على مرمى حجر من منبع عين السلطان، الخلابة طبيعته، والذي تتدفق مياهه رقراقة من أعالي جبال الأطلس المتوسط لتنساب وسط أشجار الصفصاف الباسقة، تعيش أسرة الحسين ألمو بدوار "إيدال"، التابع لإيموزار كندر، معاناة حقيقية في رعاية طفلتين كتب لهما أن تولدا معاقتين حركيا وذهنيا. مأساة إنسانية تلك التي يعيش تفاصيلها اليومية الزوجان الحسين ورقية، في صمت، داخل بيتهما المتواضع، المتكون من غرفتين، والذي يحتضن بين أسواره طفلتيهما المقعدتين سناء، ذات 14 سنة، ومنى، التي لم تكمل بعد ربيعها العاشر. طفلتان بريئتان لا تقويان على الحركة والكلام، وتكتفيان بالزحف نحو كل من يدخل بيت والديهما، محاولتين التشبث به، وكأنهما تنشدان الخلاص من واقعهما المرير، والعطف لحالهما الذي يوجع القلب ويدمع العين. عطاء من الله "كانت علامات الإعاقة واضحة على ابنتنا البكر سناء منذ ولادتها، لم نفكر في حملها إلى الطبيب إلا بعد أن بلغت 10 سنوات من عمرها"، توضح الأم رقية، مشيرة في تصريح لهسبريس إلى أن الطبيب أوضح لها أن حالة ابنتها عطاء من الله، ولا تعاني من مرض يمكن البحث له عن علاج. اكتفت الأم، التي أكدت أن زوجها ليس من أقاربها، بعرض فلذة كبدها لجلسة واحدة على "طبيب المخزن"، وعادت إلى بيتها راضية بقدرها الذي ابتليت به، ممنية النفس بعرض حالة ابنتها على طبيب في القطاع الخاص، لكن قصر ذات اليد وقلة الحيلة جعلها ترتكن إلى بيتها وتمد أكف الضراعة إلى السماء ليعضوها الله سبحانه وتعالى عن ابتلائها بأولاد في أتم الصحة والعافية. بعد أربع سنوات عن وضع الأم ذاتها لابنتها البكر، فتحت ابنتها الثانية منى عينيها على الدنيا، وما إن أطلقت الوافدة الجديدة صرختها الأولى في هذه الحياة حتى دمعت عينا أمها، ليس فرحا، ولكن ألما وغصة بعد أن اكتشفت أن رضيعتها تظهر عليها علامات الإعاقة مثل شقيقتها، فتعمقت جراح الأسرة، وتحولت سعادتها المنشودة إلى خيبة أمل كبرى. رحم المعاناة "هما في حاجة إلى من يساعدهما على الأكل والشرب، كما أن إعاقتهما تمنعهما من قضاء حاجتيهما في المرحاض"، توضح الأم رقية التي أشارت، راسمة على وجهها، المثخن بالألم، ملامح القهر والحزن، أن طفلتيها في حاجة، يوميا، إلى الكثير من "الحفاظات" كبديل لهما على استعمال المرفق الصحي. "لا يمكن لي مغادرة المنزل إلا للضرورة، هما تحتاجان إلى من يقف بجانبهما باستمرار، فالبنت الصغرى بمجرد ما أن تستيقظ، في الصباح، تبدأ في الصراخ، أما شقيقتها الكبرى فتدخل في نوبة من البكاء وتشرع في ندب وجهها"، توضح أم منى وسناء، مضيفة أنها رزقت قبل أربعة أشهر بولد ذكر تخاف عليه من أن يلحقه ضرر من شقيقتيه غير المتمتعتين بقواهما العقلية والجسدية. "حين أذهب إلى المستشفى لتلقيح ابني، ألتمس من الجيران أن يتكفلوا بطفلتي خوفا عليهما من أن يصابا بمكروه"، تورد الأم رقية، بنبرة حزن وألم، مشيرة إلى أن ابنتها البكر لا تقوى بتاتا على الحركة، بينما شقيقتها الصغرى تتلمس خطواتها زاحفة باستعمال يديها ورجليها. أب حائر "أنا أشتغل مياوما، وفي كثير من الأحيان أخرج، في الصباح، للبحث عن عمل قبل أن أعود إلى البيت خائبا بعد أن يتعذر علي إيجاد فرصة شغل"، يورد الأب الحسين ألمو، الذي اكتفى بالقول لهسبريس، وهو يمرر يده على رأس طفلته الصغرى ومحتضنا ابنته البكر، إن طفلتيه ليستا على ما يرام. "أصطحب البنت الصغرى معي، أحيانا، إلى الخارج بينما تكتفي سناء بالجلوس بباب المنزل"، يوضح الأب ألمو معاناته مع فلذتي كبده، مشيرا، بمرارة، إلى أن زوجته تتعذب كثيرا في رعاية طفلتيهما حينما يكون خارج البيت يبحث عن لقمة العيش. ويضيف الأب الحسين، الذي عبر عن حيرته بين البحث عن لقمة العيش ومساعدة زوجته في رعاية طفلتيهما، ووصف حالة ابنتيه قائلا: "هما لا تدركان ما يجري من حولهما؛ إذا تكلمت معهما لا يفهمان شيئا، وسناء تفضل أن تلعب لوحدها، أما منى فهي تشاركنا اللعب، وتحب من يحتضنها". مناشدة للدعم "هي أسرة، حقيقة، تعاني الأمرين في التكفل بطفلتيها المعاقتين بالكامل، خصوصا أن وضعها الاجتماعي هش للغاية، وتتخبط في فقر مدقع"، يوضح محمد السغروشني الإدريسي، عضو جمعية "أنا وكافل اليتيم" بإيموزار كندر، مبرزا، في حديثه مع هسبريس، أن الجمعية، التي ينشط في صفوفها، تغطي، فقط، جزءا يسيرا من احتياجات الطفلتين. "الطفلتان يلزمهما الكثير من الحفاظات يوميا، كما أن أسرتهما في حاجة إلى الدعم المادي والمعنوي للتخفيف من محنتها ووضعها الاجتماعي الصعب"، يؤكد الإدريسي، الذي أورد على أنه حين يزور بيت هذه الأسرة المكلومة تفرح الطفلة الصغيرة منى بقدومه كثيرا. الناشط الجمعوي ذاته لم يفوت الفرصة دون مناشدة الجمعيات والمؤسسات الخيرية والمحسنين الوقوف إلى جانب أسرة الحسين ألمو، وتوفير المستلزمات الضرورية لطفلتيه، تخفيفا من محنة هاته الأسرة التي يفاقم الفقر والهشاشة معاناتها. للتواصل مع هذه الحالة الإنسانية يُرجى الاتصال برب الأسرة، الحسين ألمو، على هاتفه الشخصي رقم: 0658177304