الرحلة إلى قرية "أغزو نبهمو" التي تبعد عن جنوب مدينة تارودانت بنحو 45 كيلومترا، تتطلب أداء مبلغ يترواح ما بين 1850 و 2000 دولار في مدة إقامة تتراوح ما بين 10 إلى 15 يوما لحضور مراسيم الهيلولة. هكذا يشرح بينحاس كوهن، أول مدير وكالة أسفار مغربية مختصة في استقطاب يهود العالم إلى المغرب. ويضيف: يصل أفواج اليهود وأبناؤهم إلى القرية عبر رحلات منتظمة من إسرائيل ولوس أونجلس ونيويورك والعراق وفرنسا و تونس وغيرها من بقاع العالم. إلى حدود يوم أمس الثلاثاء، وفد على موسم الهيلولة أكثر من 1200 يهودي مغربي أو أصولهم مغربية آباء أو أجدادا. يقول اليهودي ألبير داغون، المكلف بالتواصل والتنظيم لدى الطائفة اليهودية بالمغرب، إن الاحتفاء بالهيلولة يتم سنويا على قبر ضريح ربي "دافيد بن باروخ" في مقبرة اليهود بقرية "أغزو نبهمو" ولأكثر من 229 عاما. وتسبق الاحتفالات، تحضيرات المكان من خلال ترميم فضاءاته وضريحه وتجديد أتاته وغرف الإقامة خلال موسم الهيلولة. أصل الهيلولة الهيلولة، هو الموسم الديني المقدس لدى اليهود يقام لأكثر من 229 عاما بالبلدة، الذي يوافق هذا العام ليلة أمس الثلاثاء، ويوازيه "3 طبيبط" في التقويم اليهودي.. وتعنى "الهيلولة" لدى اليهود "سبحوا الله". وقال بينحاس كوهن، مدير وكالة أسفار مروكو تورس" المتخصصة في استقطاب اليهود في العالم، إن 60 في المائة من حجيج اليهود إلى موسم الهيلولة بالبلدة قدموا من إسرائيل". ومضى قائلا: هناك المئات من اليهود من أصول مغربية قدموا بكثرة من أمريكا وكندا والعرق وتونسوفرنسا وفينيزويلا وغيرها. وتبلغ معدل إقامة كل يهودي بالضريح ما بين 10 أيام و14 يوما، بحسب بينحاس. وأوضح بينحاس، حفيد دافيد بن باروخ، أن الولي الصالح دفين الضريح، ازداد في "حانوكا"، وأن أهاليه كانوا يبحثون عن زيت إشعال الشمع، ووجدوا إناء صغيرا يكفيهم لإيقاد يوم واحد، غير أنه بعد استعماله دام ثمانية أيام، وفي اليوم التاسع ولد دفين الضريح "دافيد بن باروخ"..
طقوس وتبتل وبكاء وذبائح يشرح ألبير داغون أنه قبيل انطلاق موسم الهيلولة، يصل حفدة دفين الضريح ربي "دافيد بن باروخ" إلى قرية "أغزو نبهمو لتنسيق الاستقبالات والتحضير لأيام الموسم الخمسة عشر. وخلال الافتتاح الرسمي لموسم الهيلولة يوم الاثنين الماضي، تلا أحد حفدة ربي "دافيد بن باروخ" التاريخيّين، القداس اليهودي باللّغة العبريّة على قبر الربي "دافيد بن باروخ"، بحضور عامل إقليمتارودانت فؤاد المحمدي ورئيس المجلس العلمي المحلي اليزيد الراضي ومسؤولين محليين. دعاء حفيد دفين الضريح، يشرح ألبير، تضمن أدعية وأذكاراً، ختم بالدعاء للأسرة الملكية ، وسط حراسة أمنية كبيرة لرجال الدرك الملكي والقوات المساعدة. بعدها، يتم التوجه صوب المعبد اليهودي بالضريح من أجل إسدال الستار عن سترة المعبد ومفتاح المعبد، بحضور حاخامات وحزان يهودي وضيوفهم المسلمين. وخل هذا الحفل، كما عاينه مراسل "أخبار اليوم"، يتم تلاوة مناقب دفين الضريح وبركاته التي لا تعد ولا تحصى، جعلت يهود العالم يفدون إليه من كل فج عميق. يقول ألبير: بعدها يتم إشعال الشموع على قبور اليهود المدفونين بالضريح، وتقرأ الآدعية والثوراة على قبر دفين الضريح. يشرح بينحاس كوهن : تلك الطقوس فيقول: يعمد حجيج يهود العالم زائري موسم الهيلولة، دفين الموسم، إلى إشعال الشموع داخل ساحة الضريح وخارجها، كما يحضرون مراسيم الذبيحة التي تشكل حدثا كبيرا في طقوس احتفالات الهيلولة. ويتولى الحزان لوحده إذكاء الذبيحة من الأبقار أو الخرفان أو الدجاج "ربي". ويضيف: تقدم الذبائح قربانا لدفين الضريح وهدية للحجيج والزوار لنيل البركة أو طلبا للحظ أو الشفاء. بدوره، قال الحزان اليهودي نحمان بيطون: إن أجدادنا دأبوا على القدوم لهذا الموسم وسار أبناؤهم على نفس النهج لنيل البركة وإزالة السقم والعلل. وأضاف بيطون قائلا: يصلي الحجيج من اليهود ليلة اليهلولة ويباع الشمع في الضريح. وخلال موسم الهيلولة، يتم زيارة قبر الحاخام المتوفى عام 1760 ميلادية، وبجواره المقبرة التي يعود تاريخ دفن آخر يهودي بها إلى عام 1976، حسب الحاخام ألبير داغون. ويقع الضريح على مساحة هكتار(1000 متر مربع) به ضريح الحاخام دافيد بن باروخ هاكوهين يحيط به ما يناهز 140 جثمانا لليهود من أبناء وبنات القرية، وغرف للنوم مجهزة تسع، كل واحدة تتسع لأربعة أشخاص، ومطعم كبير". وبحسب داغون، فإن طقوس الهيلولة تبتدئ بالذبيحة التي يتطوع بها اليهود الزائرين، يشرف على عملية نحرها اليهودي المغربي موشي أحيون. ويقول موشي أوحيون: إن الذبيحة تختلف بحسب نوعيتها، البقرة أو الخروف يشترط فيه ذبح الودجين، أما الدجاج فليس في حكم النعائم، إذ يكفي فقط أن يقطع ودج واحد بالسكين الحاد لتكون الذبيحة المهداة للضريح جائزة". ولا يتوقف جواز الذبيحة عند هذا الحد، فالحاخام كبارييل دافيد هو من يراقب سلامتها وجواز استهلاكها. . يقول الحاخام كبارييل دافيد: "بعد سلخ البهيمة أراقب أمعاءها وبطنها ورئتها إن كانت سليمة فجائز استهلاكها في الضريح، وإن كان بها عيب فإنها لا تصلح وفاسدة". ". وتنطلق احتفالات الهليولة بدءا من ليلة الثلاثاء، وعلى مدى أسبوعين، بين الصلاة والدعاء والتبرك بروح ولي اليهود الصالح الحاخام "دافيد بن باروخ"، الذي توفي عام 1760. حانوكا وإشعال الشموع التسعة من بين الطقوس الأساس في موسم الهيلولة إشعال الشموع التسعة ل"حانوكا" في فناء ضريح "دافيد بن باروخ". و"حانوكا" مجسم في ساحة الضريح توقد فيها تسع شمعات، بمعدل شمعة كل يوم، وفي لية اليوم التاسع (ليلة الثلاثاء 15 دجنبر2015) توقد الشمعة التاسعة. قصة حانوكا، يرويها بينحاس كوهن، في كون الوالي الصالح دفين الضريح "دافيد بن باروخ" ازداد في هذا اليوم (4 طبيط بالتقويم اليهودي القمري)، وأن أهاليه كانوا يبحثون عن زيت إيقاد الشمع، فلم يعثروا سوى على إناء صغير يكفيهم إيقاد يوم واحد فقط. غير أن أثناء استعمال زيت الإناء الصغير دام استغلاله 8 أيام، وفي اليوم الموالي ولد "دافيد بن باروخ"، فصار يحتفى بموسمه كل عام لما له من كرامات وفضائل وبركات على اليهود من أهل البلدة وعامتهم داخل المغرب وخارجه يسعون لنيل بركته. وفي اليوم التاسع (ليلة الهيلولة)، توقد الشمعة التاسعة، إيذانا بالفرح والسرور، لتنطلق الاحتفالات باحتساء النبيذ والتراشق بالخمر. كما يصير المكان، على مدى 15 يوما، كل يوم إلى محج احتفالي كبير لم الطائفة اليهودية بالمغربية إلى جانب يهود من النرويجوأمريكا وكندا وفرنسا وأستراليا وإسرائيل وتونسوأمريكا والولايات المتحدةالأمريكية وغيرها من دول العالم. شهادات ووقائع واعتقادات من الحكايات التي يتداولها حجيج اليهود في موسم الهيلولة، تلك اليت روتها ل"أخبار اليوم" صولانج بوختال (69 عاما)، وهي يهودية مغربية مقيمة في فرنسا، من كون "سيدة يهودية هودية قدمت من فرنسا إلى الضريح منذ 70 عاما وكانت عاقرا، مكثت في الضريح لنحو 10 أيام، وبعد عودتها إلى باريس حملت وأنجبت ابنا يهوديا أسمته دافيد". الابن دافيد، وفق رواية صولانج، صار منذ ولادته مداوما على زيارة الضريح والتبرك به وتقديم الهدايا من الذبائح والمال حتى يعم خيره على من يزورونه. هاته الواقعة تركت صدى في صولانج التي دأبت على زيارة ضريح دافيد بن باروخ، وعمرها لا يتعدى الخمس سنوات. صولانج، أكدت في مقابلة معها، أنها تأتي لهذا الضريح "طلبا للشفاء وصحة الأبناء وأن يمنحنا سلام المحبة ويحفظنا ويجعلنا دائما مطمئنين". إلى جانب صولانج، الشيوخ والكهول اليهود يتبركون بقبر الضريح، وحتى الأطفال، يشعلون الشموع ويتمسحون بالضريح ويبكون ويغنون ويرقصون فرحا بالمناسبة. بدورها، قالت أما الطفلة اليهودية "أوريل مويال" (14 عاما): "آتي مع أسرتي من فرنسا إلى هذا الضريح منذ 4 سنوات، أطلب من الله أن يمنحنا حظوظا أفضل وأكبر في المستقبل". . أما يوني ألون ذي ال17 ربيعا بشاشيته اليهودية، وهو مغربي مقيم بالدار البيضاء "آتي لزيارة هذا الضريح مع والدي تبركا به وطلبا للأمن والسلام". ختام الهيلولة: شمعة المزايدة في ختام موسم اليهلولة، تتم المزايدة على شمعة الضريح كل عام، هكذا يروي بينحاس كوهن، أحد المقربين من دفين الضريح "دافيد بن باروخ". تشرح ثورية المسعودي، زوجة بنحاس كوهن، أن شمعة العام الماضي رست بعد المزايدة رسى هذا العام على مبلغ 150 ألف أورو. ليس كل واحد بإمكانه اقتناء شمعة الحظ، بل يتنافس عليها الأغنياء اليهود الذين يفود من دول شتى في العالم، يعتقدون، تشرح المسعودي، أن الحائز عليها تكون سنته المقبلة مباركة وتجلب الرزق والبركة في البيت والتجارة وغيرها.