تصاعدت ردود الفعل بسرعة كبيرة في أعقاب الحلقة الأخيرة التي بثتها قناة الجزيرة للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، التي روى فيها واقعة تقديم السادات فنجان قهوة صنعه بيديه للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، توفي بعده بثلاثة أيام بعد انتهاء مؤتمر القمة الذي عقد بالقاهرة في شتنبر عام 1970. وتقدمت رقية الابنة الكبرى للرئيس السادات ببلاغ للنائب العام تطالب فيه بالتحقيق فيما ذكره هيكل في الحلقة الأخيرة من برنامجه “تجربة حياة”، الكلام الذي اعتبرته يثير الشكوك حول إمكانية تورط والدها في وضع السم للرئيس عبد الناصر في فنجان القهوة . ورغم أن هيكل لم يسلم في نص الحلقة، التي بثتها “الجزيرة” ليل الخميس/الجمعة، بصحة فرضية الاغتيال، إلا أن سمير صبري محامي رقية قال لصحيفة “المصري اليوم” المحلية، إن هيكل روى أن السادات أعد فنجاناً من القهوة بيده للرئيس عبد الناصر، بعدما أخرج الطباخ الخاص من المطبخ، ما يعني “اتهاماً صريحاً للرئيس السادات بقتل الرئيس عبد الناصر بالسم” . وكان هيكل ذكر على نحو واضح في حلقته الأخيرة من “تجربة حياة” أنه لا يستطيع أن يقطع برأي في الروايات التي ترددت حول اغتيال عبد الناصر، وكلها لم تستند إلى أدلة قاطعة وواضحة، وقال إن الشكوك أخذت بعض الناس إلى بعيد، وإن الشكوك طالت السادات “وأنا أظن أن هذا الكلام غير مقبول” . وروى الكاتب الكبير أن البعض يستشهد بواقعة جرت قبل ثلاثة أيام من رحيل عبد الناصر في فندق “هيلتون” أثناء التجهيز لانعقاد “قمة أيلول” وقال “كنت حاضراً في هذه الواقعة” . وأوضح أن الرئيس عبد الناصر بدا عليه الغضب أثناء مناقشة بينه وياسر عرفات، ولاحظ السادات ذلك فتطوع بإعداد فنجان من القهوة للرئيس وقدمه بنفسه بعدما أخرج الطباخ الخاص بالرئيس عبد الناصر من المطبخ، لكن هيكل أضاف على نحو واضح “الكلام بأن السادات في هذه الفترة وضع السم لعبد الناصر غير ممكن، لأسباب إنسانية وأخلاقية، ولمليون سبب ولأسباب عملية، فلم يكن في مقدور أنور السادات أن يفعل هذا، وكي يصدق أحد هذا الكلام فهو يحتاج إلى أدلة كثيرة جداً” . وقال سمير صبري محامي رقية السادات إن رواية هيكل التي قال فيها إن السادات قال للرئيس عبد الناصر “يا ريس أنت محتاج فنجان قهوة وأنا هاعملهولك بإيدي”، يعني اتهاماً واضحاً وصريحاً للسادات بالقتل والتسميم، الأمر الذي من شأنه أن يلحق أضراراً جسيمة بموكلته رقية . من جانبها قالت صحيفة “العربي” في عددها الصادر أمس، إن الرواية التي ذكرها هيكل “أحدثت ذهولاً في الرأي العام”، قبل أن تتساءل في عنوان عريض بصفحتها الأولى هل مات عبد الناصر مسموماً ب”قهوة السادات”؟ التداعيات الأخيرة لرواية هيكل دفعت بالجدل الدائر منذ فترة في مصر، حول حقيقة الرحيل المفاجئ للزعيم جمال عبد الناصر إلى ذروته، وكان حاتم صادق زوج السيدة هدى عبد الناصر قد قال صراحة في حوار نشر قبل أيام في مجلة “نصف الدنيا” الصادرة عن مؤسسة الأهرام، إنه لا يستبعد أن يكون ما جرى للرئيس عبد الناصر اغتيالاً، وإنه لا يستبعد تورط “إسرائيل” في هذه العملية .