كعادته نهاية كُل سَنة، تحول ضريح الحاخام "دافيد بن باروخ" الواقع بمقبرة "أغزو نباهمو" بجماعة تنزرت التابعة لنفوذ تارودانت الترابيّ، إلى محج احتفالي كبير لمّ الطائفة اليهودية المغربية إلى جانب يهود جاؤوا من إسرائيل وتونس وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية..، حيثُ احتفى الجميع ب"الهيلولة"، الموسم الديني المقدس لدى اليهود على مدار قرنَين من الزمن. ويصادف الاحتفال ب"الهيلولة"، التي تعني "سبحوا الله"، ليلة 25 دجنبر من كل عام، الذي يساوي في التقويم اليهودي يوم "3 طبيبط"، في وقت تتوزع فيه طقوس الاحتفالات بين الصلاة والدعاء والتبرك بروح ولي اليهود الصالح، الحاخام "دافيد بن باروخ"، الذي توفي عام 1760، فيما يسبقها بأسبوع إيقاد 9 شموع فوق مجسم ينصب وسط ساحة الضريح. قصة الطائفة اليهودية مع الشموع تستمر في هذا الموسم السنوي، الذي ينظم في الجنوب المغربي، مع طقس "الشعالة"، حيث يعمد عدد من زوار ضريح الحاخام الدفين، إلى إشعال الشموع داخل ساحة الضريح وخارجها، قبل أن يتوجه الجميع إلى حضور طقس الذبيحة، الذي يعد حدثاً مركزيّا في الاحتفالات. لا يهم إن كان القربان الذي يتبرك به اليهود للضريح، ذبيحة من صنف الأبقار أو الخرفان، إذ الأهم أن تُنحر للدّفين سليمة وقابلة للأكل والتوزيع على زوار الضريح، الذين يعدون بالمئات خلال المناسبة السنوية العالمية، التي يحضرها أحد أحفاد لحاخام "دافيد بن كوهين" إلى الضريح قبل أسبوعين من انطلاق الحفل السنوي، قصد تهيئة الأجواء، واستقبال الزوار، الذيناعتادوا المشاركة في الموسم وزيارة الضريح منذ 220 عاما، والقادمين من مختلف بقاع العالم ومن مدن المغرب. وصاحب يوم الافتتاح الرسمي للموعد الديني اليهودي، تعزيزات أمنيّة مشددة، إلى جانب حضور رجال من السلطات المحلية، كعامل إقليمتارودانت وكاتبه العام وعدد من البرلمانيين والمستشارين ورؤساء بالمصالح الخارجية، قبل أن يتوجه أحد حفدة "دافيد بن باروخ" التاريخيّين، إلى تلاوة القداس اليهودي باللّغة العبريّة، ويتضمن أدعية وأذكاراً، يختتم بالدعاء للأسرة الملكية. يشار إلى أن احتفالات "الهيلولة" بالمغرب تتوزع على عدد من المناطق المغربية وطيلة شهور السنة، حيث يحج المئات من يهود العالم إلى الأضرحة قصد التبرك بروح أجدادهم الأصليين، وتبقى أبرز تلك "الهيلولات"، موسم "الراضي إسحاق أبي حصيرة" بأرفود، وموسم "حاييم بينتو" بالصويرة، وموسم "أولياء بن زميرو السبعة" بآسفي وموسم "إسحاق بنوليد" بتطوان. وتسبق تلك الاحتفالات التي تُقامُ في عدد من مناطق المغرب كل عام، وتعرف إقبالا كبيرا من طرف الطائفة اليهودية بالمغرب ويهود العالم، حراسة أمنية لصيقة على محيط المقابر والأضرحة المقصودة، وهي الحراسة التي تطال أيضا الفنادق ودور الضيافة التي ينزل بها الضيوف والسياح من الجالية اليهودية.