أشاد الأخ الدكتور حسن عبيابة، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري، بدور الدولة وفاعليتها لمواجهة عدد من الظواهر، حيث قال في ندوة حول " الأحزاب والممارسة السياسية في المغرب"، نظمها يوم الجمعة الماضي بالرباط، المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية، "إن الدولة فاعلة ويمكن لها أن تخطئ ولكن وجودها ضروري ولولاها لما استمرت الأحزاب"، موضحا أن الدولة دائما تتدخل في حال ضعف الأحزاب التي وصف وظيفتها ب"الصعبة". ومن بين الأمثلة التي ساقها الأخ عبيابة حول نجاح تدخل الدولة لحل عدد من المشاكل، استيعابها والتصدي لبعض التيارات المتشددة من جميع الاتجاهات حيث قال "لولا تدخل الدولة لكنا ربما مثل إيران، نفكر في عزلة عن العالم". وانتقد الأخ عبيابة الحكومة باللجوء إلى الحلول السهلة المتمثلة في " قهر جيوب المواطنين"، رغم أنها بإمكانها "البحث عن موارد مالية جديدة، ومنها تشجيع التصدير وتطوير الاستثمار وتطبيق العدالة الضريبية، واستغلال الثروات الداخلية"، مشيرا في هذا الصدد إلى خسارة الدولة لما يقارب 40 مليار درهم بسبب عدم أداء الاقتصاد غير المهيكل للضرائب. وفي استمرار الوضع الاقتصادي الحالي لخمس سنوات أخرى، فإن "ذلك يمكن أن يؤدي إلى كارثة"، يقول عبيابة الذي يتساءل عن عدم قدرة الحكومة على الاعتراف بفشلها ورمي الكرة دائما في ملعب الدول الأوروبية التي تعيش بدورها مشاكل مالية . ودعا الحكومة إلى التحلي بالشجاعة والإعلان عن عجزها لتحسين أوضاع المغاربة وعن إيجاد حلول للمشاكل التي تتخبط فيها وتخاطب الرأي العام بذلك، مذكرا بما حدث لليونان كدولة حكومتها منتخبة ديمقراطيا، ومع ذلك ثار الشعب ضدها لكونها لم تحقق التنمية، يقول الدكتور، وكذلك الشأن بالنسبة لإيطاليا. وأقر عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري بفشل الحكومة في تأطير المواطنين مثل ما يحصل من شغب وفوضى في بعض الملاعب الرياضية، بالرغم من أن ثلث ميزانية الدولة موزعة بين وزارة التربية الوطنية و الثقافة وقطاع الاتصال والتعليم العالي والشباب والرياضة والتنمية الاجتماعية وغيرها . ومن جانب آخر، اعتبر الأخ عبيابة أن الأحزاب تلعب أحيانا دور الوساطة وليس دور التمثيلية، بسبب ضعف تعبير المواطنين عنها انتخابيا، معتبرا أن الأحزاب لا يمكنها ادعاء تمثيلية الشعب المغربي، بحجم التمثيلية المطلوبة، مشيرا إلى أنه في عز أحداث الربيع العربي حصل الحزب الأول في الانتخابات التشريعية الماضية على 15 في المائة من الأصوات المعبرة عنها، وهي نسبة لا تؤهل أي حزب لكي يمثل قوة سياسية. وطالب المتحدث ذاته بعض الأحزاب، التي لم تتحمل مسؤوليتها كما يجب، بأن تكون قوة بديلة لتقديم برامج في المستقبل، مؤكدا أن للمغرب ثروة مادية وأخرى بشرية ولكن رغم ذلك، فإننا "لا نتوفر على عناصر لتطوير هذه الثروات". ومن جهة أخرى، أشار الأخ عبيابة إلى أنه هناك من "كان يروج لأفكار مغلوطة عن الليبرالية"، متأسفا عن عدم وجود أقلام قوية تقوم للتسويق للأفكار الليبرالية بهدوء كبير. من جهة أخرى، استعرض الأخ الدكتور حسن عبيابة مفهوم الليبرالية، حيث استدل في حديثه، عن إيجابيات الليبرالية، باضطلاع حرية التجارة بدور هام في ظهور الإسلام، بحيث إن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم، كان تاجرا وزوجته أمنا خديجة رضي الله عنها، كانت بدورها تمتهن التجارة على غرار الصحابة رضوان الله عليهم، مبرزا بأن الفرد الذي يتمتع بحقوقه الاقتصادية يؤثر في الآخرين حيث ربط أيضا بين مفهوم الليبرالية والتجارة، مستندا على ما جاء به ابن خلدون في مقدمته الشهيرة، حينما قال "إن المجتمعات كان يسيرها الأمراء والعلماء والتجار. واعتبر الأخ الدكتور حسن عبيابة رجال الأعمال الذين يفيدون مجتمعهم، يكونون أفضل للناس من غيرهم ، باعتبارهم محركا اساسيا للمجتمع ، مشيرا في هذا السياق إلى تشغيل القطاع الخاص لحوالي 15 مليون شخص، مقابل أقل من مليون موظف يشتغلون في القطاع العمومي ، قائلا في هذا الصدد إنه : "بدون رجال أعمال وبدون فكر تحرري وليبرالي نكون أمام مجتمع فاشل تماما "، داعيا إلى عدالة اجتماعية، تبدأ أساسا بأداء الواجب الضريبي ومحاربة التملص منه، لأن النهوض بالمجتمع يمر أساسا عبر تأدية هذا الواجب .