استأثرتْ قضيَّة الصحراء، التِي خرجتْ قبل فترةٍ قصيرةٍ من اختبارهَا الأممِي، بهامشٍ نقاشِ مهمٍّ، في المجلسِ الوطنِي لحزب التجمع الوطنِي للأحرار، الذِي يمسكُ وزيرانِ منه بحقيبتيْ الخارجيَّة، حيثُ قدمَ الوزير السابق والعضو في المكتب السياسي للحزب، محمد أوجار، صورةً عمَّا اعتبرها مؤامرةً تحوكُهَا الجزائرُ ضدَّ المغرب عبر شراء الذمم وجعل التأليب ضدهُ على الصعيد الدولِي إحدى أولويَّات عملها الديبلوماسي. أوجار أردفَ زوال السبت بطنجة، أنَّ الأشهر التي مضتْ كانت مريرةً وقاسيَة على ملفِّ الصحراء كما على الديبلوماسيَّة المغربيَّة "لا يمكنُ لكمْ أنْ تتصورُوا حجمَ الأموال التي أنفقتها الجزائر للنيل من المغرب، فبالرغم من المبادرات النبيلة التي اتخذها الملكُ، لمْ تذر الجارة الشرقيَّة سبيلًا إلى نصب العداء للمغرب إلَّا وسلكته"، انضافَ إليها تقريرُ الأمين العام للأمم المتحدَة، بان كِي مُون، الذِي جاءَ منحازًا إلى أطروحة البوليساريُو مناوئًا للمغرب. بيدَ أنَّ مساعيَ الجزائر باءتْ بالفشل، يقول أوجار، لمَّا أجرى الملكُ محمدٌ السادس مكالمةً هاتفيَّة وصفها بالتاريخيَّة، أكدَ عبرها موقفًا حازمًا، استطاعَ أنْ يعيد الأمُور إلى نصابها، فخرجَ قرارُ مجلس الأمن منتصرًا للموقف المغربِي. ويرَى المتحدثُ أنَّ المغرب كانَ جادًّا في مقاربته للملف، وترجمَ صدقهُ إلى التقدم بمبادرة الحكم الذاتية، القاضية بمنح صلاحيات موسعة للحكم بالصحراء تحت السيادة المغربيَّة، بيدَ أنَّ المعاركَ التي تخوضها الجزائر ما كانتْ لتهدأ، بلْ إنَّها تحوَّلتْ إلى التذرع بالمسوغ الحقوقي، واتهام المغرب بانتهاك حقوق الإنسان في أقاليمه الجنوبيَّة، عبر شراء ذمم بعض المنظمات غير الحكوميَّة كيْ تخرج بصور قاتمة عن المملكة، وتنادي بتوسيع صلاحيَّات بعثة المينورسُو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. أوجار رأى أنَّ المغرب نجح في إقناع العالم بأنَّ لا مجال للخروج عن الإطار العام المحدد لبعثة المينورسُو؛ ممثلًا في مراقبة مدى التزام الطرفين بوقف إطلاق النار، والقيام بوساطة للدفع نحو الحل، وإنْ كان الانتصار الذي حققهُ المغرب لا يدعُو إلى الاستكانة، لأنَّ المغربَ لا يزالُ ضحيَّة لمؤامراتٍ جزائريَّة. وفي ملفِّ حقوق الإنسان بالمغرب، استغربَ أوجار كيفَ أنَّ الإصلاحات التي باشرها المغرب، سواءً عبر الاتفاقيات التي صادق عليها، حتى الاختياريَّة منها، وتفردهُ بتجربة الإنصاف والمصالحة في سياقِ الاستمراريَّة دون ثورةٍ أوْ انقلابٍ، لمْ تكنْ لتجدَ صدًى في ما تصدرهُ تقاريرُ المنظمات الدوليَّة حول الوضع الحقوقي بالمملكة، مستدلًا بتقرير منظمة العفو الدوليَّة حول التعذيب، ووصفهُ بالخطوة غير المفهومَة. أوجار قالَ إنَّ جرمَ التعذيب في دستوره الجديد، وملتزمٌ بكافَّة الميكانيزمات الأمميَّة ذات الصلة، "لكنْ عوضَ أنْ نكُون محلَّ إشادة، نتعرضُ للانتقاد"، طالبًا من رشيد الطالبي العلمِي، الذِي كانَ حاضرًا أمامه، إلى مساءلة الحكومة من جل تنوير الرأيْ العام، بشأن تلك التقارير، التِي رأى أوجار أنَّها تحثُّ مع ذلك، على بذل المزيد من الجهود، على اعتبار أنَّها تضعُ المغرب إلى جانب دول كالمسكيك والفلبِين، بمنأى عنْ دول كسوريا ومصر وغيرهمَا.