من أبرز مستجدات القانون المالي لسنة 2017 الإذن للحكومة بإصدار صكوك إسلامية كأدوات جديدة لتمويل الخزينة، تتميز بمطابقتها للشريعة الإسلامية. ويعتبر توفير سوق مالي خاص بمثل هذه الأدوات شرطا ضروريا لانطلاق المعاملات المالية الإسلامية. فبدون وجود سوق (حلال) للسندات السيادية والأدوات المالية والاستثمارية المطابقة للشريعة لا يمكن لصناعة التكافل الإسلامي (التأمين الإسلامي) أن تقوم لها قائمة، وفي غياب هذه الصناعة لا يمكن للبنوك التشاركية أن تمارس نشاطها، وبالتالي فإن قيام الحكومة بمثل هذا الإصدار يعتبر بمثابة اللبنة الأولى لقيام صرح المالية التشاركية التي طال انتظارها بالمغرب. كما تحتاج البنوك الإسلامية نفسها إلى وجود سوق للصكوك الإسلامية باعتبارها أداة ضرورية في مجال تدبير السيولة البنكية وتوظيف الفوائض المالية للبنوك التشاركية. ونص قانون المالية 2017 في أحد فصوله على إصدار الصكوك دون ذكر المبلغ، إلا أنه في سياق الإذن بالاقتراض الذي منحه للحكومة أشار إلى أن بإمكانها "إصدار اقتراضات وكل أداة مالية أخرى" في حدود 47 مليار درهم بالنسبة للاقتراض الداخلي، وفي حدود ما يعادل23 مليار درهم بالنسبة للاقتراض الخارجي، موضحا في ملاحظة مرفقة أن هذه الأرقام تأخذ بعين الاعتبار "إصدار الصكوك تمشيا مع دخول المنتوجات المالية البديلة حيز التطبيق". وبالتالي فإن بإمكان الحكومة أن تقوم بإصدارات داخلية، والتي من شأنها أن تؤسس لسوق مالية إسلامية مغربية، كما يمكنها أن تقوم بإصدارات خارجية ستمكنها من تعبئة الأموال الدولية الباحثة عن أدوات توظيف واستثمار مطابقة للشريعة. وللإشارة فإن أموال صناعة التكافل الإسلامي الرائجة عبر العالم يقدر بنحو 16 مليار دولار، مصدر منها 8.8 مليار دولار من بلدان الخليج، وتبحث هذه الأموال عن فرص وأدوات مطابقة للشريعة من أجل تمويل وتنويع استثماراتها. وتضمن قانون المالية إجراءات ضريبية خاصة تهدف إلى منح الحياد الضريبي للصكوك الإسلامية وجعلها على قدم المساواة مع باقي أنواع السندات، غير أنه حصر هذا الامتياز على الصكوك التي تصدرها الدولة ولم يوسعها للصكوك التي تصدرها الشركات والمؤسسات الخاصة. وبهذا الصدد نص قانون المالية 2017 على إخراج "عائدات التفويت المتأتية من عمليات شهادات الصكوك الصادرة عن صناديق التوظيف الجماعي للتسنيد" من لائحة العائدات الخاضعة للضريبة على الشركات، غير أنه اشترط أن "تكون المؤسسة المبادرة هي الدولة". كما أدرج القانون في لائحة الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة "العائدات المترتبة عن عمليات التسنيد لإصدار شهادات صكوك من طرف صناديق التوظيف الجماعي للتسنيد، عندما تكون المؤسسة المبادرة هي الدولة، وكذا مختلف العمولات المرتبطة بها". وتم إدخال هذه الإجراءات الجديدة ضمن التعديلات التي اقترحتها الحكومة خلال مناقشة قانون المالية في الغرفة الأولى. وأشارت الحكومة في تبريرها لهذه التعديلات إلى أنها تهدف "إلى ملائمة النظام المطبق على شهادات الصكوك المصدرة لفائدة الدولة مع النظام المطبق على سندات الخزينة فيما يتعلق بالحياد الضريبي المرتبط بعمليات إقراض السندات، على اعتبار أن الأمر يتعلق بأداة مماثلة لتمويل الخزينة. كما أن هذا التعديل يندرج في إطار مواكبة الأدوات المالية التشاركية الجديدة وتشجيع الاستثمار في هذه الأدوات". وأضافت أنه "على غرار الإعفاء الذي تستفيد منه الفوائد المترتبة على السلفات والقروض الممنوحة للدولة، يقترح تمتيع عمليات التسنيد عندما تكون المؤسسة المبادرة هي الدولة، من الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة دون الحق في الخصم على العائدات المترتبة عن صكوك صناديق التوظيف الجماعي للتسنيد وكذا مختلف العمولات الممنوحة لقاء عمليات التسنيد المنجزة وفقا للقانون المتعلق بتسنيد الأصول والمتعلقة بالصكوك المذكورة". وللإشارة فإن الصكوك الإسلامية عرفت توسعا كبيرا خلال العشر سنوات الأخيرة عبر العالم ليبلغ حجهما 730 مليار دولار في نهاية سنة 2015 حسب صندوق النقد العربي. وللاستفادة من هذه الأدوات التمويلية الجديدة أصدر المغرب قانونا خاصا بتسنيد الديون تحت 06-33 والذي تضمن المقتضيات المنظمة لإصدار وتداول الصكوك.