كتب زميلي المقتدر و الباحث الرصين منتصر حمادة على صفحته في "الفيسبوك" ما أوحى لي بعنوان هذا المقال حيث كتب أن ما يجعل نهاية الأسبوع الماضي حزينة هو رحيل المفكر الكبير وعالم المستقبليات الشهير المهدي المنجرة الذي يعتبر واحدا من ضمن ألفي شخصية عالمية بصمت القرن العشرين، حسب إحدى أكبر المؤسسات العالمية لاستطلاع الرأي، والذي شغل منصب المسؤول عن الثقافة بالبلدان العربية بمنظمة اليونسكو في السبعينات من أشهر مؤلفاته "الحرب الحضارية الأولى" و"عولمة العولمة" (1). اعتبر الزميل منتصر أن "جنازة المهدي المنجرة، كانت فضيحة لنا جميعا، ولولا حضور أهله في المسجد وفي الدفن، مع حضور متواضع للنخبة الفكرية، لكانت فضيحة الفضائح، واسألوا بلقزيز ووقيدي واليحياوي والعطري، لتطلعوا على الخبر اليقين". كتبت تعليقا على تعليقه "هكذا نهاية المثقفين في بلدان العالم الإسلامي التي تعيش حالة غروب ثقافي" وقد عبرت بذلك نظرا لأنني أرى أن الامة الإسلامية عرفت مرحلة الشروق الحضاري ببعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعاشت مرحلة الظهر الثقافي أيام الدولة العباسية ثم مرحلة العصر الثقافي مع الدولة العثمانية الى أن جاء الغروب الحضاري والثقافي مع آخر ملوك الطوائف بالأندلس ومن ثم الدخول في ليل ثقافي عميق تظهر فيه بعض النجوم من حين إلى حين كموضوع حديثنا اليوم الذي كان يرى أن "الغرب متغطرس ثقافيا لأن فضاءه الزمني التاريخي محدود. حين تذهب إلى العراق أو الصين أو إلى أمريكا الجنوبية ثمة ثقافة متجذرة ومتطورة. في الولاياتالمتحدة تجد بالمقابل الأكلات السريعة ("الفاست فود")". التقدم العلمي لا يعني آليا امتلاك ثقافة التواصل مع الآخر. أنا أعتقد أن العالم يعيش حالة انفجار، وهنا أعود لتعبير "الانتفاضة". فالانتفاضة انفجار يحدث حين يبلغ السيل الزبى. ثمة ظلم هائل في العالم، ومن اللازم إيجاد الحلول كي يكون كل الناس رابحين وكي لا يكون هناك خاسر"، (2)، وهو ما يمكن أن نعبر عنه بحالة الظهر الثقافي الذي انتقل من الشرق الى الغرب، فمع القضاء على ملوك الطوائف غربت الحضارة في الشرق وأشرقت في الغرب فمتى يا ترى ينتهي ليلنا الثقافي وتشرق شمسه من جديد. 1 انظر موقع الأستاذ المهدي المنجرة على الرابط التالي: www.elmandjra.org 2 انظر المهدي المنجرة، الإهانة في عهد الميغا- إمبريالية، المركز الثقافي العربي، الدارالبيضاء، 2007،ط 5، ص:30. * باحث مشارك بمركز جاك بيرك للعلوم الاجتماعية و الانسانية الرباط