اعتبر الأستاذ الجامعي حسن طارق، أن الأحزاب المغربية تعيش عطباً حقيقياً في إنتاج النخب، وأنها فقدت القدرة على تأطير الشارع، مؤكداً أن أخلاق كثير من أعضائها تدّنت، وأن مستواها العام تراجع خلال السنوات الأخيرة، في وقت تحدث فيه حسن عبيابة، عن "فشل" الحكومة المغربية وبحثها عن الحل في جيوب المواطنين. حديث حسن طارق، القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحسن عبيابة، القيادي بحزب الاتحاد الدستوري، يندرج في إطار ندوة " الأحزاب والممارسة السياسية في المغرب"، نظمها البارحة الجمعة بالرباط، المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية. وأبرز حسن طارق أن الأحزاب المغربية كانت تنتج نخباً سياسية في زمن التضييق والقمع والسلطوية، أما الآن، في زمن الانفتاح والمكتسبات القانونية والدستورية، فقد صارت غير قادرة على ذلك، مبرزاً أن الأحزاب لم تعد تستطيع لعب دور الوساطة بين الشارع والدولة، وأنها وقفت عاجزة عن تأطير غضب الشارع في مجموعة من الأحداث التي عرفها المغرب مؤخراً، ممّا أفسح المجال لتنظيمات أخرى منها الجمعيات الحقوقية. وأضاف حسن طارق أن الكثير من الأحزاب المغربية تُعرّف العمل السياسي بأنه تدبير للعلاقة مع المؤسسة الملكية وليس مع المجتمع كما يجب أن يكون، مبرزاً أن الجانب الأخلاقي تدنّى بشكل كبير لدى الفاعلين الحزبيين، وأن الصراع السياسي بالمغرب لا يحمل أيّ تصوّرات مختلفة، فلا يوجد اختلاف بين الأغلبية والمعارضة حول السياسات العمومية، يعترف المتحدث. وعدّد طارق مجموعة من الإشكاليات التي تعرفها الأحزاب السياسية المغربية، منها صعوبة التصنيف و"تنميطها" بحيث صار من الصعب فرزها ضمن مواقع معيّنة، ومنها كذلك محدودية المقاربة الأخلاقية التي أنتجها قانون الأحزاب. ولم ينفع الوضع الاعتباري المتقدم للأحزاب المغربية، ولا تقدم وعي الدولة بأهمية العمل الحزبي، في إنقاذ العمل الحزبي من التراجع، يشير حسن طارق، الذي شدّد على أن الأحزاب السياسية لم تصل إلى نهايتها كما قالت بعض التوقعات التي استندت إلى ظهور ديمقراطية الرأي الممثلة في تطوّر وسائل الإعلام الاجتماعي، بل لا زال للأحزاب دورها، ولا زالت مكانة الديمقراطية التمثيلية واضحة في بنية الحياة السياسية المغربية. في الجانب الآخر، استدل حسن عبايبة، في حديثه عمّا اعتبرها إيجابيات الليبرالية، باضطلاع حرية التجارة بدور هام في ظهور الإسلام، بحيث أن الرسول (ص) كان تاجراً وكذلك كانت زوجته خديجة. مضيفاً أن الفرد الذي يتمتع بحقوقه الاقتصادية يؤثر في الآخرين، وأن العالم أجمع، باستثناء دولتين، اتجه منذ دولة نحو الليبرالية. غير أن المغرب الذي تبنى الخيار الليبرالي رسمياً منذ مدة، يقول عبايبة، لا يُطبق سوى برامج متفق عليها من أحزاب داخل ائتلاف حكومي تتنوّع خلفياته الإيديولوجية، وهذه الأحزاب لا يمكن القول إنها تمثل الشعب المغربي، بل "علينا أن نحاكمهما بتهمة انتحال صفة إن ادعت ذلك، لأن حتى من صوّت على حزب المصباح لا تتجاوز نسبتهم 3% من عامة الشعب" يقول المتحدث. وشكّك القيادي في حزب "الحصان"، في قدرة المغرب على خلق اقتصاد حقيقي، معتبراً أن الحكومة قد "فشلت" في سياساتها الاقتصادية، وأنها لم تجد الحل سوى في جيوب المواطنين، بينما كان بإمكانها البحث عن موارد مالية جديدة، ومنها تطبيق العدالة الضريبية، حيث تحدث عن خسارة الدولة لما يقارب 40 مليار درهم بسبب عدم أداء الاقتصاد غير المهيكل للضرائب. ودعا حسن عبايبة الحكومة إلى الإقرار ب"عجزها وفشلها"، فهي حسب قوله لم تنجح في جلب استثمارات قوية، ولم ترفع من الميزانية السنوية للمغرب. وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، سينفجر الوضع، وقد يتحوّل إلى كارثة، يردف المتحدث الذي ختم مداخلته بعبارة "راه ما كاينش معا من".