اضطرّ التُّونسيون إلى الاستعانة بفن المراوغة التعبيرية للاحتجاج على الرقابة التي يفرضها نظام "الخضراء" على تبادل المعلومات عبر شبكة الإنترنيت.. إذ لجأ عدد من مواطني تونس إلى عبارة "عمار سيّب صالح" من أجل دعوة الوكالة الوطنية للاتصال، وعبرها كافة "مالكي" القرار، لإيقاف الرقابة والمنع الذي يؤطر العلاقة التفاعلية بين التونسيين والشبكة العنكبوتية. وقد عمل معارضو الوكالة الوطنية التونسية للاتصال في مراقبتها للإنترنيت على إطلاق اسم "عمار"، الذي هو اسم لشخصية هزلية درامية تونسية ارتبطت بدور الرقيب، من أجل الإشارة إلى رسالة "خطأ الولوج" التي تبرز فوق الصفحات المحظورة بتصدير مبرز للرقم 404، وتمّت عملية التكنية هذه قُبَيْل تبنّي عدد من المستائين لفكرة المطالبة برفع الرقابة المذكورة.. إذ تمّت إضافة عبارة "سيّب صالح" إلى اسم "عمار" للدلالة على التطلّع لنيل حرّية الولوج إلى المعلومة والتفاعل معها دون إفراط في اللجوء إلى المقاربة الأمنية، علما أنّ معنى "سيّب صالح" في اللغة العامّية التونسية يوافق معنى "اتركني وشأني" ضمن التعبير العربي الكلاسيكي.. وتمارس سلطة الرقابة الإعلامية التونسية حظرا على عدد من صفحات الإنترنيت الحاملة لمضامين "غير مرغوب فيها" فوق دعامات مواقع اليوتوب والدّايلي موشن وبلوغات خاصّة وصفحة قناة الجزيرة على النت، إضافة لموقع منظمة العفو الدّولية.. في حين يبقى الموقع الاجتماعي "فايسبوك" متوفرا على حرّية نسبية تجعل نسبة التونسيين الحاضيين بحسابات خاصّة ضمنه تصل إلى ال 10% جرّاء استعماله من لدن مليون تونسي من أصل عدد الساكنة المحصور في 10 ملايين نسمة. مجموعة فيسبوكية نشأت مؤخّرا من أجل تنظيم يوم احتجاج موجّه ضدّ أسلوب الوكالة الوطنية التونسية للاتصال في فرض الرقابة على المعلومة الموجّهة للتونسيين، وكذا تبادل التونسيين للمعلومات، إذ دعت نفس المجموعة الإلكترونية المنشأة على الفيسبوك، من خلال عشرات أفرادها، إلى يوم مطالبة بإيقاف الرقابة على الإنترنيت بتحديد الساعة الثالثة من بعد زوال يوم السبت الأخير، وفق التوقيت التونسي، موعدا لتفعيل وقفات أمام كلّ من مبنى وزارة تكنولوجيا الاتصال بالعاصمة، ومقر القنصلية العامّة التونسية بباريس ونظيرتَيْها بمونتريال الكندية وبون الألمانية، وكذا مقر التمثيلية الدّائمة للدولة التونسية لدى الأمم المتّحدة بمدينة نيويوركالأمريكية.. وفي الوقت الذي فُعّل فيه الاحتجاج السلمي على "عمّار" خارج التراب التونسي من لدن أفراد مرتدين لأقمصة بيضاء وحاملين للأعلام التونسية وإعلانات داعية لإيقاف الرقابة المفعّلة على شاشات الحواسيب المرتبطة بالإنترنيت التونسي، فإنّ التظاهرة التي كان من المرتقب أن تشمل تونسيي الدّاخل ألغيت للحظر القويّ الذي نال من شارع إنكلترا بالعاصمة بعموم أعداد كبيرة من قوى الأمن العام ضمن فضاءاته.