صَبَّتِ الزميلة شامة برشول في مقاليْ رأيٍ نُشرا في هذا الركنِ جامَّ غضبها على الإعلام الأمريكي والفرنسيّ "المُوجَّه"، بحسب تعبيرها، وخصّتْ قناة "الحُرّة" وإذاعة "سَوا" الأمريكيّتيْن، وقناة "فرنسا 24" الفرنسية، بهجومها. مِن حقّ الآنسة شامة أن تنتقدَ الإعلام الأمريكي والفرنسيّ "الموجَّه"، ومن حقّها أن تصفَ قناة "الحرّة"، وإذاعة "سَوا"، وقناة "فرنسا 24"، بأنها قنوات إعلامية موجّهة من طرف وزارتيْ خارجيّتيْ فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية. ولا حقَّ لأحدٍ أن يُنازعها حقّها هذا، غيْرَ أنّ موقفَ الآنسة شامة برشول كانَ سيحْظى بقسْطٍ من الصّدْق لوْ أنّها رفضتْ، من الأصْل، الالتحاقَ بالمؤسسة الإعلامية التي تبثّ قناتي "الحرة" و"سَوا"، شهرَ غشت من السنة الماضية. أمَا وأنّها قَبِلتْ، بفرح شديد، انتقاءها من طرف المؤسّسة الإعلامية الأمريكية "الموجّهة"، (والانتقاءُ معناهُ أنّها هيَ من تقدّمت بطلبِ الالتحاق بالمؤسّسة)، و"صَبَرتْ" حتّى أتمّت الإجابة عن الأسئلة التي بعثتْ لها بها إدارة المؤسسة، فإنّ هجومها على القناتيْن، اليوم، يَفتقدُ إلى الصّدق وإلى الإقناع. ففي فقرةٍ من مقالها الموسوم بعنوان "يوم كنتُ "مخبرة للأمريكان" بدرجة "صحفية"، تقول شامة، وهي َ تتحدّث عن مقابلة القبُول التي أجراها معها مسؤول مخابراتي أمريكي -بحسب تعبيرها- يعمل لفائدة المؤسسة الإعلامية الأمريكية "كنتُ أرد عليه بردود تقنعه هو حتى وإن كنت أنا لا أقتنع بها". فَلمَاذا، إذنْ، لمْ تطْوِ الآنسة شامة ملفَّ طلبِ التحاقها ب"البوق الإعلامي للخارجيّة الأمريكيّة"، وقد اكتشفتْ، منذ أنْ وضعتْ رجلها الأولى على عتبة باب المؤسسة الإعلامية التي تبثّ قناتيْ "الحرة" و "سَوا"، وتقولَ للمُخبر الأمريكي الذي قابَلها "عفْواَ سيّدي، أنا صحافية ولنْ أكونَ عميلة مخابرات لبلدكم"؟ ولا نعتقدُ أنّ الآنسة درشول ستملك الشجاعةَ للردِّ على هذا السؤال، فقدْ بذلتِ الغالي والنفيس من أجل الالتحاق براديو "سَوا"، وقد التحقتْ بالإذاعة فعْلا، وعملتْ بها لفتْرة قصيرة، غيْر أنَّ مقامها في الإذاعة لم يدُمْ طويلا، ونطلبُ منها، هنا، أنْ تشرح لنا سبب مغادرتها ل"بوق الخارجيّة الأمريكية" هذا، كما وصفتِ الإذاعة. على الآنسة شامة أن تتحلّى بقدْرٍ من الشجاعة وتشرحَ -لِمنْ لا يعْرف- سبب "مغادرتها" القناة الأمريكية، وأنْ تشرَح لقُرّائها، أيضا، سبب استماتتها في البقاء في المحطة الإذاعيّة، لمدّة ثلاثة أشهر كاملة، قبْل أن يُغلِقَ مسؤولو الإذاعة الأبواب في وجْهها بصفة نهائية، وعندمَا أقْفلت الأبواب في وجْهها أدارتْ عقاربَ موقفا ب180 درجة، وصارتْ معارضة شرسَةً للقناة. الآنسة شامة نبّهت قُرّاءها إلى أنّ الكبار (وتقصدُ الدّول الغربية الكبرى، وتحديدا أمريكاوفرنسا)، "قدْ يستعملون كلّ شيء للفوز، بمنْ فيهم أنت (القارئ)"، وحّذرتْهم من الانسياق وراء الدعاية الإعلامية الأمريكية والفرنسية، وهذا حقُّها، غيْرَ أنّها نسيتْ أنّها كانتْ في فترة جُزءً من هذه الدعاية الأمريكية المُتآمرة على الشعوب العربية، وكانتْ ستبقى، لولا أنّ الرياح جرَتْ عكْسَ ما كنت تتمنّى! نقولُ للآنسة شامةَ إنّ السياسةَ مصالحُ ولا مكانَ فيها للعواطف، لذلك فمنْ حقّ الولايات المتّحدة الأمريكيةوفرنسا، وغيرهما من الدول الغربيّة أن تخلقَ قنوات تلفزيونية وإذاعية تتبنّى خطابَ وزارات خارجيّتها، وبَدَلَ أن تنتقدَ هذه الدّولَ كانَ عليْها أن نتقدَ المغرب، وباقي البلدان العربيّة، لعجْزها عن إنشاء قنوات تستطيع أن تُؤثّر في الرأي العامّ الغربيّ. إنّ السؤال الذي يجبُ على الآنسة شامة أن تطرحَه هو لماذا يُقبلُ المواطنون المغاربة على مشاهدة قناة "فرنسا 24"، و "الحرّة"، وقناة "الجزيرة" (الناطقة باسم دولة قطر)، والاستماع إلى راديو "سَوَا"، ولماذا كان آباؤنا حتى قبل ظهور هذه القنوات يستمعون إلى إذاعة ال"بي بي سي" البريطانية، ولا يستمعون أو يشاهدون الإذاعات والقنوات المغربيّة الرسمية؟ لا تلومي أمريكا ولا فرنْسا على شيء يا آنسة شامة، فكُلّ دولة تدافع عن مصالحها الخارجيّة وهذا حقّها؛ المهمّ أن مواطني ومواطنات هاتيْن الدّولتيْن الديمقراطيّتيْن وغيْرهما من الدّول الغربيّة الديمقراطية يرْفَلون تحت ظلال الديمقراطية، (ولا شكّ أنّك وقفْت على ذلك إبّان مقامك في الولاياتالمتحدةالأمريكية)، ومن حقّ حُكّام هذه الدول نهْجَ كلّ السُّبل لتحقيق مزيدا من الرفاه لشعوبهم. دَعي عنْك حُكّام الغرب وتنبّهي إلى ما يقوم به حُكّام هذا "التابوت الممتدّ من الماء إلى الماء"، كمَا سمَّاهُ الشاعر السوري الراحل محمد الماغوظ، الذينَ لا هَمَّ لهم غيَر الدفاع عن مصالحهم، ونهْب الثروات، ولتذهب الشعوب إلى الجحيم. لُومي هؤلاء الديكتاتوريين المستبدّين يا شامة، وانْتقدي إعلامهم العليلَ مثل أجسادهم، أمّا الإعلام الأمريكي والفرنسي "الموجّه" فتكفيكِ كبْسةُ زرّ على "الريموت كونترول" لتتافديْه، إنِ اسْتطعتِ! [email protected] https://www.facebook.com/mohamed.erraji2