يغذِي عزمُ الحكومة رفع الدعم بصورة كاملة على كلٍّ من الغاز والسكر والدقيق في نطاق صندوق المقاصة بتمتم العام الجاري، مخاوف جمَّة لدى هيئات حماية المستهلك في المغرب، منْ التحاق فئاتٍ من الطبقة المتوسطة، بركبِ "الكادحِين"، إزاء تزايد الغلاء. رئيسُ الجمعيَّة المغربية لحماية وتوجيه المستهلك، بوعزَّة خراطِي، يرى أنَّ "اتخاذ الحكومة جيب المواطن أقصر الطرق إلى تدارك نفقات المقاصة، يستغلُّ غياب معارضة قويَّة قادرة على أنْ تدافع عنْ المستهلك ومصالحه، أمَّا نحن في المجتمع المدني فإمكانيَّاتنا بسيطة، ولا نملكُ منصَّة ندافعُ منها في البرلمان عن المستهلك الذِي بات مستباحًا ودُون سندٍ". ويضيفُ خراطِي في حديثٍ لهسبريس أنَّه كان بوسع الحكومة، أنْ تعالج استنزاف الغاز أربعة عشر مليارًا منْ الخزينة، منْ خلال إفراد قنينات غاز خاصة بالبيُوت، يجرِي صبغها بالأصفر مثلا، فيصيرُ من الممنُوع أنْ تستعمل في مصنع أوْ ورش، ومنْ يضبط متلبسًا في ذلك تقرُّ غرامات في حقه، لكنَّها لمْ تعمد إلى ذلك. علاوةً على ذلك، كان بالإمكان، وفق خراطِي، فرضُ ضريبة على استعمال السكر والغاز لدى المصانع وبعض الاستغلاليات الفلاحيَّة، "بتلك الطريقة سنستعيدُ الدعم ممنْ نالوهُ وهمْ غير أهلٍ له، دون أنْ نعاقب الجميع، لكن الحكومة لمْ يجد حرجًا في التضحية بالمستهلك. أمَّا حديثُ الحكومة عن الدعم المباشر كبديل عن الدعم الحالي، فيحيلُ إلى إشكال آخر، يقول المتحدث، ممثلًا في إشاعة ثقافة الريع، إلى جانب مأزق تفاقم الطبقة المتوسطة، التي ستلتحقُ مع ارتفاع الأسعار بالكادحِين "إذَا ما سارت الأمور على هذا النحو ستواصلُ الطبقة المتوسطة تقلصها وانمحاءها، لنصير أمام بورجوازيِّين وكادحِين كما هو الحالُ في أمريكا اللاتينيَّة، دون طبقة وسطى بينهما". الدعم المباشر لبعض الفئات لنْ ينجح في في معالجة الداء، بحسب المتحدث، الذِي يحيلُ إلى بمحاربة السكن الصفيحي، الذِي ما إنْ تتمكن الدولة منْ القضاء على دور منه، حتى يخرجُ كثيرون منْ الأسر نفسها، يطلبُون مساعدةً أخرى. انمحَاء الطبقة المتوسطة أمرٌ يخدمُ السياسيين، يقول خراطِي، على اعتبار أن أكثر منْ يشاركُون في الانتخابات في المغرب ويصوتُون من الكادحِين، في حين تصوتُ نسبة قليلةٌ من الطبقة المتوسطة، وبالتالِي فهم يريدُون توسيع التصويت بالطبقة الكادحَة. أمَّا عن الأسباب التي تذرُ المغاربة صامتين أمام توالِي الزيادات، فيقُول الخراطِي إنَّ الإشكال يكمنُ في غياب منْ يؤطر، وحرص الكل على السلميَّة، في السياق الحالي الذِي تشهدهُ المنطقة، بالرغم منْ نزوع حكومة عبد الإله بنكيران إلى الزيادة بمثابة حلُول منذُ تعيينها. في المقابل، يرى النائبُ عن حزب العدالة والتنمية، عبد العزيز أفتاتي، أن ما راج حول اعتزام الحكومة رفع الدعم عن البوطا والسكر والدقيق مجرد إشاعة مغرضة، هدفها التشويش على عمل الحكومة، "لن يكون هناك رفع للدعم ما لم يتوصل المستحقُون من المغاربة الدعم المالي، وإنْ على المدى المتوسط، على الأقل". أفتاتي قال في اتصال مع هسبريس إن ثمة حاجة إلى إجراءات دقيقة لأجل إعداد سيناريُو محكم من باب الحرص على العدالة الاجتماعية قبل اتخاذ أي قرار مماثل "ثمة فئة تحتاجُ دعمًا من الدولة، كما أن هناك فئة من الطبقة المتوسطة ليستْ مؤهلة لأن تقبض دعمًا مباشرًا، لكن يمكن مساعدتها من خلال الرفع من الدخل أوْ الخفض من الضريبة، على اعتبار أن هناك فئة قادرة على تحمل مسؤولياتها".