بالرغم أن عدد المسلمين بإيطاليا تجاوز المليون نسمة إلا أن تعامل الدولة الإيطالية مع الإسلام والمسلمين لا يعدو أن يتراوح بين المعالجة الأمنية من قبل السلطات لمختلف قضايا المسلمين بالرغم أن العديد من المسلمين هم إيطاليون والمعالجة الاجتماعية من قبل بعض الهيئات الحقوقية. ففي غياب أية إرادة سياسية للاعتراف بالمسلمين أقلية يجب احترام حقوقها مثلها مثل الأقليات الدينية يبقى كاهل المسلمين مثقلا بالواجبات اتجاه الدولة من غير أن توفر له أدنى الحقوق في ممارسة شعائره الدينية. فمن خلال ما يقرب سبعين سنة الذي هو تاريخ الجمهورية الإيطالية (67سنة) لم يتم الترخيص إلا ببناء مسجدين أحدهما بميلانو لايتسع سوى لبعض المئات من المصلين والآخر بروما تمت بنايته بأموال دول عربية وهذا ما يحتم على المسلمين اللجوء إلى بعض الحلول الذاتية كالالتجاء إلى بعض الأماكن التي قد لاتصلح لتواجد شخص واحد بها وما بالك لأداء الصلوات لمئات من الأفراد (المخازن مثلا أو الأقبية تحت العمارات)، وذلك بطريقة غير قانونية في العديد من الأحيان وهو ما يجعلها "فريسة سهلة" أمام الأوساط اليمينية المعادية للأجانب والمسلمين خاصة، وذلك بعد سيطرة هذه الأوساط على العديد من مراكز القرار في السنوات الأخيرة. وقد أثارت وسائل الإعلام المحلية في الفترة الأخيرة ثلاث قضايا تبين مدى معاناة المسلمين في ممارسة شعائر دينهم بإيطاليا دون البلدان الأوروبية الأخرى. "...نحن نحترم الإسلام بشرط أن يلتزم المسلمون بيوتهم لأداء شعائرهم" تحت هذه الأوامر تفاجأ العشرات من المسلمين ببلدة شمال إيطاليا (إقليم فاريزي) بمنعهم من أداء صلاة الجمعة داخل إحدى القاعات الرياضية التي كان –المسلمون-يستأجرونها لأداء صلاتهم، فحسب عمدة البلدة المسلمون ليسوا جمعية رياضية، بالرغم أن جميع الهيئات والجمعيات بالبلدة من سياسية وثقافية واجتماعية تستعمل نفس القاعة لنفس الغرض!!! وحتى لا يترك أي مجال للشك ف"تجمع المسلمين لأي غرض كان لن يتم الترخيص له مادمت قائما على هذه البلدة" يضيف العمدة لأحد المواقع المحلية. "الإسلام ليس من اختصاص القساوسة" تحت هذا العنوان شنت صحيفة "إلجورنالي" التابعة لمجموعة "بيرلوسكوني" (عدد 12 غشت الجاري) هجوما على أحد القساوسة ببلدة "غالاراتي" (إقليم فاريزي دائما) الذي "تجرأ" ووفر للمسلمين خلال طيلة شهر رمضان فضاء بجانب الكنيسة التي يقوم عليها لأداء صلواتهم. فبعد إغلاق المسجد الوحيد الذي كان موجودا بالبلدة وأمام استحالة فتحه من جديد أمام الرفض المتواصل لجميع الطلبات لم يكن أمام المسلمين سوى اللجوء إلى الكنيسة للتوسط لهم في القضية فما كان من الأب "فرانكو كرنفالي" القائم على الكنيسة إلا أن اقترح عليهم استغلال أحد الفضاءات الجانبية للكنيسة أمام رفض أي ترخيص للمساجد. وهو ما تعتبره الأوساط اليمينية طعنا من الخلف من قبل أب كنيسة "أرناطي" ب"غالاراتي" لتشن عليه حملة عنيفة معتبرة إياه مثله مثل القساوسة الشواذ أو الذين يستغلون الأطفال جنسيا كما ذهب إلى ذلك أحد المواقع المتعاطفة مع إسرائيل. وفي خضم الأسبوع الأخير تم الإعلان عن تقديم مشروع قانون مشترك بين الأغلبية والمعارضة (!!!) لتوسيع الطوائف والأقليات الدينية التي ستستفيد من أموال الضرائب المستخلصة على الدخل أو ما يعرف في إيطاليا ثمانية في الألف فسيتم فتح المجال حسب هذا القانون أمام مختلف المعتقدات والطوائف التي لم يكن معترفا بها من قبل من بوذية وهيندوسية بل حتى بعض الطوائف المسيحية التي لا تعترف بالكنيسة الكاثوليكية كشهود يهوه إلا المسلمين الذين يتعدى عددهم المليون نسمة (مليون و200 ألف حسب إحصائيات شبه رسمية) فلن يشملهم التمويل الضريبي بالرغم أن العديد من المسلمين يؤدون هذه الضرائب.