بينَ المسالكِ الضيِّقَة التِي تجتازُهَا قضيَّة الصحراء، وَالتطوراتِ التِي أعقبت صدورَ تقريرِ الأمِين العام للأمم المتحدَة، بانْ كِي مُون حول الملف، ومضتْ إلى حدِّ الارتياب فِي جدوَى المسلسل الأممِي للتسويَة، تلقفَ أكاديميُّون مغاربَة، مساء اليوم، بالربَاط، بعضَ التغيرات الجيو استراتيجيَّة البارزَة؛ راصدِين أعطابًا تعترِي دفاعَ المغربِ عنْ أطروحته، بموازاةِ سيناريُوهات قدْ يئولُ إليهَا الملفُّ، فِي حالْ لمْ يراوحْ مكانه قبلَ 2015. ضعفٌ مغربيٌّ فِي الاستدلال والقرائن أفدحُ إشكالٍ، فِي منافحَة المغربِ عن منطقةٍ يعتبرهَا جزءً من ترابه، كمَا يجمعُ علَى ذلك، باحثُو اللقاء، الذِي نظمهُ المركز المغاربِي للدراسات الأمنيَّة وتحليل السياسات، والمركز المغربي للديبلوماسيَّة الموازيَة وحوار الحضارات، هُو ضعفُ الاستدلال، حيثُ يقول الدكتور عبد الرحِيم المنار السلِيمي، إنَّ هناكَ فراغًا مهولًا فِي تجميع القرائن، التِي من شأنهَا أنْ تكون مقبولة أمام المجتمع الدولِي، الذِي لنْ يصيخَ السمعَ لخطابٍ منبنٍ على التسليم بخطابٍ داخلِي مقتنع بمغربيَّة الصحراء. التسلحُ بالحجج كمَا بنصوصِ القانونِ، من شأنهِ كمَا يقول السلِيمي، أنْ يقطعَ الطريقَ على تقريرٍ كذاكَ الذِي خرجَ بهِ الأمين العام للأمم المتحدة، بإشارةٍ إلى تصفيَة الاستعمار، الذِي ينقضهُ معطَى الأقالِيم الستة عشر غير المتمتعَة بالحكم الذاتِي، عبر العالم، كمَا أنَّ الجزائر تزيغُ عن جادّة القانون الدولِي حينَ تخرجُ مبدأ الحدود الموروثَة عن الاستعمار. السليمي رأى أنَّ تقرير بان كِي مُون، جانبَ الحياد المطلوب، وانساق وراء تقرير مبعوثه الشخصِي، كريستوفر روس، دونَ لزومِ المساعِي الحميدة المفترضة في عمله، كمَا أنَّ تناقضاتٍ تطغَى عليه، باعتبار الجزائر طرفًا غير معنيٍّ بالنزاع، فيمَا كانَ مبعوثهُ قدْ حثَّ سكان الأقاليم الجنوبيَّة على التظاهر قائلًا لهُمْ إنَّ الأممَ المتحدَة تتولَى حمايتهمْ. المتحدث أردفَ أنَّ ثمَّة تباكيًا اليوم، على الديبلوماسيَّة المغربيَّة؛ التِي صارتْ صيغها التقليديَّة متجاوزةً، فإذَا كان محددُ القانون يشوبهُ فراغٌ في تجميع القرائن، واعترت الضبابيَّة اللوبيَّ الذِي يشتغلُ للمملكَة في الخارج، باستثناء اليهود، وكانَ الإعلامُ فِي غير المستوى المطلوب، فإنَّ متاعبَ إضافيَّة تنبتُ في طريق المغرب. ويضربُ السلِيمي مثالًا عن الارتباك الحاصل فِي تسويقِ أطروحةٍ منسجمَة قويَّة الطرح، بغياب أرقامُ تقدمُ الجهود التِي بذلهَا المغربُ لتنميَة أقاليمه الجنوبيَّة، والمساواة ما بين سكان الشمال والجنوب، إنْ لمْ تكن ثمَّة امتيازاتٌ أصلًا. رئيسُ المركز المغاربِي زادَ أنَّ ارتباطَ نزاع الصحراء، في الواقع، بأكبر قوتين في المنطقة المغاربيَّة، في ظل تعثر الحل، من المحتمل أن يفضِي إلى حربٍ بعد 2015؛ على اعتبار أنَّ الجزائر لا زالت ترى في البوليساريُو مصلحةً استراتيجيَّة، فيما لا تغرِي المنطقة دولًا كبرى، باستثماء فرنسا. حقوق الإنسان..ملف من لا ملفَّ له فِي خضمِّ التطوراتِ الجاريَة، يرَى البشير الدخيل، الذِي كان واحدًا من مؤسسي جبهة البوليساريُو، أنَّ الظرفيَّة التي يجتازهَا ملفُّ الصحراء بالغُ الدقَّة، معلقًا على "المعركة الحقوقيَّة" المحتدَمة بين المغرب وخصومه، بتأكيد كونيَّة حقوق الإنسان "لقدْ أضحَى ملفُّ حقوق الإنسان ملفَّ من لا ملفَّ له، فيمَا يفترضُ ألَّا يتحولَ إلى أمرٍ سياسي، لأنهُ سامٍ ينتصرُ للإنسان حيثمَا وجد". الدخِيل قالَ إنَّ من ينتقدُون المغرب، على خلفيَّة حقوقيَّة ينتهكُون حقَّ المحتجزِين في مخيمات تندوف، على اعتبار أنَّ نصوص الأمم المتحدَة تقتضِي توفرَ اللاجئ على بطاقة خاصَّة به، وهو ما يمكنُ منه "محتجزُو" تندوف، كمَا أنَّ في البوليساريُو مؤسسَة واحدةً لا تتغيرُ تقدمُ نفسها ممثلًا وحيدًا للسكان، بيدَ أنَّ وجودَ انتهاكاتٍ لدَى الطرف الآخر، لا يعنِي غضَّ الطرف عن الانتهاكات الحقوقيَّة بالعيُون في حال حصولها. وبشأنِ المعالجَة الأمميَّة لملفِّ الصحراء، أوضحَ الدخِيل أنَّ روس، انطلقَ من مقاربةٍ تعزلُ المغرب والبوليساريُو، في جهة أولى، وتضعهمَا إزاء جهةٍ ثانية؛ ممثلةً فِي موريتانيا والبوليساريُو، معتبرًا التلوِيح بإعادة النظر في الصيغة الأمميَّة للمعالجة بحلول 2015، معطًى كفيلًا بأنْ يقودَ إلى النقطَة السابعَة، التِي تنذرُ بسيناريُو شبيه لما حصلَ في تيمور الشرقيَّة وأقالِيم أخرى. المتحدثُ ذاته، أوضحَ أنَّ البشريَّة اهتدتْ إلى صيغة للحجاج، تنأى بها عنْ باقِي الخطابات العاطفيَّة، وهو ما يلزمُ المغرب، الذِي لا زالَ يشتغلُ بردِّ الفعل، داعيًا إلى الإقدام على مبادراتٍ جريئة، عوض التوجس من أبسط الأمُور كعبارة "الصحراء الغربيَّة"، التِي تحملُ توصيفًا جغرافيًّا، سلمَ به لدَى استقدامهِ لجنَة المينورسُو، التِي ليستْ سوى اختصارًا ل"بعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربيَّة". ارتباكٌ في التعاطِي الأممِي رئيسُ المركز المغربي للديبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، عبد الفتاحُ البلعمشِي، يخلصُ في قراءته التطورات التي عرفها ملفُّ الصحراء إلَى أنَّ التعاطِيَ الأممِي منذ 2013 شابهُ نوعٌ من الارتباك، حتَّى أنهُ باتَ هناكَ حديثٌ عن منهجٍ جديد في التعاطِي مع المشاورات، فِي ظل عدم تمكن المغرب من تقديم مقترح يحظَى بقبول أكبر قياسًا بمشروع الحكم الذاتي، حيث لم ينجح المغرب في تحويله إلى ورقة ضغط. وعن صيغ الاشتغال المغربِي في الملف، حبذَ البلعمشِي مأسسَة الديبلوماسيَّة بالمغرب، كيْ لا يصيرُ جهد كلِّ مؤسسة أوْ تنظيمًا شاردًا، في اتجاهٍ لوحده، لافتًا إلى أنهُ من غير الصواب تعليق كلِّ الإشكالاتِ على الخصوم، "لأننَا في معركة، والمفروض أننا في جاهزيَة للتعاطِي مع الأمُور، من خلال نموذجٍ يقنعَ الخصوم بمَا لدَى المغرب من وجاهةٍ فِي طرحه.