مشاركون في ندوة بالرباط يناقشون ملامح المشهد السياسي المغربي الراهن في سياق تأثره بالتحولات الإقليمية دعت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب، الجمعة 10 فبراير الجاري، الى "إصلاح دستوري يكرس فصلا حقيقيا للسلط" . وجاءت دعوة زعيمة حزب "الشمعة" خلال مداخلة لها في ندوة وطنية٬ حول ملامح المشهد السياسي المغربي الراهن بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة وتنصيب الحكومة الجديدة٬ في سياق تأثره بالتحولات الإقليمية في إطار "الربيع العربي". واستعرضت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد ذات المداخلة عدة محطات سياسية تاريخية اعتبرت أنها كرست "ضبابية ممهنجة" للمشهد السياسي. من جهته اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري حسن عبيابة في مداخلته أنه لا يمكن الحديث عن وجود مشهد سياسي حقيقي في المغرب خلال أزيد من 50 سنة من التحولات٬ مشيرا إلى الحاجة لتوضيح هذا المشهد في ظل تشابك المرجعيات (الإسلامية والليبرالية واليسارية). وقال عبايبة إن الأحزاب "تخاطب بمرجعيات وتحكم ببرامج لا تنتمي لأحد ولا تمثل ولا ترضي أحدا"٬ داعيا للتأسيس ل"فكر سياسي حقيقي يبدد غموض المشهد السياسي" بالبلاد. من جانبه٬ أكد أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي ادريس الكريني٬ أن تجديد النخب بالمغرب يكتسي اليوم أهمية كبرى نظرا للمسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقها في تحقيق الانتقال الديمقراطي٬ مشيرا إلى وجود أزمة في هذا الشأن سواء على مستوى النخب الحزبية أو الحكومية. واستعرض بعض مظاهر أزمة تجديد النخب بالأحزاب من خلال تدبير شؤونها الداخلية والانشقاقات المتتالية في صفوفها وضعف أدائها وغياب حضورها الوازن في عمق المجتمع ومغادرة العديد من الطاقات الشابة والعلاقة المتأزمة بين القيادة والشبيبة. وأضاف أن النخب البرلمانية تتأثر بدورها بأزمة تجدد النخب الحزبية٬ مضيفا أن هناك حاجة اليوم لمبادرات بناءة من الدولة ومن فعاليات سياسية لإعطاء إشارة على أنها تستوعب متطلبات المرحلة الراهنة بالارتباط مع الحراك المجتمعي والانتظارات الاقتصادية والاجتماعية للمغاربة. وأكد رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية طارق أتلاتي٬ في افتتاح الندوة٬ أن سنة 2011 شكلت محطة مفصلية بامتياز في تاريخ المغرب المعاصر٬ من خلال تطورات نوعية ساهمت في رسم خريطة سياسية جديدة للبلاد٬ وتزامنا مع أحداث "الربيع العربي" الذي أدى إلى تسريع وتيرة الإصلاحات التي انطلقت بداية تسعينيات القرن الماضي. كما أن الانتخابات التشريعية التي أفرزت فوز حزب ذي مرجعية إسلامية وتوليه الحكومة يمثل تحولا جذريا في الحياة السياسية المغربية٬ حسب أتلاتي الذي اثار أيضا تساؤلات تتعلق نوعية التحول الذي يمكن تحقيقه في إطار حكومة تضم خليطا من المرجعيات٬ علما أن الظرفية الاقتصادية تفرض عدة إكراهات مرتبطة بالأزمة العالمية. وناقشت الندوة طروحات تلامس واقع الأحزاب المغربية التي لم تكن في يوم من الأيام٬ حسب أرضية الندوة٬ "براغماتية أو مالكة للجرأة الكافية التي تجعلها تحدد إطارها التحالفاتي بشكل مسبق بغض النظر عن نتائجها في الانتخابات"٬ إلى جانب ملامسة تأثير ضغط الشارع على توازنات المشهد السياسي واستشراف متطلبات تنزيل الدستور في مرحلة "أقل ما يقال عنها أنها مسيجة بالحذر و الخطأ غير المقبول".