في الوقت الذي بدا فيه مامون بوهدود، الوزير المكلف بالمقاولات الصغرى والمتوسطة، غير ملم بواحد من أقدم ملفات هذا القطاع بالمغرب، لم يتردد أحمد رضا الشامي في دعوة الحكومة إلى تنازلها عن ديونها المستحقة على هؤلاء المقاولين منذ ما يزيد عن 25 سنة. وأكد أحمد رضا الشامي، وزير التجارة والصناعة السابق، أنه يتعين على الحكومة أن تعفي هؤلاء المقاولين الشباب من ديونهم، ومحاولة إيجاد حلول لتحفيزهم، وتحفيز باقي الشباب، لخوض تجربة المبادرة الحرة من خلال مبادرات تشجيعية مجزية. وجوابا على سؤال لهسبريس حول مشكل المقاولين الشباب العالق منذ أزيد من ربع قرن، بدا الوزير بوهدهود غير ملم بملف 2200 مقاول شاب توجد في ذمتهم نحو 200 مليون درهم، من أصل 12 ألف مقاول ممن حصلوا على قروض مالية بداية تسعينات القرن الماضي لتمويل مشاريعهم. تجاهل حكومي وقال منصف الكتاني، رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن، إن نسبة فشل مشاريع المقاولين الشباب التي لم تتعد 20 في المائة بالمغرب، تعتبر إنجازا في حد ذاته حيث إن هذه النسبة تفوق 35 في المائة في فرنسا، على سبيل المثال. وأورد الكتاني، في تصريح لهسبريس، أنه "من غير المعقول أن نجد مسؤولا حكوميا مشرفا على قطاع المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، يجهل معاناة 2200 من المقاولين الشباب، التي تتواصل منذ نحو 25 سنة". وأضاف رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن إن الوزير بوهدود لا يعلم شيئا عن هذا الموضوع، لأن هذا الملف غائب عنه، وهو أمر غير عاد"، منتقدا ما أسماه لجوء الحكومات المتعاقبة، بما فيها حكومة بنكيران، إلى "تجميد الملف منذ أزيد من 20 سنة". وأضاف الكتاني أن الاتحاد العام للمقاولات والمهن "طالب الحكومة بإنجاز دراسة معمقة للمشاكل التي يتخبط فيها المقاولون، لكننا لمسنا أن أيا من الوزارات لم ترغب في تحمل مسؤوليتها". ولفت المتحدث إلى أنه ليست هناك مشاريع لتتبع المقاولين الشباب، مردفا "أن الحكومة الحالية لا تتوفر على برنامج حقيقي لتشجيع حاملي المشاريع خاصة الشباب، فقد تخلت عن برنامج مقاولتي، وكذا مبادرة المقاولين الشباب". مفاوضات شاقة وكان المقاولون الشباب قد دخلوا، قبل أزيد من 15 سنة، في مفاوضات شاقة مع العديد من المتدخلين الرسميين، من أجل بحث سبل حل مشكل المقاولين الشباب الذي ظلوا يتخبطون فيه، خاصة بعد أن رفضت مجموعة من المؤسسات البنكية إعادة جدولة ديون الشباب المقاول، وهو ما فاقم مشاكلهم. ويرى متتبعون أن معالجة هذا الموضوع لا تنحصر فقط عند إعادة النظر في متأخرات المتراكمة على كاهل الشباب، والمطالبة بمعدلات فائدة تفضيلية فقط، بل يتعين بحث الأسباب الحقيقية وراء تعثر هذه المشاريع، والتي لا تقف بالضرورة عند الجوانب المالية. ويؤكد الكتاني إن المشكل له علاقة بطرق التسيير والاختيارات المرتبطة بنوعية المشاريع، والمؤهلات التكوينية للمقاولين الشباب، وبالتالي يتعين تصنيف هذه المشاريع حسب طبيعتها للوقوف على حاجياتها في مجال التدبير والتكوين ومجالات تصريف خدماتها. وذهب الكتاني إلى أن فترة ربع قرن، التي مرت على تجربة قروض المقاولين الشباب، تعد فترة كافية لتكون موضوع الدراسة والبحث، وللوقوف على الجوانب المرتبطة بنوعية المشاريع المختارة. ويرى مراقبون أن أغلب المقاولين الشباب انكبوا على مشاريعهم بدون دراسة جدوى، وغياب المصاحبة من طرف البنوك والدولة لإنجاح تجربة المقاولين الشباب، بينما من الضروري أن يكون تمويل المشاريع مرتبطا بجدوى المشروع بعيدا عن الزبونية.. ويقر المهتمون بأن هناك صعوبات فعلية، ترتبط أولا بالسوق الداخلي وضعف القوة الشرائية للمواطن، إضافة إلى صعوبات أخرى مرتبطة بارتفاع معدلات الفائدة أثناء حصول هؤلاء المقاولين الشباب على قروضهم، في ظل غياب منافسة بين البنوك.