملاتهم المادية والتأقلم مع نوعية التوقيت المعمول به في هذه المراكز. توسيع مجال العمل التطوعي، والشراكات من رهانات الهيئة المشرفة على المركز « سعينا منذ تأسيس هذه التجربة بالمدينة علىأن نتواصل عدد كبير من الأسر إلا أننا نصطدم بالتكتم والرفض خاصة في الأحياء الراقية ، فقد تم رصد حالات لاتتعلق بمعاقين ذهنيا من الفئة الفقيرة، بل في أحياء راقية» تقول إحدى المربيات بالمركز، حيث صادفت مشوارها وتجربتها الميدانية أسرة ترفض الحديث عن وجود فرد معاق بينها، وحسب شهادات بعض الجيران الذين كانوا يجهلون وجود طفل معاق لدى الأسرة، فإن هذه الأخيرة تستغل الفترات التي تقل فيها الحركة بالحي،لإخراج طفلتهم المعاقة ذهنيا من « مخبئها» ونقلها في سبارتهم في سرية تامة الى خارج المدينة، في الوقت الذي تسمح فيه امكانياتهم لنقلها الي مركز مختص، أو مؤسسة قادرة على الاهتمام بها بالعاصمة، والحرص على تلقينها سلوكات قد تخفف من إعاقتها، وتسهل عملية تواصلها مع محيطها المماثل. وتبين للعضوة أن الطريقة الغربية التي يتصرف بها هؤلاء مع طفلتهم المعاقة، تلغي مبررات غياب الامكانيات المادية لتوفير شروط عيش أفضل، والتأقلم مع إعاقتها. قبل الزوال، غادر الأطفال، قاعات التنشيط، وصعد الجميع إلى الطابق الثاني، حيث قاعة الأكل، والمطبخ، سارعت المربيات إلى تسخين الأكل، واعداد المائدة ايذانا بموعد تناول وجبة الغذاء « إنها ساعة الحسم، بالنسبة لأداء الطفل المعاق، تناول الطعام قد يبدو الأمر بديهيا للأشخاص الطبيعيين لكن في عدد من الحالات هنا، فالأمر هو بمثابة رحلة الألف ميل للتخفيف من الاعاقة بشقيها الذهني والحركي لدى» يعلق أحمد الجرفي بقلب مفتوح. لمركز إضافة بالمحمدية لسد الخصاص في مجال رعاية الطفل المعاق ذهنيا ثلاث أسئلة إلى ذ. أحمد الجرفي مدير مركز التضامن للطفل المعاق ذهنيا ماهي الإضافة التي شكلها حصول المركز على رخصة مؤسسة للرعاية الاجتماعية؟ بالرغم من الايجابيات التي جاء بها قانون مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالمغرب، بخصوص تدبير الخدمات الموجهة إلى مختلف الفئات التي تعاني الاقصاء والتهميش،وسد الفراغ القانوني الذي يعرفه ميدان المؤسسات التي تتكفل بالغير ورغم المساطر والدلائل المهمة التي واكبت المشروع، من حيث المساطر الإدارية، والمحاسباتية، الأمر الذي سيمكن من تفعيل دور المراقبة الدورية، فإن الملاحظ أن هناك غموض في التمييز بين فئة دون أخرى ، بدليل أن لكل مؤسسة طرق اشتغالها وأدواتها البيداغوجية والتربوية، كنموذج مؤسسات رعاية المعاقين التي تنفتح على تجارب ونظريات عالمية، أثبتت نجاحها وقدرتها في تحقيق نتائج مهمة في هذا المجال، خاصة النظريات والطرق البلجيكية، والكندية.. ماهي أهم الصعوبات التي يواجهها المركز حاليا؟ أولها صعوبة إقناع الآباء وأولياء هذه الفئة من الأطفال بأهمية التربية الخاصة، ودورها في اندماج الطفل المعاق ذهنيا داخل محيط أسرته، وفي المجتمع بشكل عام، وهذا راجع في نظري إلى سيادة أفكار خاطئة لازالت منتشرة بقوة داخل الأسر التي يوجد من بينها طفل معاق ذهني، إضافة إلى لامبالاة العديد من الجهات والمؤسسات خاصة الانتاجية بالمدينة، المهتمة بتقديم الدعم للجمعيات، والمؤسسات التي تهتم بالرعاية الاجتماعية لفئات كالأشخاص المعاقين، الذين يتمتعون بحقوق تضمنها الأعراف والقوانين، في العيش والاستفادة من الحقوق. هل تشكل محدودية الطاقة الاستعابية للمركز عائقا؟ المركز هو المؤسسة الوحيدة بالمدينة من هذا النوع، التي تقدم خدمات تربوية خاصة للفئة الأطفال المعاقين ذهنيا، والتوحيديين، إلا أنه ورغم توفره على كافة الشروط، والوسائل، والأدوات البيداغوجية والطبية بفضل المجهودات التي باشرتها الجمعية منذ تأسيسها سنة 1996 والهيئة المشرفة على التسيير التربوية منها والإدارية، فإن طاقته الاستيعابية، تظل محدودة، في انتظار تحرك ملموس للمجتمع المدني، لانشاء مراكز أخرى لتجاوز هذا الخصاص، خاصة مع وجود برنامج المباردة الوطنية للتنمية البشرية، وامكانية تمويل المشاريع المتكاملة في هذا المجال، مع العلم أن مشكل العقار بالمدينة ظل دائما العائق الرئيسي، لانشاء مراكز أخرى، ومؤسسات بامكانها امتصاص حجم الخصاص، والتخفيف من معاناة الأشخاص المعاقين ليس الذهنيين فقط بل كذلك التوحيديين .