إزاء حالة الجمُود التِي لا تزالُ معها عقوبة الإعدام معطلةً على مستوى التطبيق بالمغرب، وثابتةً في منظومته الجنائيَّة، جمعَ الأمينُ العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، ثلَّة من الفاعلِين السياسيين والحقوقيين، مساء الجمعة، لحشدِ الأصوات المنادية بالإلغاء وتمكينها من ممارسة تأثير في المجتمع المغربي. الصبار الذي كان يتحدثُ في لقاءٍ دراسي، بمقر الCNDH، في الرباط، قال إنَّ إلغاء عقوبة الإعدام ليس شأنًا حقوقيًّا صرفًا وإنما يتمُّ المجتمع بأكمله، ذاهبًا إلى أنَّ الظرفيَّة الحاليَّة فرصة سانحة للمضي قدما في المناداة بالإلغاء، على اعتبار أنَّ المغرب من الدول التي عطلتْ العقوبة على مستوى الواقع، منذ 1993، ولم تبق عليها سوى في المنظومة الجنائية، فيما تتعالى أصوات أنسنة العقاب أكثر فأكثر بالعالم. الصبار أوضح أنَّ مستند المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، هي توصيات الإنصاف والمصالحة التي نبهت إلى توظيف العقوبة في فترةٍ من الفترات من أجل النيل من المعارضين وتصفيتهم، كما أنَّه لم يعد من الممكن الإبقاء على الإعدام في القانون المغربي، بعدما أكدَ دستور 2011 قدسيَّة الحق في الحياة. وهو ما يستدعِي الحشد إلى حين إيجاد القوة العددية الكافية في البرلمان لإقرار تشريعٍ يتراجع عن العقوبة. من جانبه قال ممثلُ شبكات المحاميات والمحامِين ضدَّ عقوبة الإعدام، علي عمار، إنَّ المجتمع المدني في المغرب راكمَ الكثير من الجهُود في المناداة بإلغاء عقوبة الإعدام باعتبارها عقوبة شنيعة تجيز القتل باسم القانون، وهو ما لم يعد يقبله السياق الراهن، وسط تعالي أصوات الائتلافات المنادية بإلغاء العقوبة. عمَّار شنَّ هجومًا عنيفًا على "قوى محافظة" قال إنها تقاومُ مساعي تحقيق الكرامة بلغة التخويف، مضيفًا أنَّ أصحاب "عمامة الأصوليَّة والخصوصيَّة" يرفضُون النصوص الوضعيَّة وإنْ كانت معتمدة في جوانب العقاب الأخرى داخل المنظومة الجنائيَّة، حتى وإنْ قطعت الإنسانيَّة مسارًا مهمًّا. في غضون ذلك، استغربَ ممثلُ الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، عبد الإله بنعبد السلام، كيفَ أنَّ هناك قبولًا اليوم بالنصوص التشريعيَّة التي لا قطع معها ليد السارق ولا جلد لمن يمارس علاقاتٍ جنسية خارج إطار الزواج، وثمة في المقابل، تشبثًا بعقوبة الإعدام، كمَا لوْ أنه يجسدُ الشريعة لوحده. بنعبد السلام زاد أنَّ الحكومة همشت مطلب إلغاء الإعدام ولم توليه أهمية في الميثاق الوطني للعدالة، ولا التعديلات التي أجريت على مستوى القانون الجنائي، "لا يعقلُ أنْ تعاكس الحكومة المسار الطويل للنضال من أجل إلغاء العقوبة"، يقول الحقوقي. البرلمانيَّة عن حزب الاتحاد الاشتراكي، حسناء أبو زيد، رأتْ في معرض تسييرها النقاش، الذِي دار حول العقوبة، إنَّ مقتضيات العدالة الانتقاليَّة والتوصيات التي رفعها الراحل بنزكري، تقتضي إلغاء العقوبة، معتبرةً الإبقاء عليها في القانون بمثابة تعطيلٍ لمشروع المصالحة الذِي لمْ يبلغْ متمه منذ 2004، بالرغم من وجود تمثلٍ لدى فئاتٍ من المجتمع لا يسيرُ بالضرورة في منحى تأييد الإلغاء.