بعْدَ امتناع المغرب عن التصويت على البروتوكول الأممي المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، للمرّة الخامسة، خلال شهر دجنبر الماضي، أخذتِ الضغوط على الحكومة للمصادقة على البروتوكول في التنامي. فبعْدَ الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، والتي أشاد فيها بالنقاش الدائر حول إلغاء عقوبة الإعدام، مؤكّدا أنها سيُمَكن من إنضاج وتعميق النظر في هذه الإشكالية، جدّدَ المجلس الوطني لحقوق الإنسان دعْوته المغربَ بإلغاء العقوبة، التي يرى الحقوقيون أنها "لا إنسانية"، وتمسّ الحقّ في الحياة، الذي نصّ عليه دستور 2011. وجاءَ تجديد المجلس الوطني لحقوق الإنسان دعْوته لإلغاء العقوبة، خلال حلقة نقاش حول عقوبة الإعدام ضمن الدورة 28 لمجلس حقوق الإنسان في قصر الأمم بجنيف السويسرية، حيث دعا الدولة المغربية إلى الانضمام إلى البروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام. كما دعا المجلسُ الدولة المغربيّةَ إلى التصويت الإيجابي على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام في أفق إلغائها، "باعتبارها عقوبة غير رادعة وتمثل نوعا من أنواع التعذيب، وتوظف أحيانا لأسباب سياسية وتتنافى وأنْسنة العقاب والاتجاهات المعاصرة في مجال السياسات المعاصرة". وتأتي دعوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان للدولة المغربية بإلغاء عقوبة الإعدام أيّاما قلية فقطْ بعْد أن طالبَ رئيس الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، عبد الرحيم الجامعي، خلال انعقاد الجمع العامّ للائتلاف المجلسَ بتبنّي موقفٍ واضح إزاءَ إلغاء عقوبة الإعدام، "وأن ينتصر لقانون جنائي خالٍ من عقوبة الإعدام مهما كانتْ دواعيها". وسبَق لرئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليزمي أنء تطرّق في تقرير شامل لوضعية حقوق الإنسان في المغرب شهر يونيو من السنة الماضية، وتطرّق التقرير في جزء منه إلى عقوبة الإعدام، مؤكّدا على أن غالبية التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة المُحْدثة سنة 2004 قد تمَّ تفعيلها، إلا أن بعض التوصيات مازالت لم تعرف سبيلها إلى التنفيذ، كالتوصية المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام. ويؤكّد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في توصياته المتعلقة بعقوبة الإعدام إلى على ضرورة ملاءمة التشريع الوطني الجنائي مع الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي انضم إليها المغرب، داعيا إلى اعتماد حوار وطني واسع بشأن هذا الموضوع، على اعتبار أنّ عقوبة الإعدام ما زالتْ محل نقاش وتضارب بين الأفكار والمواقف داخل المجتمع، خصوصا أمام بعض الجرائم البشعة ومخلفاتها لدى أقارب الضحايا. يُشارُ إلى أنّ المغربَ أوْقفَ تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، وهو ما يرَى المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنّ المغربَ بذلك يوجد ضمن دائرة الدول التي ألغت العقوبة في الواقع، غيْر أنّ المحاكم المغربية ما زالت تصدر أحكاما بالإعدام، ويوجد حاليا 120 محكوما بهذه العقوبة داخل السجون المغربية.