بعد أيام من عيد ميلاده الثمانين وأكثر من 60 سنة من الكتابة والتأليف قال الكاتب والصحفي المصري محمد حسنين هيكل إنه سيعتزل الكتابة. وقال هيكل الذي برز مصريا وعربيا وعالميا "إن أي حياة -عمرا وعملا- لها فترة صلاحية بدنية وعقلية وإنه من الصواب أن يقر كل إنسان -بالحس قبل النص- بهذه الحقيقة ويعطيها واجبها واحترامها". وأضاف في مقال طويل عنوانه "استئذان في الانصراف" نشرت صحيفة الأهرام الجزء الأول منه اليوم الثلاثاء "كان يرد على بالي منذ سنوات أن الوقت يقترب من لحظة يمكن فيها لمحارب قديم أن يستأذن في الانصراف". وبدأت شهرة هيكل مع قربه من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في فترة شهدت حروبا ساخنة وباردة وأزمات سياسية في المنطقة العربية وعلى الساحة الدولية كانت مصر طرفا في كثير منها خلال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات. وأوضح هيكل في هذا المقال الذي يتوقع أن يكون الأخير أن نداءات زملاء وأصدقاء له بالاستمرار لم تثنه عن قرار اعتزال الكتابة وقال "تكرموا بجهدهم في تحويلي عما رأوه اتجاهي راغبين في إقناعي بأني مازلت -جسدا وفكرا- قادرا على الاستمرار". وظهرت في صحف مصرية في الأسبوعين الماضيين مقالات تدعو هيكل إلى مواصلة الكتابة. وغادر هيكل جريدة الأهرام على إثر خلافات في الرأي مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات بعد حرب أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973 وكان وقتها في الخمسين من عمره. وقد ظهرت مقالاته بعد ذلك في صحف عربية وبريطانية وألف عدة كتب عن الصراع بالشرق الأوسط والتحولات السياسية المصرية، ومذكرات عمله الصحفي مع عبد الناصر والسادات. وكشف هيكل أن هاجس الاعتزال راوده يوم وفاة عبد الناصر فقال "من باب الدقة فإن هاجس الانصراف -حتى بدون استئذان- ومض لأول مرة في خاطري مساء يوم 28 سبتمبر 1970 في غرفة نوم جمال عبد الناصر نفسه وكان ذلك الصديق الكبير أمامي على فراش نومه وقد تحول في دقائق إلى فراش موته". وأرجع هاجس الاعتزال بعد وفاة عبد الناصر إلى الارتباط الشخصي به قائلا "خطر ببالي أن صداقتي الحميمة لجمال عبد الناصر وحماستي لمبادئ مشروعه مرتبطة على نحو ما بثقة مباشرة فيه والآن وقد غاب فإن علي أن أراجع موقفي وبحزم. وبدا لي دون ظل من شك أنني لا أريد أن أكون طرفا في صراع". وقال هيكل إنه واجه اختيارا بين "الانصراف فور تشييع الراحل الكبير إلى مرقده الأخير والانسياق إلى صراع لا أريده بوسائل لا أملكها ولا أريد امتلاكها". المصدر : الجزيرة