لم يجد حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، حرجا في اتهام أشعة الشمس بالوقوف وراء المدرجات الفارغة التي كانت في استقبال كلمته خلال الاحتفال الذي أقامته نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب بمركب الأمير مولاي عبد الله بمناسبة فاتح ماي. وقال شباط، الذي ظهر بعد ساعات من الانتظار، إنه يتفهم مغادرة الحاضرين لمقاعدهم بسبب حرارة أشعة الشمس، قبل أن يطلب منهم العودة لأن حرارة الزيادة في الأسعار أشد، حسب قوله، غير أن دعوته لم تجد آذانا صاغية. وبدا الاستياء واضحا على عدد من الاستقلاليين بعد الإخفاق التنظيمي الذي لقيه حفل نقابة الحزب، خاصة بعد أن أصبحت المدرجات المقابلة للمنصة فارغة بشكل محرج، فيما عمد المئات من الحضور، الذين كانوا بمحاذاتها وفي الظل، إلى الشروع في مغادرة المركب دقائق بعد انطلاق كلمة شباط التي كانت مكتوبة وليست مرتجلة كما جرت العادة. ووفق مصادر مطلعة، فقد أبدى عدد من الاستقلاليين استياءهم من صورة المدرجات الفارغة التي رددت صدى كلمات شباط، فيما جلس إلى جانبه عباس الفاسي، الأمين العام السابق، رغم صرف إمكانيات مالية ضخمة، وتعبئة عشرات الحافلات واستنفار كافة التنظيمات والهيئات الموازية. وكشفت المصادر ذاتها أن شباط يتحمل المسؤولية فيما حصل بالحفل الذي لم يتجاوز عدد الحاضرين فيه 40 ألفا، معظمهم من المراهقين والنساء. وقالت المصادر ذاتها إن شباط تأخر في الحضور، مما دفع المئات إلى المغادرة والتوجه نحو الحافلات بعد أن استبد بهم الجوع والعطش. وكان شباط قد استعمل، على غير عادته، لغة مروضة في خطابه، بعد أن صنع الحدث خلال احتفال السنة الماضية بكشفه عن وجود وزير «سكايري» في الحكومة، وآخر قاصر، وسخريته اللاذعة من غريمه رئيس الحكومة. وقد اكتفى هذه المرة بالقول إن الحكومة «صامتة صمت القبور، كما لو أنها قدمت استقالتها المبكرة من قضايا حيوية وأساسية». وحضر «التشرميل» في احتفال نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب فوق أرضية الملعب، وفي تصريح شباط، بعد أن تمكن عدد من المراهقين المنتمين إلى إلترا تابعة لفريق كروي من التسلل من المدرجات إلى رقعة الملعب وخلقوا حالة من الفوضى. وقد وجد عناصر الحراسة والمنظمون صعوبة في ضبط المراهقين قبل أن يلتحق بهم العشرات من الشبان الذين استقدموا من مدن بعيدة، ووجدوا في المناسبة فرصة تاريخية للالتقاط صورة فوق عشب الملعب. من جهته، لمح شباط إلى أن «التشرميل» هو منتوج خالص لحكومة بنكيران، وقال إن الوضع الأمني تدهور في عهد هذه الحكومة، ببروز ظاهرة غريبة، تتمثل في «التشرميل» لأول مرة، لتبث الرعب بين المواطنين، قبل أن يضيف بأن «التشرميل» الحقيقي هو الذي تمارسه الحكومة ووزراؤها. ووصف شباط مشاركة بنكيران في احتفال فاتح ماي بأنها «سكيتش هزلي مضحك، لن تجد له مثيلا إلا في المغرب»، قبل أن يضيف ساخرا أن «رئيس الحكومة الذي من المفروض أن نرفع إليه احتجاجات الجماهير ومطالب الطبقة العاملة، يخرج هو الآخر في فاتح ماي ليحتج على نفسه، ويرفع الشعارات ضد حكومته». وواصل شباط مهاجمته لبنكيران قائلا: «رغم عجزه عن تقليص عدد العاطلين من أبناء الشعب الفقراء ومن حاملي الشهادات، فإنه على الأقل استطاع أن يقلص من بطالة الوزراء، ووظف ما يناهز الأربعين وزيرا، أغلبهم وزراء أشباح، وأصبح بحوزته رقم قياسي جديد، إذ أصبح لديه في رئاسة الحكومة أكبر تجمع وزاري في العالم»، مضيفا أنه «أغرق الإدارة العمومية بأعضاء جماعة التوحيد والإصلاح»، و»انتهج أسلوب المحسوبية والزبونية في توزيع المناصب السامية». ولم يفوت شباط الفرصة دون الانتشاء بانتصار حزبه في الانتخابات الجزئية بدائرة مولاي يعقوب، وقال إن هذه الانتخابات، التي «فاز فيها حزب الاستقلال بسهولة كبيرة، وبفارق كبير، وللمرة الثانية على التوالي، دليل قاطع على نمو وتزايد شعبيته».