تعرف اللغة اللفظية سيميولوجيا، أي لغة التواصل الشفاهي والكتابي، بأنها نسق سيميائي من الدوال والعلامات التي تقوم على مبدأ اعتباطية الدليل، والتعاقد على تطابق الدال للمدلول. فكلمة سلام وشلوم القريبة منها، مثلا، والتي يتخذها العرب واليهود دالا لغويا للتحية، والتي كانت في الأصل تستعمل للتعبير عن السلم بين الأفراد الذين يلتقون على الطريق أو يتصادفون في الأمكنة التي تعرف بالاقتتال والنهب والعنف، وكلمة salut اللاتينية التي تعبر بدورها في أصلها الإتيمولوجي عن الخلاص والنجاة، كلها مجرد صيع لغوية تعاقدية ذات حمولات ثقافية ودينية وتحولت إلى صيغ تواصلية أو بديهية. فمن الواضح أنه لا علاقة بين التركيب اللسني والخطي لحروف السين والألف وألام والميم التي تكون دال س – لا- م، مثلا، وبين مدلول ومعنى السلم ولا دلالة التحية والاحترام، أو حتى الإكرام والإحسان التي يثيرها التفسير الفقهي للكلمة. لهذا تعتبر علاقة الدال بالمدلول سيميولوجيا مجرد علاقة اعتباطية مبنية على التعاقد التواصلي بين المتحدثين بهذه اللغة أو تلك. كلمة أزول أيضا التي اختارها الأمازيغ الواعون بأمازيغيتهم، سواء قديما أو راهنا، كلفظ أي كدال لفظي للتعبير عن مدلول التحية والمحبة، وبغض النظر عن عمقها التاريخي وتركيبيتها اللسنية التي تحيل على كلمتي أز - أول في الأمازيغية، واللتان تعنيان القرب من القلب، فهي مدلول لغوي وصيغة تواصلية للتحية والسلام والمحبة. انطلاقا من هذا التوضيح العلمي واللغوي، يتضح أن أي نقاش يروم تغليب سلطة الدال عن المدلول والمعنى المحمول، أي السلطة اللغوية أو الدينية أو السياسية...، أو إصدار الفتاوى والأحكام الجاهلة في موضوع تحيات الشعوب واختلاف ألسنها، وبدل الفهم والوعي بالتقاء وتقاطع المدلولات واختلاف الصيغ والمصوغات خاصة عندما يتعلق الأمر بالسلوكات الاجتماعية والتعابير التواصلية والرموز الهوياتية والثقافية، هو مجرد انعكاس واضح للعمى الإيديولوجي والتفكير التأحيدي والدوغما الدينية التي تسعى إلى التنميط الساذج والهيمنة المتوحشة. أزول فلاون أزول فلاونت