الصين: ارتفاع في إنتاج ومبيعات السيارات في فبراير 2025    توقعات طقس اليوم الأربعاء بالمغرب    أمن تطوان يجهض عملية تهريب 17 ألف قرص مخدر ويوقف أربعة متورطين    مفتي تونس: عيد الأضحى سُنة مؤكدة ولا يمكن إلغاؤه    أمن ميناء الناظور يحبط محاولة تهريب 26 كيلوغراما من المخدرات كانت متجهة صوب أوربا    باريس سان جيرمان يقصي ليفربول بركلات الترجيح ويتأهل لربع نهائي دوري الأبطال    الملك يزور ضريح جده محمد الخامس    أمطار الخير ترفع مخزون سدود الحوض المائي لأم الربيع إلى 84.5 مليون متر مكعب    دعم إفريقي لترشيح السيدة بوعياش لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    سان جرمان يتأهل إلى الربع بفوزه على ليفربول بركلات الترجيح    زلزال إداري يهز قطاع التربية الوطنية بعد إعفاء 16 مديرا إقليميا    انطلاق مسابقات تجويد القرآن الكريم في إطار رمضانيات طنجة الكبرى    انهيار مباغت لمنزل بالعكاري في الرباط.. وفاة سيدة واستنفار السلطات    تطوان.. حجز 17 ألفا و 505 من الأقراص الطبية "ريفوتريل" المخدرة وتوقيف أربعة أشخاص    تصوير الأنشطة الملكية.. ضعف الأداء يسيء للصورة والمقام    الحقائق تنتصر والشائعات تتلاشى    اتفاقية شراكة بين وزارة التجارة والصناعة و"التجاري وفا بنك" لتعزيز رقمنة التجار    أنفوغرافيك | المغرب ومؤشر القوة الناعمة العالمية لعام 2025    وهبي يقْسِم أنه لن يعدل المادة 3 من المسطرة الجنائية للتبليغ عن الفساد    الشرقاوي: وكالة بيت المال القدس الشريف نفذت أزيد من 200 مشروعا كبيرا لفائدة المقدسيين منذ إحداثها    إسرائيل تقترح تمديد وقف إطلاق النار بغزة 60 يوما    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا لتتبع تنزيل ورش الارتقاء بالمنظومة الصحية    إجراءات وهبي تثير الجدل.. الغلوسي: إعلان غير مباشر عن "حالة استثناء" في المغرب    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.. برشلونة أول المتأهلين إلى ربع النهائي بفوزه على بنفيكا    موكوينا يدخل في صراع مع جماهير الوداد    مغرب الحضارة الضرورة التاريخية : شركات عمومية للأمن الغذائي    أوكرانيا تقبل مقترح أمريكي بشأن هدنة لمدة 30 يومًا    أمطار الخير ترفع مخزون سدود الحوض المائي لأم الربيع إلى 84.5 مليون متر مكعب    فيديو: أمير المؤمنين الملك محمد السادس يترحم على روح المغفور له الملك محمد الخامس    هل الصيام يشفي القلب أم يشكل خطراً عليه؟ اكتشف الحقيقة مع الدكتور حفدي المهدي (فيديو)    جائزة القيادة في النوع الاجتماعي: البنك الدولي يكرم لُبنى غالب، عضو مجلس إدارة مجموعة طنجة المتوسط    مطالب برلمانية بالكشف عن أسباب ارتفاع صادرات زيت الزيتون رغم تراجع الإنتاج    مجلس الحكومة يتدارس مرسوماً متعلقاً ب"طنجة تيك" يوم الخميس    العراق يملك واحدا من أعلى احتياطيات الذهب عربيا ب162طنا    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    الناصيري ينفي الإساءة إلى حجيب    تلوث الهواء يطال 14 مدينة هندية    الشابي يشيد بقتالية الرجاء بعد الفوز على النادي المكناسي    صيدلاني يشجع الشك في "الوعود الدعائية" للعقاقير الطبية    علماء: الإكثار من الدهون والسكريات يهدد المواليد بالتوحد    نهضة الزمامرة يعيّن الفرنسي ستيفان نادو مدربًا جديدًا خلفًا لبنهاشم    المسرح يضيء ليالي الناظور بعرض مميز لمسرحية "الرابوز"    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم مشاريع النشر والكتاب هذا العام    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    قمة ‬جزائرية ‬تونسية ‬ليبية ‬لنسف ‬القمة ‬العربية ‬الطارئة ‬في ‬القاهرة    حتى ‬لا ‬تبقى ‬الخطة ‬العربية ‬الإسلامية ‬لإعمار ‬غزة ‬معطلة ‬    تنظيم الملتقى الأول ل''رمضانيات السماع و المديح للجديدة    الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.. من الشعارات الانتخابية إلى محكّ السلطة    الجديدي يفرض التعادل على الحسنية    ‬"وترة" يدخل دور العرض بعد رمضان    شخصيات عربية وإفريقية وأوروبية بارزة تنعى الراحل محمدا بن عيسى    برعاية إبراهيم دياز .. أورنج المغرب تطلق برنامج Orange Koora Talents    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبير مغربي بفرنسا: لماذا يعتبر التمويل الإسلامي مخيفا؟
نشر في هسبريس يوم 16 - 02 - 2015

إن ما يميز التمويل الإسلامي عن التمويل التقليدي هو اعتماده لمقاربة مختلفة بالنسبة لقيمة الرأس المال وقيمة العمل، بحيث يستند التمويل الإسلامي على تقاسم الربح والخسارة، ويحظر أي فكرة تتعلق بأجر ثابت منفصل عن المردودية التي توفرها الأصول الملموسة (Actifs tangibles.).
عرف التمويل الإسلامي منذ نشأته خلال سنوات السبعينات، تطورا كبيرا ونموا مطردا على المستوى العالمي. وأصبح يفرض نفسه بقوة كمنافس للتمويل التقليدي، إذ وصلت نسبة نموه إلى 17.6 % ما بين سنتي 2009 و2013. وهكذا، أصدر البنك المركزي للبحرين أول السندات الإسلامية السيادية (صكوك) خلال سنة 2001. وارتفعت إصداراته بنسبة 35 % في المتوسط خلال الفترة 2002-2012، رافعا بذلك السندات ذات الأصول الإسلامية من مستوى 4 ملايير إلى مستوى 83 مليار دولار أمريكي. ومن المتوقع أن تبلغ نسبة تطور السندات الإسلامية عبر العالم 19.7 % سنويا إلى حدود سنة 2018.
فقد تجاوزت الأصول المالية الإسلامية العالمية 2.000 مليار دولار أمريكي سنة 2014، ومن المحتمل أن تصل إلى 3.400 مليار دولار أمريكي سنة 2018 ثم 4.000 مليار دولار أمريكي عام 2020.
وتتوفر كل من قطر واندونيسيا والمملكة العربية السعودية وماليزيا والإمارات العربية المتحدة وتركيا (باستثناء إيران) على 78 % من الأصول المصرفية الإسلامية العالمية.
80 % من هذه الأصول يتم استغلالها من طرف البنوك الإسلامية أو من طرف بعض الوحدات المصرفية في البنوك التقليدية التي تتعامل بالطريقة الإسلامية، أما ال 20 % من الأصول المتبقية، فتتوزع على الشكل التالي: 15 % على شكل سندات إسلامية (صكوك)، و4% تم استثمارها في صناديق الاستثمار الإسلامية و1% على شكل تأمينات إسلامية ترتكز على الضمان المتبادل (التكافل).
انخرطت العديد من الدول الغربية في سيرورة التمويل الحلال، بحيث أنشأت أستراليا سنة 1989 أول مكتب تمويل إسلامي لها، وانخرطت سنة 2010 في جبايته. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، أحدثت بورصة نيويورك أول مؤشر داو جونس تجاري إسلامي (Dow Jones Islamic Market). كما أن بورصة تورونتو أحدثت سنة 2009 مؤشر الشريعة (TSX) كمؤشر بورصة إسلامي.
أما في آسيا، فقد ألغت سنغافورة سنة 2005 الازدواج الضريبي على المعاملات الإسلامية وأنشأت سنة 2007 أول بنك إسلامي بها. كما أن هونغ كونغ وضعت سنة 2007 أول مؤشر بورصة إسلامي لها (مؤشر هانغ سنغ للصندوق الإسلامي للصين) .« Hang Seng Islamic China Index fund» واعتمدت اليابان سنة 2009 قانونا يسمح للبنوك بإصدار المنتجات المالية الإسلامية، وقامت سنة 2011 بإصلاحات ضريبية تتلاءم مع هذا النوع من المنتجات المالية.
وفي أوروبا، تعتبر بورصة اللوكسبورغ أول مؤسسة مالية أوروبية تعتمد سنة 2002 سندات إسلامية قابلة للتداول، والمملكة المتحدة أول دولة أوروبية تسمح سنة 2004 بفتح بنوك إسلامية، وقد اتخذت لهذا الغرض مجموعة من الإجراءات الضريبية تهدف إلى تطوير المالية الإسلامية. كما أن بورصة لندن قد اعتمدت أولى الصكوك سنة 2006.
في فرنسا، سلم البنك المركزي سنة 2009 أولى التراخيص لأنشاء بنوك إسلامية، كما قامت الحكومة الفرنسية خلال نفس السنة بأولى التعديلات الضريبية والقانونية لملاءمتها مع المالية الإسلامية.
انخرط المغرب في هذه الحركية سنة 2007 عندما رخصت السلطات المغربية للبنوك التقليدية بتنويع سلة خدماتها وتقديم عروض محدودة من المنتجات المالية البديلة تتوافق مع الشريعة الإسلامية. وفي سنة 2009، لاءم المغرب جبائيا منتوج المرابحة على مستوى الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة وواجبات التسجيل.
وفي سنة 2013، صادق على قانون يسمح بتوسيع نطاق الأصول المؤهلة إلى نطاق تسنيد الديون باستبدال مفهوم الدين بفكرة الأصول المؤهلة، التي تضم الأصول الثابتة (actifs corporels) أو المنقولة أو غير المنقولة.
وسيشجع هذا القانون على ظهور سوق للصكوك بالمغرب. كما تم في أواخر سنة 2014 المصادقة على القانون 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، الذي يضم قسما (القسم الثالث) خاصا بالبنوك التشاركية.
على مستوى التصنيف، يحتل المغرب درجة "BBB –" التي تعادل النقطة الأخيرة في درجة الاستثمار (catégorie Investment Grade). خلال شهر يونيو 2014 بلغ جاري الدين العمومي 587 مليار درهم، تخص 140 مليار درهم منها الديون الخارجية، على أساس متوسط نسبة للفائدة حددت في 5.2 % بالنسبة للدين الداخلي و3 % بالنسبة للدين الخارجي.
يمكن للمغرب، في هذا السياق الاقتصادي والمالي المتوتر، أن يصدر صكوكا سيادية كحل بديل من أجل تحسين تمويل ديونه العمومية، كما هو شأن المملكة المتحدة التي أصدرت وزارة الخزينة لديها خلال شهر يونيو من السنة الماضية 2014 سندات دين سيادية على شكل صكوك لمدة 5 سنوات بسعر أداء سنوي يبلغ 2.06 % وتاريخ للاستحقاق محدد في 22 يوليوز 2019. وقد مكن هذا الإصدار وزارة الخزينة البريطانية من الحصول على 200 مليون ليرة إسترليني (322 مليون دولار أمريكي). كما أن هذه الصكوك قد تميزت بارتفاع كبير وهائل للطلب عليها من طرف المستثمرين سواء المتواجدون بالمملكة المتحدة أو المنتمون للمراكز الرئيسية للتمويل الإسلامي في جميع أنحاء العالم، وقد بلغ رصيد هذه الصكوك 2.3 مليار ليرة إسترليني.
كما اكتتبت بهذه الصكوك كذلك صناديق سيادية وبنوك مركزية ومؤسسات مالية عالمية. وبهذه الإصدارات، أصبحت بريطانيا أول دولة غربية تلجأ إلى إصدار صكوك سيادية تدفع نحو تعزيز دورها كمعقل للتمويل الإسلامي.
ولتشجيع وتسريع وتيرة إنشاء مؤسسات التمويل الإسلامي وتحفيزها على النمو والتطور، أصبح من اللازم على المغرب أن يضع إطارا جبائيا-قانونيا مناسبا، مرنا وجذابا خاصا بهذا النوع من التمويل، لأن التجربة أثبتت صعوبة تطبيق المنتجات المالية الإسلامية في الأنظمة التقليدية بسبب النظام الضريبي المعتمد غير العادل بالنسبة لهذا النوع من المنتجات المالية.
في الوقت نفسه أثبتت التجارب كذلك على أن التمويل الإسلامي قد عرف نجاحات في مناطق من العالم حيث المستوى الضريبي جد منخفض.
وانطلاقا من ذلك، أصبح المغرب مطالبا باتخاذ قواعد جبائية توفر ما يلزم من الأمن ووضوح الرؤية للمستثمرين، لأن اعتماد ضريبة جذابة وتناسب كل المنتجات المالية الإسلامية وتتناسب مع خصائصها وأدواتها أصبحت تفرض نفسها من أجل القضاء على الاختلالات التي تسببت فيها القواعد الضريبية التقليدية.
وعلى أساس ذلك، تعتبر الصكوك سندات مالية إسلامية تختلف تماما عن السندات التقليدية. فهي مصادر تمويلية مركبة، مؤهلة كي تصبح أموالا شبه خاصة، كما أنها تعتبر جزءا من الأصول الأساسية، التي يوافق تاريخ استحقاقها تاريخ نهاية المشروع الأساسي وليس تاريخ استحقاق القرض.
فالمكتتبون في هذه السندات ليس لهم دخل قار، بل يشاركون في الأرباح والخسائر الناتجة عن استغلال أو بيع الأصول الأساسية. ولذلك، يجب أن تعتبر المقاربة الجبائية المتبعة الصكوك كأدوات للدين.
وعليه، لا بد من اعتبار الأجور المدفوعة لحاملي هذه الأصول كفوائد تخصم عند صاحبها الأصلي. أما بالنسبة لغير المقيمين، فينبغي أن يستفيدوا من إعفاءات ضريبية مناسبة وجذابة.
الإجارة عقد يضع بموجبه شخص أصلا منقولا أو غير منقول (actif mobilier ou immobilier) رهن إشارة زبون لفترة محددة مقابل إيجار.
وتمنع المحاسبة على أساس الاستحقاق تسجيل هذا الأصل لدى المستأجر، بينما ذلك ممكن في معايير التقارير المالية الدولية (International Financial Reporting Standards = IFRS)، باعتبار أن جميع المنافع والمخاطر تنقل إلى المستأجر.
لذلك، يجب على المعاملات الجبائية أن تعتبر عقد الإجارة عملية نقل ضمني لملكية الأصل العقاري إلى المستأجر وتسجله كدين في صافي استثمار الإيجار.
أما المرابحة، فيتم التعامل معها كعقد بيع يسلم بائع بموجبه أحد الأصول إلى ممول إسلامي، يبيعه هذا الأخير بدوره لمستثمر مقابل سعر يتسلمه لاحقا على شكل دفعات (بيع بالتقسيط)، على أن تعتبر المقاربة الجبائية الربح المالي المؤدى كسداد للدفعة المؤجلة للفوائد التي يجب احتسابها وفق طريقة تحديث التدفقات النقدية المخصومة طيلة فترة استعمال الأداة المالية، وذلك على الرغم من أن عملية التحديث محظورة في المالية الإسلامية.
فالعديد من نقاط الضعف والمعيقات الداخلية والبنيوية سوف تقف حجر عثرة أمام اعتماد ونجاح المالية الإسلامية بالمغرب، مما يتطلب القيام بسلسلة من الإصلاحات المالية والقانونية والجبائية الأساسية من أجل تمكين المغرب من أن يكون مرجعا يحتذى به في مجال المنتجات المالية البديلة.
----
ظهير شريف رقم 1.13.47 صادر في فاتح جمادى الأولى 1434 (13 مارس 2013) بتنفيذ القانون رقم 119.12 المغير والمتمم للقانون رقم 33.06 المتعلق بتسنيد الديون والقانون رقم 24.01 المتعلق بعمليات الاستحفاظ.
يتكون سلم التنقيط ستاندرد اند بورز ((Standard & Poor's من 21 تقييمات تبتدأ بالتصنيف AAA (درجة الاستثمار) إلى D (عسر في الأداء). تصنيف المغرب في BBB يتوافق مع المرتبة 10. المرتبة 11 BB + تعني التواجد في منطقة الخطر المالي المؤشر على المضاربة.
*أستاذ باحث بمركز البحوث الأوروبية في مجال التمويل والإدارة بجامعة باريس دوفين | مستشار مالي ومحقق بمديرية التحقيقات الوطنية والدولية بوزارة الاقتصاد والمالية بفرنسا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.