يعتبر التعويض عن البطالة مساعدة اجتماعية تدفعها الحكومة أو أية مؤسسة مختصة عبر صندوق تضامني لكل من لم يجد عملا من حملة الشواهد وخريجي النظام التعليمي المعتمد، و إذا كان التعويض عن فقدان الشغل أهم إنجاز يحسب للحكومة المغربية من خلال قانون رقم 14-03، أنتجته وزارة التشغيل والتكوين المهني في نسختها الأولى، و صدر مع وزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية في نسختها الثانية، مبلورا تفعيل أحكام مدونة الشغل، وكذا الوفاء بإلتزامات الحكومة في إتفاق 26 أبريل 2011 ، من خلال عمل وزيرين ينتميان لحزب التقدم الاشتراكية ذي المرجعية الاشتراكية ذات التوجه الاجتماعي، والنهج العملي لمقاربة معضلات المجتمع عبر سياسة اجتماعية مندمجة تتوخى تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة. فإن الزمن السياسي لمغرب اليوم بات يفرض عقلنة التوجه الحكومي في مقاربته بالاجتماعية في اتجاه النظر بعمق شديد للمنظومة التربوية والتعليمية ومآل خريجيها وقدرة الاندماج السلس في سوق الشغل. إن الواقع الاجتماعي المفرز ارتباطا بالصيرورة التاريخية، يبرز تراكم خريجي الجامعات المغربية في صفوف البطالة وصعوبة الحصول على شغل، في ظل تفاقم الأزمات وانسداد الأفاق أمام استراتيجيات تطوير الاقتصاد الوطني، إنها الأزمة التي جعلت العبئ يتضاعف على الأسر المغربية ومهام أربابها في تيسير معيش أبنائها وبناتها بعد التخرج والحصول على الشواهد بمختلف التخصصات، إذ يفرض هذا الواقع ضرورة تبني الأسر لتمويل دراسي طويل الأمد باختلاف نوعية التعليم بين العمومي والخصوصي، دون الانفصال عنه بنهايه الهدف المنشود والمتمثل في التخرج الدراسي، لتبرز معادلة ضرورة تدخل الدولة في حل معضلة هاته البطالة النوعية. فمنطقيا يكمن الحل هنا من خلال رفع القدرات الاقتصادية والاستثمارية عبر مختلف القطاعات مع بلوغ نسبة من النمو، من شأنها تحقيق فرص العمل للعاطلين والمعطلين، لكنه صعوبة تحقق المراد تطرح بشكل حتمي أمام ضغط تلبية كل الرغبات في وقت وجيز، مما يستدعي حضور الإمعان الدقيق لمعاناة الأسر مع أبناءها وبناتها في هذا الاتجاه، ليتمكن الفاعل الحكومي من إيجاد العامل الميسر لتخفيف العبئ نوعيا وظرفيا على الأسر، عبر نهج للسياسة الاجتماعية تقر باعتماد تعويض عن بطالة الخريجين حملة الشواهد، موجه خصيصا لتمويل البحث عن الشغل، في إطار مقاربة هدفها امتصاص غضب العاطلين ومساعدتهم في بحتهم عن العمل باستقلالية، قد تريح نسبيا الأسر و وتخفف من ثقل تحملها. إنه من الواجب اليوم النظر بعمق للقضية عبر القانون المالي للسنة القادمة 2015، في اتجاه التشريع لقانون التعويض عن البطالة، في مقابل التعويض عن فقدان الشغل المعتمد، الذي يعد إنتاجا تشريعيا متميزا يحفظ الكرامة ويتيح الفرصة لفاقد الشغل في إيجاد شغل بديل، والصورة العكسية لهذا الموضوع تلتقي مع صورة حفظ كرامة العاطلين من حملة الشواهد اتساقا بتحقيق الذات المستقلة في تدبير أمورها اقتصاديا حسب الحاجة في انتظار التوفق في حصول على عمل ضامن للعيش والاستقرار. إن العمل على إقرار قانون يرمي إلى التعويض عن البطالة، لهو مخرج لأزمة المنظومة التعليمية، وتفكيك لواقع تحمل المسؤولية بين الدولة والمجتمع، في الاستفادة من الطاقات والكفاءات، ومحاولة استيعاب معاناتها بقدر امتصاص غضبها والانتصار نوعا ما لقضية محورية تتمثل في إعادة الاعتبار لقيمة الشواهد المحصل عليها، بمعنى أن الدولة باعترافها بنوع من التقصير في دمج خريج نظامها التعليمي بشكل كلي، ومع تجزيئ العملية حسب السنوات، تكون بتوجهها الاجتماعي التضامني من خلال منح تعويض على البطالة في انتظار التمكن من الحصول على شغل، قد حققت ربحا ذا مردودية اقتصادية وسياسية جد هامة. إن التعويض على البطالة لهو أداة من أدوات إبراز حضور الدولة ومؤسساتها في هذه القضية الاجتماعية، وهو التوجه الذي تعتمده عدة دول بالعالم، بحيث أنه من المنظور الشمولي للعدالة الاجتماعية، وجب توفر الروح التضامنية بين صاحب الدخل و منعدم الدخل، من خلال صندوق تموله الدولة من واردات الضرائب باختلافها على الميزانية العامة، والقاعدة الاقتصادية هنا تبث أن المعني بالاستفادة في كل الأسر باختلاف مستوياتها المعيشية لا يتلقى صدقة أو ما شبابها، بل محس تمام الإحساس بذلك الإسهام المادي الثابت لطرف ما من المجتمع، يمثله ضمنيا من جهة الانتماء الأسري والعائلي. الأكيد أن هذا الشق من السياسية الاجتماعية، له ثأثير على الفعل السياسي بالمغرب، حيث يساعد على ربح رهان تقوية سبل المشاركة والاندماج الاجتماعي والتفاعل السياسي من أجل التغيير والاستقرار، عبر قوة اقتراحية متميزة، ونقد بناء وازن لكل البرامج الاقتصادية والاجتماعية باختلافها، أمام حضور الإحساس الواقعي بتحقق نوع من التوزيع العادل لخيرات هذا الوطن تكريسا لمعاني الوطنية الصادقة، وانتصارا لدولة المؤسسات والعدالة الاجتماعية.