مند حصول المغرب على الاستقلال وهو يعمل جاهدا من اجل الرقي بمنظومته التعليمية بصفة عامة والجامعية على وجه الخصوص ، بهدف الخروج من عنق الزجاجة في أعداد الذين يتابعون دراستهم العليا ما بعد البكالوريا ومقارعة الدول المتقدمة فعلا والى حد كبير استطاعت الحكومات التي تعاقبت على تسير الشأن العام المغربي المجيء بحلول سواء ترقيعية فيما يخص هذا المطلب البنيوي :أي الزيادة في أعداد الناجحين في البكالوريا والمتابعين لدراساتهم العليا . لكن مند ثمانينات القرن الماضي أو ابعد بقليل أصبحت أفول المتخرجين تشكل مشكلا بنيويا، يأرق كل شاب، كل أسرة، ،كل حي، كل مدينة ، وكل حكومة في ولايتها الانتخابية لتجعل منه الأحزاب مرتعا خصبا للعب لعبة الفن الممكن: انه مشكل بطالة أو عطالة خريجي الجامعات والمعاهد العليا اذن فما هي بالطالة ؟ ما أنواعها وأسبابها ؟ كيف تأثير على الفرد ومجتمعه ؟ وكيف ينظر المجتمع للشخص جامعي عاطل؟ تعددت التعارف التي تعطى للبطالة كظاهرة مجتمعية غالبة على معظم دول العالم الثالث(المتخلف) وكثير من الدول المتقدمة(الصناعية ) ، فكل باحث أو مهتم يحاول أن يعطيها تعريفا يتماشى ونوعية تخصص الدراسة الامر الذي يجعل الخروج بتعريف موحد صعب للغاية ، فقد عرفها المكتب العالمي للشغل بجنيف سنة 1954 على أنها : كل إنسان ليس له عمل في تاريخ مرجع الإحصاء ، وهو يحاول البحث عن العمل بأجر، كما انه قد سبق له البحث عن عمل في الشهر الذي سبق الشهر الذي أجري فيه البحث أو الإحصاء ، شريطة أن يكون مهيئا للعمل في أجل لا يتعدى خمسة عشر يوما على الأكثر يعتبر عاطلا. ونجد أيضا تعريفا أخر يعتبر البطالة تتجسد في أفراد قوة العمل الراغبين في العمل وفق الأجور السائدة والباحثين عنه والذين لا يجدونه أسواء في القطاع العام أو الخاص . ومن وجهة نظر شخصية البطالة: أن ابحث عن عمل وفق الأجور السائدة في بلد الإقامة وان اصدم بعدم إيجاد هذا العمل . ويعرف الدكتور رايمو بارين العاطل: على انه الشخص القادر على العمل والذي يستخدم من طرف المقاولات ،وهو يريد العمل لكنه لا يجد أجرا أعلى مما هو عنده يكفل حاجاته . ثم العاطل جزئيا وهو الذي يستخدم لمد محدودة كعمال البناء، والضيعات الفلاحية نموذجا. فالراغب الأصفهاني يقول :{من تعطل وتبطل انسلخ من الإنسانية ،إلى الحيوانية بل من الحيوانية وصار من جنس الموتى.}هذا المشكل الذي لم يجد له المغرب أي مخرج بل يتفاقم يوما ثل واليوم تعددت أنواعه وإشكاله كتعدد تعاريفه فقد قسمها عالم الاجتماع الشهير بول باسكون في دراسة اجتماعية له عن المغرب إلى : ü خمسة أقسام أو أنواع هي:[ البطالة الجزئية ، البطالة الموسمية ، البطالة المقنعة ، البطالة الخفية أو الناقصة ، والبطالة الواضحة أو الحقيقية أو الاستخدام المحدود ]. ü أما الدكتور رايمو بارين فقد قسم البطالة إلى بطالة طويلة الأمد (تلك البطالة الطويلة المدة أي مزمنة) وبطالة موجودة بين اتفاقيتي العمل ،وبطالة غير عادية أو طارئة ( وهي الناتجة عن أسباب فنية) ، وبطالة موسمية (وهي التي يفقد فيها العامل شغله في وقت معين من السنة) والبطالة التكنولوجية( وهي الناتجة عن تعويض اليد العاملة بالآلة أو الروبو، أو إغلاق ورشات العمل لعدم توفر الربح تعدت الأسباب وعطالة الشباب عنوان واحد لهذه الأسباب ، المتعددة فمن بين الأسباب التي لا حصر لها نجد : التعليم العالي الذي يعد أصل المشكل في عدم انسجام مخرجاته مع ما يحتاج إليه سوق الشغل فما يقدم من دروس ومحاضرات إما يغيب عنها الشق التطبيقي من جهة ، وغير متلائمة مع احتياجات سوق الشغل وخاصة القطاع الخاص ، والعمل على فتح الكليات والمراكز الجامعية لا تتوفر فيها ابسط شروط التكوين الجامعي من جهة ثانية . ومن ناحية أخرى يرى البعض أن المشكل يعود إلى عدم تخصيص الإمكانيات المالية الوافرة للمؤسسات الجامعية والتي من شأنها ان تساعد على فتح دورات تكوينية مرحلتين أولى أثناء الدراسة والثانية بعد التخرج. أسباب مرتبطة أحيانا بخرجي الجامعات والمعاهد من حيث :التوزيع عشوائيا بعض التخصصات دن غيرها والتي تخرج أعداد لا حصر لها من العاطلين ، لمجرد فلان قد التحق بالشعبة (...) سألتحق أنا أيضا عن عدم قناعة بالتخصص وجدوها من الناحية العملية فعند الحديث مع العديد من المتخرجين يصدمك قولهم انا وجدت نفسي بشعبة كذا صدفة وهذا المر يدفع إلى الاندهاش ، التعليم العالي عند البعض أداة لتمظهر المرموق أمام الناس بغض النظر عن التخصص أو النتائج البعيدة المدى....التي ستعقب تخرجه الأسباب الاقتصادية التي تعد عاملا رئيسيا لهذه مشكلة والتي تتمثل أساسا فيما يعرفه الاقتصاد المغربي من أزمات متتالية وفشل السياسات الاقتصادية للحكومات المتوالية فالتوجه نحو خوصصة للقطاعات العامة دون مراعاة ابسط ظروف العمل الكريم بالقطاع الخاص ( عدم التصريح ... طول مدة العمل ، زهد الأجور المقدمة ...) أدى بالشباب ذوي التعليم العالي إلى التخلي عن فكرة الالتحاق بالقطاع الخاص في مجمل تخصصاته ، هذا بالإضافة إلى معطى ضعف الاستثمارات بمختلف أشكالها بهذا القطاع بالمدن الصغرى والمتوسطة، وغلاء المعيشة من جهة أخرى في المدن الكبرى . وتبقى هذه فقط بعض العوامل القليلة في بحر ألاف الأسباب التي يمكن أن تكون سبابا مباشرا آو غير مباشر في عطالة مئات ألاف الشباب المغربي من حاملي الشواهد العليا ، وما تخلفه من أثار على الفرد والأسرة والمجتمع والوطن ككل حيث نجد : الآثار الاجتماعية: تخلف بطالة الشباب إنعدام الدخل بصفة نهائية لشباب المعطل ، رغم أن بعضهم قد يتقدم في السن وبالتالي حرمانه من مجموعة أشياء أولها التفكير في الاستقرار وإنشاء أسرة، وأيضا مشكلات كبيرة ومتشابكة في مقدمتها الفقر وعدم إشباع الحاجيات والحرمان وتدني جودة الحياة ومستوى المعيشة والبقاء كشخص عالة على الغير.... وهنا تبرز صحة تسمية معطل بدل عاطل لأنه لا يمكن لأي احد أن يرضي على نفسه أن يكون عالة على الغير. الآثار الاقتصادية : قبل أن تكون عطالة الشباب آفة أسرية وذاتية لكل عاطل فإنها هدر للطاقات الإنتاجية هامة وقادرة على المساهمة في الرقي المجتمعي. مما ينتج عنه تعطيل عجلة التنمية عن مسارها المحتمل، وأيضا إضاعة إمكانية بشرية يمكن أن تصنع الثروة في مختلف ابعاددها الاقتصادية. الآثار النفسية : تخلف ظاهرة البطالة تفشيا للمظاهر اليأس وخيبة الأمل،والإحساس بالعجز ، وعدم الرضا عن الوضع القائم والإحباط وفقدان الثقة في الأخر والتفكير المستمر في المستقبل والخوف منه . .. والبحث عن الهروب من مكان الاستقرار الأصلي نحو مجال أفضل و سيطرة هاجس الهجرة نحو الخارج . الآثار السياسية : تتجلى الآثار السياسية لمشكلة حاملي الشواهد العليا بالمغرب من خلال ، إضافة إلى أن الفرد المعطل يشعر بالإقصاء والحيف والتهميش من طرف دولته وهذا يضعف لديه الشعور بالانتماء والشعور بالوطنية، وأيضا في الاستقرار الذي تخلفه حركات الاحتجاج المتكررة والمطالبة بحق الشغل القار والذي يعد حقا لا يمكن النقاش فيه مادام هذا المعطل أفنى أيامه في ثنايا الجامعات والمعاهد العليا . نظرة المجتمع للشخص البطالي المعطل من دوي الشواهد العليا نظرة تختلف من شخص لأخر ومن أسرة لأخرى ومن مدينة/قرية إلى أخرى حسب المستويات الثقافية فهي في كثير من الأحيان سبة كأن هذا المعطل اقترف جريمة ومن منطلق الدراسة حاولت استقراء بعض الآراء بصفة عشوائية فكان أن شخص له تعليم عالي موظف حاليا يقول : البطالة مرحلة ولابد من الفرج كلنا عشنا هذه التجربة، وأيضا نجد أن جل الإباء يقولون هي مرحلة لا أكثر . لكن النظرة تتغير من أفراد الأسرة الواحدة لتتحول إلى شماتة يصرح بها في أحيان كثيرة من طرف البعض ، وبعضهم يقول المسكين درس بدون جدوى تعذبت أمه ووالده أعطياه كل ما يريد لكن بدون نتيجة ، وكثير من الألفاظ والعبارات. ففي حوار لي مع احد العطلات أكدت أنها أصبحت تخشى الخروج إلى الحي، أو السفر عند أقربائها حتى لا تحرج بسؤال عن وظيفتها هل من جديد هل قدمت للامتحان كذا أو كذا الم تجربي هنا او هناك قالت طفح الكيل فكرت أن أسافر بعيدا مهما كانت العواقب . واحد من الأصدقاء الذي أكد أن كل من يحاوره عن الموضوع يقول المعطلون مجموعة فشل لا اقل ولا أكثر وبالتالي الخلل يوجد فيهم . رغم أن عينة الدراسة كانت بسيطة نظرا لمجموعة أسباب،فانه من المؤكد أن التصور المجتمعي لن يخرج عن هذا النطاق إلا مع اختلافات بسيطة بين الأفراد ومن منطقة إلى أخرى. سيظل هذا المشكل قائما مادامت السياسات العمومية لا تراعي هذا المعطى البنيوي من جهة ،ومادامت الجامعة تفرخ أعدادا تتزايد سنة بعد أخرى ، ومادام القطاع الخاص لا يراعي ابسط شروط العمل الكريم .... لتظل قصة الخبز الحافي قصة أجيال