بعد مشاهدتي لبرنامج وثائقي في موضوع اللغة العربية على قناة الجزيرة الوثائقية، استوقفتني مداخلات مشاركيه حول حال اللغة العربية ومآلها في ظل التغيرات والتحديات التي تواجهنا، فأردت أن أشارككم هذه السطور المتواضعة. في البداية وجب الوقوف إجلالا للغتنا " اللغة العربية " لغة القرآن الكريم، احتراما لها، والتي هضم حقها في عقر دارها وهانت على أهلها في زمن الصحوة وكانت منصورة قبل ذلك في زمن الغفلة. وأبدأ كذلك بالتأكيد على أن "من فقد لغته فقد هويته "أول ما حاول المستعمر تحقيقه في بلداننا هو محاربة لغتنا اللغة العربية لأنه يدرك أن اللغة مرتبطة بالدين الإسلامي أكثر من الأفراد والشعوب العربية. مجتمعاتنا العربية تعاني من مشكل في الهوية إن كانت في اللباس أو في المعتقد أو كانت في الشعائر التي نؤديها أو في اللغة التي نتحدث بها، ويصير المشكل هنا في عدم الإحساس بقيمة ما نملك،فمثلا إذا سألت أحدا عن مدى إتقانه للغات الأجنبية يستحيي أن يجيب بالنفي فإنه يخجل وقد يحس بضعف كبير في حين إذا لم يتقن اللغة العربية هل سيحس بشيء ؟؟ فالمشكل حقا هو أننا لا ندرك مقومات الكرامة وعزة النفس، كل الأمم تعتز بلغتها وبمعتقداتها وببلادها .. إلا نحن اللغة العربية هي الموحدة على ثناء الديار وتنوع الأقطار، فهي حاضنة الاختلاف والمانعة من التخلف .. فكيف أصبحت العربية غرابة ؟ والعروبة اغترابا ؟ إلى متى سيبقى العربي خجولا من التحدث باللغة العربية ؟ وإذا تحدث باللغة العربية نظر إليه بنظرة استغراب .. أصبحنا نعيش واقعا يجعلنا ننظر إلى لغة الآخر على أساس أنها أفضل من لغتنا. من جهة أخرى نحن الأمة الأكثر انفتاحا على الثقافات والحضارات الأخرى وتعددنا اللغوي هو الذي يخدم هذا الانفتاح بطريقة أو بأخرى، لكن للأسف فقد أصبح هناك تخوف من هذا الانفتاح لما له من تأثير سلبي على المجتمعات العربية، فالمشكل يكمن في الفهم والوعي والإدراك.نحن اليوم نسلم أنفسنا وتعلمنا وثقافتنا للآخرين، فكيف لنا أن نخدم مجتمعاتنا ونحن نتلبس فكر الآخرين؟ لغتنا تشكو أهلها في وقتنا الراهن، أصبحت عصية على ألسنة المتحدثين العرب، في الوقت التي كانت تعتبر فيه سيدة الإعلام. وها نحن الآن في زمن أصبحت فيه العامية أكثر استعمالا في الإعلام بحجة تقريب المفاهيم للمستمع (مثال المسلسلات المدبلجة). وبالإضافة للإعلام، العامية تزحف وتزحم اللغة العربية في المواقع الاجتماعية ووسائل التواصل .. إننا حقا في انحدار لغوي خطير. وهنا يجب لفت الانتباه لدور الأسرة في المحافظة على اللغة الأم، وثوابت الدين الإسلامي وتعليم أبنائها كيفية الافتخار والاعتزاز بهذه الهوية علينا أن نربي الناشئة على الإحساس بقيمة هويتنا العربية، والاعتزاز بها، فنحن للأسف نخبة مهزومة حضاريا. هذه الأمة تواجه تحديات كثيرة، وبالتالي الحفاظ على الهوية أمر مهم في هذا الزمن الذي بات فيه العربي مشغول بكيف يمكن أن يدافع عن نفسه، عن هويته، عن لغته، وعن ثقافته. - طالبة بمدرسة علوم الإعلام