عاش جمهور المهرجان الرابع للثقافة الصوفية بفاس، مساء أول أمس الخميس، أمسية استثنائية تألقت فيها ألوان من الموسيقى والانشاد الصوفي من مصر والمغرب تحت سماء الحب الإلهي والمديح النبوي. وانقاد عشاق الفن الصوفي الرفيع لرحلة روحانية في مدارج العشق الإلهي والتغني بسيرة خير البرية من خلال فقرتين تعاقب عليهما الموسيقي المصري مصطفى سعيد ومجموعة الإمام البوصيري بقيادة محمد بنيس. وقدم مصطفى سعيد، منفردا على العود وبصوته الأخاذ، عملا موسيقيا غنائيا من رباعيات عمر الخيام بأسلوبه المميز الذي جعله أحد أبرز رموز الفن الصوفي في الشرق العربي، بينما أتحفت مجموعة البوصيري الحضور بقصيدة من عيون الأدب الصوفي، وهي "المنفرجة" لابن النحوي. ويضع مصطفى سعيد في جميع عروضه مقاربته الموسيقية بين قلب التقاليد الموجودة في مناطق شرق المتوسط وروح الموسيقى العباسية في العصر الذهبي للثقافة العربية الاسلامية وأيضا التراث الموسيقي النهضوي لمنتصف القرن 19. أما الفنان محمد بنيس فبدأ مسيرته مع فن السماع في ضريح المولى ادريس على يد أعلام كبار مثل محمد الخصاصي ومحمد بلفقير وعمر زويتن والعربي العمراني، وانضم لاحقا الى جوق الموسيقى الأندلسية بقيادة الراحل عبد الكريم الرايس، قبل أن يؤسس جمعية الامام البوصيري. وتتواصل فعاليات المهرجان الرابع للثقافة الصوفية بحفلات متنوعة المشارب الموسيقية تروم تمكين مرتاديه من اكتشاف وإعادة اكتشاف ثقافتهم الخاصة، وتيسير نفاذهم إلى الموروث الصوفي كثروة فنية وفكرية وروحية، و تعزيز مكانة المغرب في الحوار القائم بين الثقافات، وذلك بإقامة جسر للتواصل بين الشرق والغرب. وبالموازاة مع الفقرات الفنية، تجري فعاليات منتدى حول "روح للعولمة" بمشاركة عدد من الشخصيات الأكاديمية والدينية والسياسية من مختلف الثقافات.