رجع الصحافي المصري محمد حسنين هيكل إلى حكاية اتهام المغرب بتسريب أوراق وصور ومحادثات القمة العربية التي عقدت بالرباط سنة 1965 إلى إسرائيل. وقال هيكل، المعروف بقربه من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، في حلقة جديدة من برنامج «مع هيكل» على قناة الجزيرة الأسبوع الماضي، إن «وقائع المؤتمر العربي الذي كان يناقش ورقة سورية حول إعلان الحرب على إسرائيل تسربت عبر شركة إعلامية كلفت بإعداد قاعة المؤتمر وتسجيل الوقائع، وأن هذه الشركة الفرنسية كان إسرائيليون مساهمين في رأسمالها، ومن هنا تسربت تسجيلات المؤتمر إلى إسرائيل وعرفوا بكل الخطط والكلام الذي قيل في قمة عربية مغلقة». هذا وكان الصحافي المصري المخضرم قد سبق أن اتهم الملك الراحل، الحسن الثاني، بإقامة علاقات متشابكة ومعقدة مع إسرائيل، واستشهد بكتب ومذكرات إسرائيلية تسلط الضوء على علاقة الملك بإسرائيل. هذا في حين أرجعت مصادر مغربية اتهامات هيكل للحسن الثاني إلى عداوة هذا الأخير لعبد الناصر، حيث لم يكن الملك الراحل على وفاق مع الزعيم القومي في الخمسينات والستينات، أكثر من هذا سبق للحسن الثاني أن اتهم هيكل بالمعرفة المسبقة بخطط الانقلاب الفاشل في الصخيرات سنة 1971. وكان الإعلام الرسمي المغربي قد روج لرواية علاقة العسكريين الذين وقفوا خلف انقلاب الصخيرات الفاشل بالضباط الأحرار في مصر... هذا وكان هيكل قد التقى أكثر من 7 مرات مع الملك الراحل وسبق أن دخل معه في جدال على صفحات «الأهرام»، بعد صدور كتاب «مذكرات ملك»، حيث أعاد الحسن الثاني اتهام هيكل والأهرام بدعم الانقلابيين، وهو ما نفاه هيكل في حياة الحسن الثاني، لكن الصحافي المصري المشهور لم يكتب في حياة الملك عن حكاية تسرب وثائق القمة العربية لسنة 1965 إلى إسرائيل من المغرب. ولم يكتب ذلك إلا بعد وفاة الحسن الثاني، حيث خصص له مقالا طويلا نشر على عددين في المجلة المصرية «وجهات نظر»، والغريب أن المجلة دخلت إلى المغرب ووزعت على نطاق واسع أشهرا بعد وفاة الحسن الثاني وكان آنذاك وزير الإعلام هو الصحافي العربي المساري الذي استشار أصحاب القرار في موضوع توزيع المجلة المصرية وعليها مقال هيكل المثير للجدل. وكان جواب مقربين من القصر آنذاك هو السماح للمجلة بالدخول إلى المغرب، وهو الأمر الذي فاجأ إدارة المجلة والصحافي حسنين هيكل الذي كان يتوقع حظر المجلة في المغرب كما وقع معها في الأردن، حيث كتب هيكل مقالا يعيد فيه حكاية علاقة الملك الحسين بن طلال بوكالة المخابرات الأمريكية (السي اي ايه) وتخصيص هذه الأخيرة لأجر للملك وصل إلى حدود 25 مليون دولار في السنة وهو ما نفاه مقربون من الملك الأردني الراحل واتهموا هيكل بتصفية حساباته مع العروش العربية التي لم يكن على ود مع أنظمتها، رغم لقاءات عدة جمعته بملوكها أيام كان الصحافي رقم واحد في العالم العربي. هذا وكان المفكر عبد الله العروي قد هاجم هيكل في مذكراته واعتبر أسلوب تفكيره وعمله جزءا من عقلية المؤامرة التي تسود الخطاب الإعلامي العربي منذ عشرات السنين إلى اليوم، وحول احتمال أن يكون الملك قد سرب تسجيلات القمم العربية إلى إسرائيل استبعد العروي ذلك في لقاء ل«المساء» معه، وقال: «لا أعتقد أن رجل دولة مثل الحسن الثاني يمكن أن يقوم بذلك، لكن ما يمكن أن أخمنه هو أن التسجيلات أو بعضها وصلت إلى أمريكا بموافقة العرب والدليل على أن الاتهامات الإسرائيلية للعرب بالتحضير للحرب غير صحيحة هو تسجيلات بعض جلسات القمم...». مصادر أخرى من حزب الاستقلال أرجعت الكثير من الاتهامات التي يرددها هيكل عن الملك الراحل الحسن الثاني إلى علاقة هيكل بالمعارض المهدي بن بركة وأن العديد من الروايات التي يعيد تكرارها هيكل سمعها دون تمحيص من بن بركة الذي كان على ود مع نظام ناصر في الستينات، وكان يلتقي مع هيكل بانتظام في القاهرة.