اغترافُ الحكومَة من جيوبِ المواطنِين أنَّى وجدتْ عسرًا في تحقيقِ توازنِ مؤسسةٍ من المؤسسات، ودعوةُ رئيسهَا كمَا لو كانَ ناشطًا حقوقيًّا إلى مقاطعَة المنتوجات التِي زادَ سعرهَا، أذكتْ على مدَى الأيَّام الماضيَة، نقاشًا في المغرب، حول الصواب في معالجة الحكومة لإقبال المكتب الوطنِي للكهرباء، برئاسة علي الفاسي الفهري، على الإفلاس، وتمكينهِ منْ دعمٍ، وفتحِ الباب أمامَ مراجعة التعريفَة. الزيادَات المتلاحقَة في المغرب، لا تبعثُ كثيرًا على الاستغراب، لدى بوعزة خراطِي، رئيس الجمعيَّة المغربية لحمايَة وتوجيه المستهلك، لأنَّ كثيرًا منهَا كان مبرمجًا بمقتضَى قانون الماليَّة ل2014، أمَّا بعض الزيادات التِي ستلهبُ جيوبَ المغاربة في الأشهر القادمة، فتطرحُ إزاءهَا أكثر من علامةِ استفهام، لأنَّ بعضهَا يحمِّلُ المواطن المغربي مسئوليَّة أخطاء ارتكبتْ على مستوى تدبير بعض المؤسسات، منها المكتب الوطني للكهرباء، ففي الوقت الذِي كان من المنتظر، أنْ تعاقب المسئولِين الذين تعاقبُوا على إدارة المكتب على اعتبار أنَّ هناك تراكماتٍ، تمَّ اللجوء إلى جيبِ المواطن، لأنهُ حلقةٌ أضعف. وبخلافِ ما تسوقهُ الحكومة، منْ أنَّ الزيادة في تعريفة الكهرباء لنْ تطالَ سوى شريحةً معينة، يشرحُ خراطِي أنَّ الزيادة المرتقبة لنْ تكون سوى حلقة ضمنَ سلسلة زياداتٍ قادمَة، لأنَّ الكهرباء شأنها شأن المحروقات، تنعكسُ تكلفتهَا بصورةٍ مباشرة على باقي المنتوجات، لأنَّ المصنع سيعمدُ إلى رفع ثمن منتوجاته، حين يجدُ تكلفة الإنتاج في ارتفاعٍ، مردفًا أنَّ شهر رمضان القادم، سيكُون شاقًّا وعسيرًا على المغاربة، سيمَا أنَّ الرسوم الجمركيَّة المفروضة على العصائر المستوردَة ارتفعتْ ب49 في المائة. وعنْ دعوةِ بنكيران في لقاءٍ مع أطباء حزبه، نهاية الأسبوع المنصرم، إلى مقاطعة "دانون" بعد رفع ثمنه بعشرين سنتيمًا، قالَ خراطِي إنَّ جمعيته ستراسلُ بنكيران ليصبحَ فيها عضوًا شرفيًّا، قائلًا إنَّه في الوقت الذِي صوت جزءٌ من المغاربة للعدالة والتنمية ظنًّا كيْ يخدمَ مصالحهُمْ فإذَا بالزيادات تبدُو كمَا لوْ أنَها أمرٌ حاصل لا مهرب منه، ولا يد للحكومة فيها. خراطي يوضحُ أنَّ حماية المستهلكِ لا تقفُ عند المواد التي يدعمُهَا صندوق المقاصَّة، وإنمَا تمتدُّ إلى مواد أخرى لا يشملها دعم الدولة بطريقة مباشرة، ضاربًا المثال بدانُون التِي ستتفيدُ من السكر الذِي تدعمهُ الدولَة، وبوسع الحكومة أنْ تتدخل، قائلًا إنَّ هناك ضرورةً اليوم لتحديد تركيبة الأثمنَة، لأنَّ هناك فوضى يرفعُ معهُ كلٌ من أراد ثمن منتوجاته، حيثُ إنَّ أرباب المخابز يتحدثُونَ عنْ زياداتٍ كما الحافلات وسيارات الأجرة. وعمَّا إذَا كانَ يتوقعُ انفجار الغضب في الشارع المغربي، على إثر الزيادات التي أثقلت كاهله، وتقبلُ على زيادة أعبائه، استبعدَ خراطِي أنْ يصدرَ عنْ المواطن ردُّ فعلٍ قوِي، لأنَّه ألفهَا وبلغَ مرحلةً صار معهَا شبيهًا بذاك الجمل الذِي تراكم الأثقال على سنمه فيقول "منايضش منايضش". وبين المواطنينِ توجهتْ هسبريس بالسؤال، إلى يونس مغنوج، وهو أستاذ في الإعدادي، ببن طيبْ نواحي الناظور، عنْ نظره إلى الزيادات، فقالَ إنَّ الأنكَى اليوم، ليس الزيادة في حد ذاتها، وإنمَا تصويرهَا كمَا لوْ كان على المواطن أنْ يتجرعهَا دون أنْ ينبس ببنت شفة، "المسئولُون عن سوء التدبير همْ منْ يجبُ أنْ يحاسبُوا لا أنْ يتخذُوا المواطن "جدارًا قصيرًا يسهلُ القفزُ عليه، والإجهاز على ما تبقَّى لديه من قدرة". أمَّا كريمة (اسم مستعار) وهي ربَّة بيتٍ، في الثلاثينيات من عمرها، فتنأى عن المحدد السياسي، لتقول إنَّ الوضع سيءٌ بالنسبة إليها، وإنَّ أيَّة زيادةٍ قادمة ستزيدُ متاعب الأسرة مع مصاريف الأبناء والتنقل والسكن "ما بقَا فينْ تجِي"، تردفُ المتحدثَة في تصريحٍ لهسبريس، دون أنْ تكون على درايةٍ بالتفاصيل المحيطة بالزيادة، لكنَّ الراسخ لديها، أنَّ الزيادة باتتْ جدَّ صعبَة على المواطن.