لا شيء بإمكانه أن يختصر ما يجري لبلدة خزاعة، شرق خانيونس جنوبي قطاع غزة، من مآسٍ بفعل القصف الإسرائيلي المدفعي والجوي، المستمر على البلدة منذ فجر أمس الأربعاء، سوى "رائحة الموت". هذه الرائحة التي حولّت البلدة الريفية الجميلة الهادئة إلى كتلة من اللهب، والنيران، والدمار الذي سحق في طريقه البيوت والشوارع، وأذاب ما تتمتع به البلدة من روائح فواحة، تبعثها الورود والأزهار المتراصة على طول الأراضي الزراعية هناك. ومنذ فجر الأمس، بدأت إسرائيل هجوماً برياً وجوياً على بلدة خزاعة، حيث بدأ الهجوم وفق شهود عيان باستهداف أراضٍ فارغة على طول حدود البلدة من كافة جهاتها. وتلا ذلك، بحسب الشهود، قصف عشوائي، وإطلاق نار على مداخل البلدة والشوارع المؤدية إليها، ما أدى إلى فصلها عن البلدات المجاورة ومحاصرتها، وبعد ذلك دخلت آليات الجيش الإسرائيلي إليها، وتم اقتحام عدد من منازل المواطنين فيها واتخاذها كنقاط للمراقبة، وانطلاق العمليات العسكرية الإسرائيلية منها بعد حشر السكان في إحدى غرف المنزل. وتسبب هذا القصف في حرق الأراضي الزراعية لبلدة خزاعة، وتدميرها، وتبديل ملامحها، أثناء توغل الآليات والدبابات الإسرائيلية، بالتزامن مع إطلاق القذائف الحارقة. وتقع بلدة خزاعة إلى الشرق من مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، وتتميز البلدة بتاريخها العريق، الذي يمتد إلى قبيلة خزاعة العربية، وموطنها الأصلي الجزيرة العربية، وتبلغ مساحة البلدة ما يقرب من (40 ألف متر مربع). ويبلغ عدد سكانها حوالي (11آلف نسمة) تعد نسبة اللاجئين النسبة الأكبر من السكان، وهم الذين شردوا من بيوتهم وأراضيهم عقب إنشاء دولة إسرائيل عام 1948. وتتميز البلدة، بمناخها الريفي، الزراعي، وتعتبر الزراعة هي المصدر الرئيسي للدخل، بالنسبة لمعظم سكان "خزاعة". ويقول "رامي قديح" "46 عاما" أحد مزارعي بلدة خزاعة، إن كافة الأراضي الزراعية في البلدة، تم تجريفها وسحقها. وأضاف لوكالة الأناضول، أنّ البلدة تحولت إلى كتلة من النيران التي سحقت في طريقها كل شيء. وتابع:" هناك محرّقة، بحق البشر، والشجر، والحجر، كل شيء في البلدة، تم تدميره وسحقه، وفي الوقت الحالي لا تفوح في شوارع وطرقات البلدة سوى رائحة الموت". ويتحسر قديح على أرضه "2000 مترمربع" المزروعة بالورود والقمح، والأراضي الزراعية الممتدة على طول البلدة. وتشتهر البلدة بزارعة أزهار القرنفل، بأشكالها المتعددة، وتزرع البلدة الغزية الورود وتصدره إلى دول أوروبا. واليوم تحترق الزهور، والمحاصيل الزراعية ويموت العشرات في البلدة دون أن يحرك أحد ساكنا، كما يؤكد المزارع "نائل أبو رجيلة" (55عاما). ويُضيف في تصريح لوكالة الأناضول :" هذه البلدة تشتهر بزراعة الورد، الذي يخرج إلى دول أوروبا كي تحتفي بمشهده الجميل، ولكن اليوم يُسحق الزهر وأصحابه، وتبيد إسرائيل بقذائفها كل شيء". وتزرع إلى جانب الورود في البلدة، المحاصيل الصيفية والشتوية من الحبوب كالقمح والشعير والعدس والذرة ، وكذلك بعض الخضروات التي تزرع في الدفيئات البلاستيكية ، إلى جانب الفواكه. ووفق ما يرويه، شهود عيان لوكالة الأناضول في البلدة، فإنّ رائحة الموت تفوح في كل شارع، و كل زقاق،و ما من بيت إلا وتم قصفه إما بالطائرات، أو بالقذائف المدفعية". ويشن الجيش الإسرائيلي، منذ السابع من الشهر الجاري، حربًا ضد القطاع، أطلق عليها اسم "الجرف الصامد"، وتسببت الحرب منذ بدئها وحتى الساعة 9 تغ اليوم الخميس في قتل 745 فلسطينياً، وإصابة نحو 4633 آخرين بجراح، بحسب مصادر طبية فلسطينية. وفي الجانب الإسرائيلي، قتل 32 جندياً، ومدنيان، وأصيب أكثر من 435 أغلبهم من المدنيين، معظمهم أصيبوا بحالات "هلع"، فيما تقول كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس"، إنها قتلت 68 جندياً إسرائيلياً وأسرت آخر.