في عهد الرئيس صدام حسين كان قانون الأحوال الشخصية الصادر في 1958 بعد الإطاحة بالنظام الملكي الذي فرضه البريطانيون علي البلاد، يكفل للمرأة العراقية غالبية الحقوق التي تتمتع بها المرأة الغربية. أما بعد الاحتلال فقد جاء الدستور ليترك مصير المرأة في أيدي رجال الدين. تنص المادة 2 من الدستور علي أن الإسلام هو الديانة الرسمية للدولة وعلي عدم جواز إصدار أي قانون يتعارض مع مبادئه، ما يتضمن ترك حقوق المرأة للزعماء الدينيين وهم الذين يقع الكثيرون منهم تحت النفوذ الإيراني. وتقول ينار محمد الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة العراقية، أن "الاحتلال الأمريكي قرر التغاضي عن حقوق النساء" وأن "الجماعات السياسية الإسلامية هيمنت علي جنوب العراق وتمارس كامل السلطة عليها وتستخدم الدعم المالي الإيراني لحشد القوات والحلفاء". لقد جاء القانون الجديد بحالة انعدام القانون. وإضطرت نوره حميد، البالغة من العمر 30 سنة والخريجة من جامعة بغداد، إلي التخلي عن المهنة التي طالما حلمت بممارستها.“لقد إستكملت دراساتي قبل وصول الغزاة، فبفضل الأمن استطعت الذهاب بحرية إلي الجامعة". وتشرح لوكالة انتر بريس سيرفس أنها لا تستطيع التنقل بحرية الآن، وتشعر بالقلق والخوف دائما حيال ما يمكن أن يحدث لأطفالها "عندما أقول دائما أعني دائما، أي من لحظة مغادرتهم البيت حتي عودتهم من المدرسة فأخاف أن يختطفوهم". المرأة العراقية ممثلة في البرلمان بنسبة 25 في المائة. لكن مها صبريه، أستاذة العلوم السياسية بجامعة النهرين في بغداد تقول لوكالة انتر بريس سيرفس أن "النساء التابعات لقوائم حزبية تدافعن عن أحزابهن لا عن حقوق النساء". والواقع أن حال المرأة العراقية يبلور السائد القائم في البلاد حيث يتضرر الجميع من انعدام الأمن والبنية الأساسية. وتستطرد مها صبري قائلة "وضع المرأة في العراق مرتبط بالأوضاع الموجودة"... "انتهاك حقوق المرأة هو جزء من انتهاك كافة حقوق جميع العراقيين، لكن المرأة تتحمل عبأ مضاعفا تحت الاحتلال لأننا حرمنا بسببه من كثير من الحريات التي كنا نتمتع بها". وتقول أيضا "المزيد من الرجال يقعون تحت وطأة الاعتقال، وبالتالي تحمل النساء علي عاتقهن كل ثقل العائلة، وتضطر إلي عون الأسرة والأطفال". "لكن المرأة في الوقت نفسه لا تحظي بحرية التحرك والتنقل، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، وكذلك بسبب عمليات الخطف التي تتعرض لها النساء والأطفال علي أيدي عصابات إجرامية". ثم تشرح مها صبريه لوكالة انتر بريس سيرفس أن ظاهرة اختطاف النساء في العراق "لم تكن موجودة قبل الاحتلال. وفقدت المرأة حقها في التعليم وحقها في حياة عادية حرة، وبالتالي فهي تناضل في وجه القمع وإنكار كافة حقوقها الآن أكثر من أي وقت مضي". هذا وتعتبر ينار محمد أن الدستور لا يحمي المرأة ولا يضمن حقوقها. وتلقي باللائمة على الولاياتالمتحدة لتخليها عن مسئوولياته في المساعدة على تطوير الديمقراطية التعددية في العراق. وتقول ينار "الاحتلال الأمريكي قرر غض النظر عن حقوق المرأة. وسيطرت الجماعات السياسية الإسلامية علي جنوب العراق وتستغل الأموال الإيرانية في تعبئة القوات. هذا التمويل الإيراني هو ما يفسر قبول الناس في الجنوب لهذا الوضع، لا لأنهم يريدون القوانين الإسلامية". ومن ناحيتها، تقول مها صبرية أن "الحاكم الحقيقي في العراق الآن هو التقاليد البالية والعشائر، تلك القوانين المتخلفة. المشكلة الكبرى هي أن المرأة العراقية غير واعية لحقوقها بسبب التخلف والجهل السائدين علي المجتمع العراقي في يومنا هذا". وتفيد بأن الكثير من النساء هربن من العراق لأن قوات الاحتلال أو قوات الأمن الحكومية اعتقلت أزواجهن في اعتقالات تعسفية. وفي هذا، تقدر إليزابيث فيريس المديرة المشتركة لمؤسسة بركينغز ببرنامج النازحين في جامعة بيرن، في تقرير لها أن أكثر من أربعة ملايين عراقي قد اضطروا إلي النزوح بسبب الاحتلال، بما فيهم نحو 2,8 مليونا داخل البلاد. ويفيد التقرير أن غالبية النازحات العراقيات تترددن في العودة بسبب حالة عدم اليقين السائدة. وبدوره، تشير منظمة Refugees International في واشنطن في تقريرها "اللاجئون العراقيون: حقوق المرأة والأمن حاسمان للعودة"، إلي أن "العراقيات سيترددن في العودة حتى لو تحسنت الأحوال في العراق، طالما لا يجري التركيز علي ضمان حقوقهن كنساء، وضمان أمنهن ورفاهية عائلاتهن أيضا". وأكد التقرير، الذي شمل النازحات في الإقليم الشمالي الكردي شبه المستقل وكذلك اللاجئات في سوريا، أنه "لم تظهر أي من النساء اللآئي تم التحدث معهن أي نية للعودة". وتقول الموظفة الحكومية التي طلبت ذكرها بإسم إيمان فقط "أنا موظفة وأذهب إلي عملي كل يوم لأواجه المشاكل التي يعاني منها كل العراقيين كإغلاق الطرق مثلا، والتي تشعرك بحرمانك من الحقوق والاحترام". *عبد الرحمن مراسلوكالة آي بي إسفي بغداد، وطاهر جمايل خبير شئون العراق المقيم في الولايات المتحدة