يكفي أن تتابع حلقة واحدة من البرنامج الشهري (حوار) لتقتنع بأن المشارقة لم يكذبوا عندما أنتجوا لنا هذا المثل: (ليس كل من صف الصواني فهو حلواني)، فمقدم هذا البرنامج يعتقد أن المدة التي قضاها في دار البريهي ستشفع له لينشط برنامجا حواريا ناجحا، في حين أن ما يقدمه لنا مطلع كل شهر لا يعدو أن يكون درسا للتلاميذ في إحدى مدارس الضواحي! ولمن يريد أن يعرف كيف انتقل هذا الرجل من مهنة التزمير وصف الصواني في القناة الأولى ليصبح حلوانيا ممتازا يقدم أهم البرامج في هذه القناة، ما عليه إلا أن يتابع معي هذه القصة. يحكى أن القناة الأولى قررت إنتاج برنامج حواري يعنى بالقضايا الراهنة لهذا الوطن، يتم فيه استضافة شخصيات من كل الاتجاهات والمواقع ، فأصدرت الإعلان التالي: المطلوب مقدم برامج يكون منا لا علينا، ثقيل الدم، بطيء الحركة، يفكر ألف مرة قبل طرح السؤال، فإذا فعل تندم أنت مليون مرة لأنك تستمع إليه. ترى من يكون ؟ الغريب في الأمر، أن هذه الشروط لم تتوفر في الثلاثين مليون مواطن الزاحفة على هذه الأرض، فلم يقدم أي شخص ترشيحه ليشغل المهمة، ما عدا رجل واحد رأى أن الإعلان جاء مفصلا على مقاسه بالتمام والكمال ، إنه وبكل فخر السيد مصطفى العلوي. ما الذي حدث بعد ذلك ؟ قالو له يا سيد مصطفى سنمنحك إمكانات إنتاجية جيدة وتعويضات مناسبة، ولك الحق أن تستعين بمن تشاء وتستضيف من تشاء، بمعنى أنه يمكنك أن تتصرف بالشكل الذي تريد، المهم هو تقديم برنامج حواري ناجح. الذي حدث بعد ذلك أنه فعلا قام بكل ما يريد وفعل كل شيء، فأنتج لنا تفاهة! ثلاثون يوما من الإعداد والتحضير مدة كافية لإحتلال دولة، لكنها لم تكن كافية لصاحبنا كي يقدم فقرة حوارية محبوكة يصافح بها الجمهور مطلع كل شهر. مما سيجعلنا نطرح أكثر من سؤال حول طبيعة الوضع لو كان هذا البرنامج أسبوعيا أو يوميا، ربما تكون الصورة كارثية أكثر من اللازم، أو لربما ترك السيد مصطفى الجمل بما حمل وعاد إلى صف الصواني كما كان في السابق. أتعرفون لماذا أطربتكم بهذه القصة ؟ فقط لأني شاهدت الحلقة الأخيرة من هذا البرنامج الذي دشن فيها دخوله السياسي الجديد باستضافة وزير العلاقات مع البرلمان السيد إدريس لشكر(أحتفظ برأيي في هذا الرجل). وبما أنني أخاف على نفسي الإصابة بداء السكري والإكزيما وآلام المفاصل فأنني توقفت عن متابعة الحلقة في وقت مبكر بعدما اقتنعت أن الاستمرار يشبه الانتحار! المهم أن السيد مصطفى أتحفنا في بداية الحلقة بمقدمة منمقة عرفنا فيها بضيفه الجميل، وذلك بشكل دقيق ومفصل : المهام التي شغلها ، مساره السياسي والحزبي، ماذا يأكل، ماذا يشرب، وكم أنجب من أبناء، لتبقى المعلومة الوحيدة المفقودة في هذه المقدمة هي: كم يلبس؟ ثم بعد ذلك حدد لنا المحاور الثلاث التي سيتطرق لها الحوار فيما أن المحور الأول سيكون حول إصلاح العمل داخل البرلمان. بدأ الحوار بأسئلة متقطعة وغير متناسقة حول العمل البرلماني وعلاقة النواب بالحكومة...حتى أن أحد المشاركين في الجدال سأل:لماذا يا سيد الوزير لا تقومون بإلغاء الغرفة الثانية من البرلمان(وكأن إدريس لشكر هو من أوجدها)، وهنا السيد الوزير يصدق أن له شأن عظيم في هذا البلد، وإلا لما طرحوا عليه هذا السؤال، فيجيب: في ظل الجهوية الموسعة نحن في حاجة ماسة لهذه الغرفة(لم أفهم). هنا يتدخل السيد العلوي ليسأل بطريقة خجولة دون أن يحبك السؤال عن الفوضى التي يعيشها البرلمان ...يجيبه الوزير:إنها الحيوية، ثم يضحك... فتبدأ تلك الوجوه المجعدة الحاضرة في البلاطو بإصدار قهقهات غبية، ثم يتهامسون وينظرون بإعجاب إلى السيد الوزير وكأنه أقبل على إنجاز عظيم! تذكروا أننا لازلنا في المحور الأول! فجأة ينتفض السيد مصطفى كأنه نسي شيئ مهما فيقذفنا بمقدمة أخرى بشكل يشبه تقديم نشرات الأخبار، وهذه المرة حول مصطفى سلمى ولد مولود، ُثم يسأل الوزير عن رأيه في هذه القضية ، وبطبيعة الحال فالسيد الوزير لم يبخل علينا بمحاضرة وافية شافية في كيف أن هذا المناضل نشأ وترعرع حتى أصبح شابا، فاختار أن يدافع عن القميص الوطني في كأس القارات! وتترادف الأسئلة في هذا الموضوع من كل حدب وصوب، وبطبيعة الحال لازلنا في المحور الأول الخاص بالبرلمان! وفي لحظة معينة يتم الانتقال إلى موضوع لم يكن في الحسبان حيث يسأل مقدم البرنامج الوزير عن رأيه في الخط التحريري لقناة الجزيرة، وكيف أنها أصبحت سلاحا منتصبا في وجه المغرب...جواب الوزير كان جميلا جدا حيث قال بأننا بلد ديمقراطي ومنفتح سمحنا لهذه القناة بفتح مكاتبها في المغرب حتى إذا شعرنا أنها تكشف ويلاتنا أقفلناها! واستمر الحوار في مواضيع مختلفة ومتنوعة، وبما أن الوزير موسوعة ناذرة فقد أخذ يجيب بدون تردد ولا توجس حتى توقعت ان يسأله السيد مصطفى عن من نكح هيفاء أو قتل سوزان تميم ...والحمد لله أن ذلك لم يحدث! وعليكم أيها السادة أن تعرفوا أن كل هذه الزيطة تم عرضها في المحور الأول الخاص بالبرلمان! بعد ذلك أعلمنا السيد العلوي بأنه سينتقل للمحو ر الثاني! في هذه اللحظة أصبت بالجنون، إذ ما علاقة إصلاح البرلمان بمصطفى سلمى وبقناة الجزيرة؟ هل تريدون أن تعرفوا ماذا فعلت بعد ذلك؟ لقد غيرت المحطة بكل عناية نحو قناة (غنوة) وقلت: لعل في ذلك خير! [email protected]