انفراط الفاتحُ من ماي، وعودَة مخلدِيه من شوارع الرباط إلى مدنهم وبيوتهم لمْ يكن إيذانًا بنهايَة التفاصيلِ التِي أحاطت باستقدامِ الحشود إلى العاصمَة، سيمَا إلى احتفاليَّة الاتحاد العام للشغالِين بالمغرب، التِي أقامهَا الأمين العام، حميد شباط، في مركب الأمير مولاي عبد الله، وعبأ لها آلاف الحافلات، لتكون بركابهَا، رسالةً قويَّة إلى غريمه بنكيران. بيدَ أنَّ ما اتضحَ في وقتٍ لاحقٍ، كمَا يظهرُ ذلك مقطع فيديُو، هو أنَّ كثرًا ممنْ جاءُوا إلى الرباط لتخليد فاتح ماي، وملء جنبات المركب، لا صلةَ لهمْ من قريبٍ أوْ من بعيدٍ بالطبقَة الشغيلة، حيثُ يقول مجموعةٌ منهم، قدمُوا من فاس، إنَّهم استقدمُوا إلى الرباط بصفتهم شغيلة، إلَّا أنَّ أغلبيَّتهم تلاميذٌ في الأصل، وعاطلُون عن العمل. ويوضحُ شابٌّ يتحدثُ في الفيديُو أنَّ نقابة "الاستقلاليِّين" جاءت بهم إلى الرباط، على أنْ يقبضَ كلُّ من يحضر مائة درهم كمقابل مع تأمين الغذاء "لكنْ حينَ جاءُوا بنا تخلَّوْا عنا، ولمْ يعطونا المائة درهم الموعودة، فما كان إلَّا أنْ رفضنا العودة معهم في الحافلة، فيما ظلَّ الكثير من الفتية النهار بأكمله دون أكلٍ". في غضون ذلك، كشف مصدر استقلالي مسؤول لهسبريس أن التجمع الذي نظمته نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الجناح النقابي لحزب الاستقلال، كلف ما يفوق 200 مليون سنتيم، وأضاف ذات المصدر أن المبلغ المذكور صرف لقاء كراء الحافلات لنقل "مناضلي الحزب" من مختلف المدن المغربية، إضافة إلى مصاريف تغذيتهم وكراء المركب الرياضي مولاي عبد الله. وحول الأسباب التي جعلت حميد شباط يفضل الاحتفال بالفاتح من ماي هذه السنة داخل ملعب، أوضح المسؤول بحزب الاستقلال أن النقابة التي يرأسها شباط نفسه إلى جانب حزب علال الفاسي، اختارت الاحتفال بالعيد الأممي للطبقة العاملة بمركب مولاي عبد الله هذه السنة، حتى يتأكد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران من قدرة الحزب على تعبئة وحشد "مناضليه"، ووجه ذات المصدر كلامه لبنكيران "هاد المرة راه جمعناهوم فالملعب باش تحسبهوم مزيان"، حيث سبق لبنكيران أن علق على مسيرات نظمها حزب الاستقلال بكونها محدودة، وشكك في أن تكون الأرقام التي أعلنها الحزب حقيقية. المسؤول بحزب شباط كشف لهسبريس أن الاحتفال عرف مشاركة حوالي 40 ألف من نساء ورجال حزب الاستقلال قدموا من مدن مختلفة، وعن التكلفة المالية "الضخمة" التي كلفها احتفال نقابة الاستقلال، نفى المتحدث ذاته أن تكون هذه التكلفة من مالية الحزب، مشيرا إلى أن تكاليف النقل والغذاء إضافة إلى كراء المركب تقاسمها "مناضلو" الحزب. الحشد الذي جمعة حميد شباط وفضل أن يكون محله العاصمة الرباط، لم يرق كثيرا مسؤولي حزبه، حيث اعتبر بعض من قيادييه أنه لو نظمت مسيرات جهوية لكانت المشاركة أوسع وأكثر تأثيرا، وكشف مصدر هسبريس أن فاتح ماي المقبل سينظم على مستوى الجهات. التجمع الذي كان بمثابة مهرجان خطابي، لم يخلو من رسائل سياسية مباشرة ومشفرة وجهها شباط لغريمه بنكيران بحضور كل من الوزير الأول والأمين العام السابق للحزب عباس الفاسي، وكريم غلاب رئيس مجلس النواب السابق، حيث اعتبر الحكومة الحالية "في غيبوبة وتتخذ القرارات بطريقة انفراديَّة وتسلطيَّة، وذاك ما دفعنا إلى الخروج منها"، رسائل كانت موجهة في جانبها المقابل لعباس الفاسي حين عبر شباط عن حنينه لحكومة سلفه في قيادة حزب علال الفاسي، كما أن حضور عباس إلى جانب شباط كان بمثابة إشارة إلى أن جزء من آل الفاسي إلى صفه. مصدر هسبريس كشف أن حميد شباط تواجد في الملعب عند حدود الساعة الثامنة صباحا وظل ينتظر لساعات حتى تتجمع كل الفروع المقرر حضورها، وأشار مصدرنا أن ما جعل شباط ينتظر هو تأخر فرع سلا الذي يقوده عبد القادر الكيحل.