حققت مرشحات للانتخابات العراقية المفاجأة الوحيدة، خلال الحملة الدعائية، بتجاوزهن الخطب المملة لمنافسيهن من الذكور والظهور بكل جرأة غير محجبات على الملصقات، ما يشكل تحديا للأوضاع الاجتماعية والدينية المحافظة.مرشحة عن قائمة الإتلاف الوطني العراقي (أ ف ب) وتؤكد فيروز حاتم بينما كانت تنضم إلى تجمع غالبيته من الرجال المعممين ونساء يرتدين العباءة التقليدية السوداء، التي تغطيهن من الرأس حتى القدمين "أشكل ميزة لزملائي في اللائحة، وأعتقد أن الشباب سيصوتون لنا بسبب وجودي". وتقول المرأة (44 عاما)، التي ترتدي ثيابا بنية اللون والمرشحة عن الائتلاف الوطني الشيعي المحافظ "من خلال تصويري حاسرة الرأس، أبرهن للناخبين بأن قائمتنا ليست فقط من الإسلاميين". وتعمل حاتم، مديرة قناة تلفزيونية محلية، وترأس حزبا صغيرا للأكراد الفيليين الشيعة، الذين يقطنون في شرق البلاد. وقام النظام السابق بطرد الآلاف منهم مطلع الثمانينات. وبينما كانت في الثالثة عشرة، وجدت نفسها في إيران، حيث عاشت محجبة مدة عشرين عاما قبل أن تستقر لأربع سنوات في السويد، ومن ثم العودة إلى العراق العام 2004. وتضيف "اعتقد أن عقلية الناخبين العراقيين تغيرت، وأنا مسرورة لأن صورتي تمرر رسالة مفادها أن الظروف قد تغيرت"، في إشارة إلى الميليشيات الدينية المنبثقة عن الفوضى التي رافقت الاجتياح بإرغام النساء على ارتداء الحجاب، تحت طائلة التهديد بتعرضهن للأذى. ويترشح في ثاني انتخابات تشريعية، منذ سقوط نظام صدام حسين 1801 امرأة، يكفل القانون وصول 82 منهن إلى البرلمان لأن الدستور يفرض وجود نسبة 25 في المائة من النساء. من جهتها، تقول صفية السهيل، المرشحة ضمن ائتلاف دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي "في 2005، لم تكن أسماء المرشحين وصورهم على الملصقات لاحتمال تحولنا إلى أهداف لتنظيم القاعدة، الذي هده بمنع إجراء الانتخابات". وتضيف السهيل النائبة المنتهية ولايتها بعد انتخابها العام 2005 على لائحة إياد علاوي العلمانية "إذا كانت المرأة غير محجبة، فهذا لا يعني أنها لا تلتزم بالتقاليد الدينية. ودستورنا واضح، فهو ينص على أن حكومتنا تحترم الإسلام، لكنها ليست دولة إسلامية". وبالنسبة لها كما للكثيرين من المرشحات، يتعلق الأمر "بمحو سنوات الظلام عندما كانت الميليشيات والخارجون عن القانون يرغمون النساء على تغطية أنفسهن، ويمنعون الرجال من ارتداء الجينز". وتظهر ملصقات في بغداد صور الشابة الشقراء، هلز أحمد محمد سمو، المرشحة عن التحالف الكردستاني، وهي غير محجبة، وتتسم بالأناقة والرشاقة. لكن لم يكن ممكنا الاتصال بها. ويؤدي وجود نساء سافرات إلى أمور غير متوقعة. ففي مدينة كركوك النفطية (255 كلم شمال بغداد)، أسفرت ملصقات لمرشحة تركمانية عن حوادث مرورية. ويقول أحد الضباط رافضا الكشف عن هويته إن "السائقين يحدقون بصورة جالا نفطجي مما يسبب باصطدامات". وتقر نفطجي (54 عاما) المرشحة على قائمة علاوي بأنها يمكن أن تكون سببا. وتضيف ضاحكة "سمعت بذلك، لكنني أعتقد أن المسؤولية تقع على عاتق التجربة الديمقراطية الجديدة في العراق. وفي كل الأحوال، فإن صور النساء غير المحجبات يجذب الناخبين". أما صباح عبد الرسول التميمي، أستاذة الاقتصاد (36 عاما) فهي حاسرة، أيضا، إلا أنها سجلت رقم هاتفها على الملصقات الانتخابية. وتضيف هذه الأم لثلاثة أطفال، تخوض الانتخابات على قائمة "ائتلاف وحدة العراق" بزعامة وزير الداخلية جواد البولاني "أعتقد أنه من الأفضل وضع رقم الهاتف على بطاقة، بدلا من إنفاق ملايين الدولارات في الملصقات. لذا، يمكن للناخبين سؤالي شخصيا عن برنامجي". وتختم السهيل قائلة إن "المسألة لا تتعلق بالحجاب أو عدمه، فالمهم هو ما إذا كانت المرأة قادرة على أداء دورها في المجتمع العراقي".