كانت العائلات تهيم في الشوارع منها من يتجه إلى مدارس الاونروا التي فاضت بمن فيها ولم تعد تستوعب المزيد من العائلات, في حين فضل آخرون مواصلة التحرك غربا الى مستشفى الشفاء بالمدينة فازدحمت الشوارع بهم وبأطفالهم. وقفت عربات الإسعاف والإطفاء التابعة لأجهزة الطوارئ في قطاع غزة على مشارف حي الشجاعية بانتظار بدء الهدنة الإنسانية بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية. ووصل الخبر عند الساعة 10,30 تغ بأنه تم الاتفاق على هدنة مدتها ساعتان تتيح لأجهزة الطوارئ اخلاء القتلى والجرحى والاشخاص المذعورين الذين بقوا داخل الحي بعد ليلة من قصف الدبابات الاسرائيلية الذي لم يتوقف. عندها تشكلت قافلة من العربات، وتقدمت ببطء داخل الحي رغم ان صوت القصف كان لا يزال يسمع، ومع انه كان من المستحيل التأكد مما اذا كان القصف يستهدف الشجاعية او حيا مجاورا له، قررت العربات التحرك على اية حال، وفي الداخل انتشرت مشاهد الدمار الكامل حيث انهارت مبان بأكملها، وسدت انقاضها عددا من الشوارع. وتناثرت اغصان الشجر المقطعة على الارض، بينما امتزجت احذية الاطفال بالانقاض من بينها حذاء فتاة باللون البنفسجي وحذاء صبي ازرق. وكانت النيران لا تزال مشتعلة في الطابق الارضي من مبنى شقق سكنية غطى السواد واجهته. وتناثرت الجثث في الشوارع، وكان بعضها محترقا لدرجة تجعل من الصعب التعرف إلى اصحابها. وشوهدت جثة رجل كان يرتدي ثياب النوم على ما يبدو وقد احترقت بالكامل باستثناء احشائه التي بدا لونها اصفر وسط اللون الاسود لباقي جثته. وكان من بين القتلى الصغار والكبار، ومن بينهم اكثر من جثة لطفل حملها موظفو عربات الاسعاف الذين عثروا كذلك على بقايا احدى عرباتهم في المكان وقد تطاير زجاج نوافذها واخترقت الشظايا هيكلها بالكامل. ولم يتضح اذا ما كانت هذه العربة هي التي قتل فيها موظف الطوارئ فؤاد جابر والصحافي الفلسطيني خالد حمد صباح الأحد. وسارت عناصر قوات الدفاع المدني داخل الشوارع على الاقدام برفقة اطباء وعاملين في المجال الطبي غطوا وجوههم بالاقنعة الطبية اثناء دخولهم المباني التي امتلأت بالجثث. وصاح احد المسؤولين اثناء دخول الشوارع «اذا كنتم لا زلتم هنا اخرجوا، فالوضع آمن. نحن من الدفاع المدني». ولكن طوال الوقت كان صوت القصف لا يزال مسموعا، وبعد ذلك سمع صوت الرشاشات. وعلى طول شارع نزاز الرئيس شوهدت نوافذ وابواب جميع المباني مشعلة. وكانت الستائر التي مزقتها القذائف ترفرف على النوافذ المحطمة. وخرج عدد قليل من المواطنين المذعورين هما امرأتان ورجل. وصرخت احدى المرأتين «والدنا فارق الحياة، وهو لا يزال في المنزل، انه لا يزال داخل المنزل». وحاول اقاربها مواساتها وتهدئتها وهم يفرون من المنطقة. وكان جميع الفارين من المدنيين. وخرج عدد قليل من المسلحين الذين يحملون الرشاشات من احد المباني، وغطى بعضهم وجوههم اثناء فرارهم. وحاول احدهم اخفاء سلاحه بلفه بكوفية قبل ان يضعها في النهاية في كيس بلاستيكي. وفي احد المباني وقف ثلاثة رجال ينظرون بشك الى عمال الانقاذ من خلال حفرة في احد الجدران، وخرجوا واحدا تلو الاخر عبر الحفرة الى الشارع وهم يرشدون رجال الاسعاف الى مكان قريب. وقال احدهم: «يوجد اربعة قتلى تحت سلم انهار عليهم». ولم يظهر من الاربعة سوى واحد شوهدت منه ساقاه تخرجان من الحطام وقد ارتدى حذاء اسود. وقال احد العاملين الطبيين: «الدفاع المدني سيحاول اخراجهم، ولكن لا يمكننا تحريكهم هكذا. لا نستطيع سوى حمل الجرحى والقتلى الذين نستطيع تحريكهم». وظهر عدد من الجرحى من بينهم مسن مصاب بيده وكان يرتجف بينما كان ابنه يرافقه. ولكن حدة القصف تصاعدت، واعلن الجيش الاسرائيلي ان حماس انتهكت الهدنة ولذلك فانه يرد «بالمثل». وبدأت القذائف تتساقط بالقرب من الشارع الرئيس لتشعل المزيد من الحرائق التي زادت من كثافة الدخان الذي كان يغطي المنطقة. آلاف العائلات هامت على وجوهها في الشوارع ما إن لاح ضوء النهار حتى بدأت آلاف الأسر في ترك منازلها في حي الشجاعية شرق مدينة غزة هربا من الموت الذي أحاط بهم من كل جانب خلال الليلة الماضية بعد أن توغلت قوات الاحتلال على اطراف الحي مطلقة النار على كل شيء يتحرك. كان الأطفال يصرخون وهم يتشبثون بملابس وايدي آبائهم والحزن والفزع يملأ وجوه النساء، في حين بدت الحيرة أكثر وضوحا على وجوه الرجال الذين لم يكونوا يعرفون أين يتجهون بأطفالهم الصغار وعائلاتهم في ظل القصف المتواصل في المكان. عند الساعة الثامنة صباحا وعلى الطرف الغربي لحي الشجاعية وبينما كان الناس ينتظرون الحافلات للهروب من المكان, قال الشاب محمد الشوا 20 عاما إن عائلته تركت المنزل مع اشتداد القصف خلال ساعات الليل لافتا إلى أن القذائف كانت تتساقط على المنازل فتتسبب في سقوط الجرحى والشهداء من المدنيين. وتابع: سمعت من الناس إن جثث الكثير من الناس في الشوارع ولا تستطيع سيارات الإسعاف الوصول إليهم أو نقلهم. في المكان أيضا وقف المواطن معتز حمدية 32 عاما وسط المئات من الناس ينتظر حافلة لتقله مع زوجته واطفاله الستة قائلا: «إنهم يقصفون كل شيء وهناك كثير من الجثث في الشوارع». وتابع بغضب: انتظرت طيلة الليل كان صغاري يبكون وأحاول تهدئتهم وما ان لاح ضوء الصباح حتى تركت البيت ولا اعرف أين اذهب. كانت العائلات تهيم في الشوارع منها من يتجه إلى مدارس الاونروا التي فاضت بمن فيها ولم تعد تستوعب المزيد من العائلات, في حين فضل آخرون مواصلة التحرك غربا الى مستشفى الشفاء بالمدينة فازدحمت الشوارع بهم وبأطفالهم. في مستشفى الشفاء بمدينة غزة ازدحمت الطرقات والحدائق وردهات المنازل بالعائلات التي كانت تبحث عن أي مكان يقيها من حرارة الشمس التي كانت تزداد سطوعا لتضيف المزيد من الأعباء عليهم. كان كثير من الناس يهرعون الى قسم الاستقبال في المستشفى لمعرفة مصير أقاربهم او لأخذ أبنائهم المصابين بجروح مختلفة في جو من الغضب والقهر الا ان الناس بدأت تفكر بما جرى معها بعد فترة من الوقت والهدوء. المواطن نعيم رجب 60 عاما اختار الجلوس مع عائلته على درجات السلم المؤدية الى احد الاقسام قائلا ان قوات الاحتلال أجبرته وعائلته على الخروج من المنزل منذ ساعات الصباح لافتا الى ان الكثير من جيرانه اصيبوا بجروح مختلفة بعد ان سقطت القذائف على منزلهم. وقال: أمضيت اكثر من ساعة مشيا على الأقدام حتى وصلت الى مستشفى الشفاء ولا اعرف ماذا ينتظرنا هنا. الكثير من القصص يمكن سماعها في كل مكان في مدينة غزة عن مجزرة حي الشجاعية والعدوان الاسرائيلي المتواصل عليها, لكنك لا تسمع حرفا واحدا عن ضرورة التسليم ورفع الراية البيضاء. ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة بشعة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة فجر أمس، راح ضحيتها أكثر من 65 شهيداً، بينهم صحافي ومسعفان اثنان، وستة مصابين من طواقم الإسعاف، إضافة إلى مئات الجرحى، تزامنا مع هجمات واسعة من البر والجو والبحر شنتها قوات الاحتلال، شملت كافة مناطق القطاع، وأسفرت عن استشهاد نحو 35 مواطناً بينهم نساء وأطفال. ففي حي الشجاعية، بدأت فصول المجزرة البشعة، التي ذهب البعض لتسميتها «صبرا وشاتيلا 2»، عند منتصف ليل السبت الأحد، حين بدأت عشرات القذائف الحارقة والمسمارية وصواريخ الطائرات الحربية تنهمر بصورة مكثفة وغير مسبوقة، تجاه الحي المكتظ بالسكان، وتصيب المنازل المأهولة بصورة مباشرة. وتلقت أطقم الإسعاف التابعة لجمعية الهلال الأحمر والدفاع المدني، عشرات الاستغاثات من مواطنين، للمطالبة بمساعدتهم في إخلاء شهدائهم وجرحاهم من داخل الحي. وتعرضت سيارات الإسعاف التي حاولت الوصول للمنطقة لإطلاق نار كثيف، أسفر عن إصابة وتدمير عدد منها واستشهاد مسعفين، وإصابة آخرين، ما حال دون تمكن المسعفين من إخلاء عدد كبير من الشهداء والمصابين. ووصل مستشفى الشفاء بمدينة غزة حتى ساعات مساء أمس، نحو 65 شهيدا وأكثر من 400 مصاب، بينهم عائلات بأكملها، ومعظم الشهداء والجرحى هم من الأطفال والمدنيين. واستشهد نجل القيادي في حركة «حماس» خليل الحية، ويدعى أسامة وزوجته واثنان من أبنائه، كما أصيبت زوجة الحية بجروح بالغة، ودمر منزل العائلة كلياً. كما استشهد المصور الصحافي خالد حمد، خلال قيامه بتغطية أحداث مجزرة الشجاعية، إثر إصابته بشظايا قذائف إسرائيلية بصورة قاتلة، وكذلك استشهد المسعف فؤاد جبر، خلال محاولته إخلاء الشهداء والجرحى من الحي المنكوب. ولم يتسن التعرف على هوية الكثير من الشهداء، وراجت أسماء عائلات قتلت بأكملها، أو استشهد معظم أفرادها. وبلغ عدد شهداء عائلة عياد وحدها عشرة شهداء، وعائلة سكر خمسة شهداء، إضافة إلى خمسة من عائلة الحية، بينما تحدث شهود عن إبادة عائلات بأكملها، بعد أن قصفت ودمرت البيوت على رؤوس ساكنيها. وروى شهود عيان فروا من الحي شهادات مروعة، أكدوا من خلالها وجود عشرات الشهداء والجرحى تحت أنقاض منازل دمرتها القذائف، إضافة إلى انتشار الجثث في الشوارع، بعد أن استهدفت المدفعية والطائرات المدنيين العزل، خلال هروبهم من الحي، في حين شوهدت ألسنة النيران في مناطق عدة داخل الحي. هدنة قصيرة وسمحت إسرائيل في ساعات المساء بإعطاء هدنة لعدة ساعات في محيط حي الشجاعية فقط، لإخلاء الشهداء والجرحى من داخل المنازل، والسيطرة على الحرائق الهائلة التي اندلعت في الحي. ومنذ اللحظة الأولى من بدء سريان الهدنة هرعت أرتال من سيارات الإسعاف للحي المذكور، لإخلاء الشهداء والجرحى من داخل الحي، بينما فر مئات المواطنين الناجين من الحي. وصدم الأطباء والأطقم الطبية العاملة في مستشفى الشفاء بغزة، من توافد عدد كبير من الشهداء والجرحى منذ بدء الهدنة، وقد اكتظت كافة الأسرة في المستشفى بالمصابين، بينما امتلأت ثلاجات حفظ الموتى بجثامين الشهداء، وعلى أرضية المستشفى. وصدم الصحافيون والمنقذون من مشاهد الدمار والخراب غير المسبوقة في الحي، حيث عشرات المنازل دمرت، وانتشرت رائحة الدماء والبارود في كل ركن من أركانه. ورغم التهدئة، تعرضت طواقم الإسعاف والصحافيين لإطلاق النار، ما عرقل عمليات إخلاء الشهداء والجرحى. وصدرت ردود فعل من قبل العديد من الجهات بعد جريمة الشجاعية، كان أبرزها لحركة «حماس»، التي أكدت أن المجزرة لن تدفع الشعب الفلسطيني للاستسلام، متوعدة الاحتلال برد قاس عليها. وقال الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري في تصريح صحافي، تعقيباً على المجزرة، إن المقاومة ستستمر في تكبيد الاحتلال خسائر كبيرة، ولن تسمح لقواته بأن تطأ أقدامها أرض غزة. وأضاف: «ارتقى عدد كبير جدا من الشهداء على مسمع ومرأى المجتمع الدولي.. فالاحتلال يحاول تعويض فشله أمام المقاومة من خلال استهداف المدنيين، عبر تنفيذه سياسة الأرض المحروقة في الميدان». عشرات الشهداء والجرحى وسقط أكثر من 35 شهيداً وعشرات الجرحى في سلسلة غارات وهجمات وقصف مدفعي، نفذتها قوات الاحتلال ضد مناطق في قطاع غزة خلال الساعات القليلة الماضية. واستشهد في ساعة مبكرة من فجر أمس، ثلاثة أشقاء من عائلة معمر، جراء قصف منزل عائلتهم في حي الجنينة شرق مدينة رفح. وأعلنت مصادر طبية فلسطينية في مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار بالمحافظة، عن وصول جثماني الشهيدين الشقيقين محمد وحمزة محمود معمر: «21 و30 عاماً»، وإصابة عدد من أفراد العائلة بجروح متفاوتة الخطورة. وبعد نحو ساعة أعلنت ذات المستشفى عن ارتقاء الشقيق الثالث، أنس محمود معمر «17 عاماً»، متأثراً بجراحه. كما استشهد المواطن حسني محمود العبسي «56 عاماً»، في ساعة مبكرة من فجر أمس، جراء قصف الطائرات منزل لعائلة بلبل، يقع في حي تل السلطان غرب المدينة، وأسفر الاستهداف عن إصابة خمسة مواطنين آخرين، وتدمير المنزل المستهدف بصورة كاملة. كما استشهدت مواطنة وطفلة وفتى جراء قصف منزل تعود ملكيته لعائلة الشاعر، بينما أصيب خمسة من أفراد العائلة، وفقدت آثار اثنين من أفراد العائلة يعتقد أنهما لا زالا تحت أنقاض المنزل. وعثر على جثمان شهيد سقط في بلدة بيت حانون، جراء قصف قوات الاحتلال للمناطق المتاخمة لمنطقة الاجتياح. وفي ساعات الظهر استشهد محمود أبو عنزة «24 عاماً» بقصف شرق محافظة خان يونس، في حين عثر على جثمان مقاتلين اثنين من «سرايا القدس» الذارع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، وهما وسام فهد زعرب، وشادي درويش السقا، كانت الطائرات استهدفتهما في منطقة زراعية تقع ما بين محافظة رفح وخان يونس. بينما سقط عدد من الشهداء والجرحى في قصف مدفعي استهدف منزل عائلة المغربي في حي الجنينة شرق مدينة رفح. وتم انتشال جثمان المواطنة نجاح المغربي وحفيدها من داخل المنزل المستهدف، وأصيب عشرة من أفراد العائلة بصورة متفاوتة. واستشهد الطفل محمد هندم «14 عاماً»، وأصيب والده بجروح بالغة الخطورة، خلال محاولتهما إخلاء منزل العائلة الكائن شرق مدينة رفح، جراء استهدافهما بقذيفة مدفعية. كما استشهد أربعة في قصف جديد استهدف مخيم البريج وسط قطاع غزة، مساء أمس. وسقط ثلاثة شهداء وهم: أحمد توفيق زنون، وصهيب أبو قورة، وحميد صبح فوجو، في قصف من الزوارق الحربية الإسرائيلية على ساحل بحر رفح. كما سقط شهيدان من عائلة شلوف، في استهداف الزوارق منازل المواطنين غرب مدينة رفح. كما سقط ثلاثة شهداء من عائلة أبو جامع وأصيب عدد آخر من أفراد العائلة، جراء قصف استهدف منزل مأهول للعائلة، يقع في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، تزامنا مع غارة استهدفت مجموعة من المواطنين، شرق المحافظة، ما أسفر عن استشهاد باسم البريم، وإصابة آخرين. واستشهدت الطفلة آية بهجت أبو سلطان وأصيب عدد من أفراد عائلتها في قصف منزل العائلة في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع. وسقط ثمانية شهداء من عائلتي الحلاق وياسين، بينهم نساء وأطفال، في غارة استهدفت شقتين سكنيتين، في منطقة الرمال في مدينة غزة، ظهر أمس. وعرف من بين الشهداء الثمانية: سمر أسامة الحلاق (29 عاماً) وكنان أكرم الحلاق (5 أعوام) وهاني محمد الحلاق (29 عاماً) وسعاد محمد الحلاق (62 عاماً) وساجي الحلاق وإبراهيم خليل عمار وأحمد ياسين، وشهيد ثامن لا يزال مجهول الهوية، فيما أصيب 16 مواطنا آخرين بينهم إصابة خطرة، ونقلوا إلى مستشفى الشفاء غرب المدينة. كما تحدثت بعض المصادر عن سقوط عدد من الشهداء شرق مدينة خان يونس ليلة أمس، جراء قصف مدفعي استهدف المنطقة. اشتباكات ضارية واتسم اليوم الثالث من العدوان بضراوة الاشتباكات التي اندلعت عند محاور الاجتياح الأربعة، شرق وشمال قطاع غزة، حيث واصلت مجموعات من المقاومين من مختلف الفصائل، تصديها لقوات الاحتلال، ما أسفر وفق اعترافات إسرائيل عن مقتل 14 جنديا إسرائيليا، وإصابة العشرات، كما دمرت وأعطبت عدد من الدبابات. وأفاد شهود عيان ومصادر متعددة، بوقوع اشتباكات ومواجهات مسلحة عنيفة، ترافقت مع قصف مكثف بقذائف الهاون وقذائف صاروخية من عيار «107»، لتجمعات الجنود والآليات في المناطق الأربعة التي تم اجتياحها. كما نجح مقاومون في إطلاق قذائف صاروخية مضادة للدبابات وصواريخ موجهة من طراز «كورنت» و»تاندوم»، تجاه آليات إسرائيلية مشاركة في العدوان، وقد أفيد بإصابة أكثر من آلية إسرائيلية، خاصة شرق مدينة خان يونس، وفي محيط الكلية الزراعية في بلدة بيت حانون شمال القطاع. ووفقا لما أعلنته «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، فإن مقاتليها تمكنوا في ساعة مبكرة من فجر أمس، من إيقاع قوة عسكرية إسرائيلية كبيرة «راجلة ومحمولة»، في كمين محكم، قرب حي التفاح شرق مدينة غزة، وقتلت وأصابت العديد من الجنود ودمرت عربات عسكرية. واعترفت قوات الاحتلال بسقوط أعداد متزايدة من القتلى والمصابين من جنودها جراء ضراوة الاشتباكات. كما أعلن عن قيام مقاوم بتفجير عبوة ناسفة كبيرة كان يحملها في ناقلة جند، ما أسفر عن استشهاده وتدمير الناقلة. تجريف ومداهمة وصعدت قوات الاحتلال من عمليات التجريف والتخريب في المناطق التي تسيطر عليها، حيث عمدت الجرافات لهدم وتدمير مزيد من المنازل، وتخريب وتجريف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية. ووفقا للمصادر المتطابقة، وروايات شهود عيان، فإن مدينتي رفح وخان يونس جنوب قطاع غزة شهدتا أوسع عمليات تجريف، حيث زادت عدد المنازل التي دمرتها قوات الاحتلال في محيط مطار غزة الدولي المحتل ومنطقة الجرادات على عشرين منزلا، إضافة إلى مبنى لجمعية خيرية، وغرف ومباني زراعية، وأكشاك صفيح لعائلات بدوية. وهدمت الجرافات في مدينة خان يونس عددا غير محدد من المنازل الخالية، التي كان أجبر سكانها على تركها والنزوح عنها نظرا لشدة القصف. كما شهدت الأراضي الزراعية الواقعة في محيط بلدات خزاعة وعبسان وبني سهيلا عمليات تجريف واسعة، أسفرت عن تجريف مساحات واسعة منها، واقتلاع عشرات الأشجار المثمرة المنتشرة شرق المحافظة، ودمرت الجرافات وخربت شبكات مياه. وكان الوضع في محاور الشجاعية وبيت حانون وبيت لاهيا شمال القطاع مشابها، حيث هدمت الجرافات عدداً من المنازل، وجرفت أراضي زراعية، وخربت مرافق بنية تحتية، من بينها خطوط وشبكات كهرباء رئيسية، ما تسبب في مواصلة انقطاع الكهرباء عن مناطق واسعة من مدينة غزة. وقالت بعض المصادر المطلعة، إن جهات عديدة بذلت جهوداً مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجهات دولية أخرى، للحصول على تنسيق يمكن الفرق الفنية التابعة لشركة توزيع الكهرباء من الوصول للأعطال، وإصلاحها، غير أن ذلك صدم برفض إسرائيلي قاطع. وكانت قوات كبيرة من جيش الاحتلال واصلت مداهمة منازل تقع في محاور التوغل شمال وجنوب قطاع غزة، حيث أفيد عن اعتقال ما لا يقل عن عشرين مواطناً، وإجراء تحقيق ميداني مع عشرات آخرين، كما واصلت قوات الاحتلال اعتلاء منازل وبنايات مرتفعة تقع في منطقة التوغل، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية ونقاط قنص وقتل للمواطنين. وقالت بعض المصادر، إن قوات الاحتلال تستخدم سكان المنازل التي استولت عليها كدروع بشرية، بينما تعمد قناصتها إحداث فتحات صغيرة في جدران المنازل، وبدؤوا يطلقون النار تجاه كل ما هو متحرك، ما تسبب في سقوط مزيدا من الشهداء والجرحى، ونشر الخوف والهلع في كافة المناطق المتاخمة لمواقع التوغل. قصف بري وجوي وشنت طائرات الاحتلال هجمات وغارات جديدة وعنيفة، حيث نفذت من الجو عدداً كبيراً من الغارات، وقصفت ودمرت مزيداً من منازل النشطاء. ونفذت طائرات مقاتلة غارات عنيفة تجاه أراض تقع شمال وشرق مدينتي خان يونس ورفح، بينما دمرت تلك الطائرات دفيئات ومزارع وحظائر أغنام. وقصفت الطائرات مبنى ورشة الصيانة التابع لبلدية رفح، ما تسبب في إلحاق دمار واسع في الورشة. كما شنت الطائرات غارات عنيفة ومتواصلة تجاه منطقة الأنفاق على الحدود المصرية الفلسطينية، ما تسبب في إلحاق دمار وخراب كبيرين في الممتلكات والمنازل القريبة، وشيوع أجواء من الخوف في صفوف المواطنين. وواصلت الطائرات تنفيذ غاراتها في كافة مدن ومحافظات غزة، لا سيما في بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون شمال القطاع، ومنقطة البريج والمغازي وسط قطاع غزة. وكانت الدبابات وبطاريات المدفعية قصفت وبشكل عنيف قرى وبلدات حدودية تقع شرق وشمال القطاع، بمئات القذائف من عيارات عدة. وقال شهود عيان، إن عدداً كبيراً من قذائف المدفعية سقط على منازل مأهولة، ما أوقع العديد من الإصابات، كما سقطت أخرى في داخل أراض زراعية. وشهد القصف المدفعي تحولاً خطيراً خلال ساعات فجر ونهار أمس، حيث أصابت القذائف مناطق أكثر عمقاً في الأحياء السكنية الواقعة بمحاذاة مناطق التوغل، لا سيما جنوب وشمال القطاع. فقد بدأت القذائف ولأول مرة بالسقوط قرب حي التنور ومنطقة البرازيل وخربة العدس شرق رفح، كما أصابت قذائف مناطق بعيدة نسبيا شرق خان يونس، إضافة إلى إصابة شوارع وبيوت تقع في عمق بلدة الشجاعية شرق مدينة غزة. كما شهدت بلدتا بيت حانون وبيت لاهيا شمال القطاع قصفاً مكثفاً من المدفعية، التي أصابت بقذائفها شققاً سكنية في منطقة أبراج الندى، غير أن إخلاء معظم تلك الشقق من سكانها حال دون وقوع إصابات في الأرواح. كما أطلقت الدبابات قنابل حارقة، ما أسفر عن اشتعال النيران في العديد من المنازل شرق مدينة غزة. ولا زالت عمليات النزوح تتواصل بشكل ملحوظ في محاور الاجتياح الأربعة، حيث شوهدت مجموعات المواطنين تغادر منازلها القريبة من مناطق الاشتباك، وتلجأ إما لمراكز الإيواء التي افتتحتها وكالة الغوث في كافة أرجاء القطاع، أو إلى بيوت أقارب وأصدقاء، بحثاً عن الأمن المفقود. ووفقاً لما أكدته وكالة الغوث الدولية «أونروا»، فإن أكثر من 65 ألف فلسطيني نزحوا عن منازلهم في القطاع، ولجؤوا إلى مراكز إيواء مؤقتة إقامتها. وكانت وزارة الصحة حذرت من كارثة صحية جراء نفاد أصناف عديدة من الأدوية والمستلزمات الطبية.