تذخر اللهجة الجزائرية المحكيّة بآلاف الكلمات التركية التي ترجع للعهد العثماني، حيث لا تزال متداولة إلى اليوم، رغم مرور أكثر من قرن وثمانين سنة على رحيل العثمانين، وحملات الطمس التي شنها الاستعمار الفرنسي، وطالت كل ما هو إسلامي وعربي في الجزائر. هذا التمسك بالكلمات التركية في اللهجة الجزائرية فسره أكاديمي جزائري في متخصص في علوم اللغة إلى رغبة الجزائريين في الحفاظ على لغة "شكلت إضافة لرصيدهم اللغوي المتنوع". وتتعلق الكلمات التركية الموجودة في اللسان الجزائري، بمسميات لتفاصيل حياتية، تتضمن أطعمة وأشربة ومساكن ووظائف، ويجهل كثير من الجزائريين الأصول العثمانية لها، بل إن بعضهم يعدها كلمات محلية، فيما هي تركية خالصة. "طابونة" كلمة تركية تطلق على موقد الطبخ، وهي دارجة في اللهجة الجزائرية بمختلف المحافظات، كما يقبل الجزائريون في رمضان على عصير "شاربات" وهو اسم تركي. ومن المسميات التركية الرائجة في الجزائر كذلك؛ "طورشي" وتعني فلفل حلو، و"الكواغط" وتعني الورق، و"بايلك" وتعني المقاطعة الإدارية التابعة للدولة، و"الخزناجي" وتعني مسؤول المالية أو الضرائب، و"الرايس" وتعني قائد السفينة أو القارب، وجميعها لا يزال مستخدم إلى اليوم في نواحي البلاد. وفي هذا السياق، يقول سهيل الخالدي، وهو كاتب جزائري متخصص في علوم اللغة، إن "اللهجة الجزائرية المحكية، تذخر بألفاظ تركية، وأخرى إيطالية وإسبانية". وأشار في حديث لوكالة الأناضول إلى أن الألفاظ التركية المستعملة في الجزائر، يعود بعضها إلى أصول فارسية بحتة، ومن ذلك الكلمات التي تبدأ بكلمة "خان". ويضيف الخالدي، وهو مؤلف كتاب "تباريح الحرف العربي الجريح" الذي يتناول اللغة العربية وتاريخها، "كل الكلمات التي تنتهي ب (جي) هي من أصل تركي، وهي تعني حرف النسبة مثلما الياء في اللغة العربية". ولفت الكاتب إلى أن أسماء الوظائف بالجزائر في معظمها تركية، مثل: "قهواجي" وهو نادل المقهى، و"خزناجي" وهو مسؤول المالية أو الضرائب و"ساعالجي" وهو مُصلح الساعات، و"سركاجي" وتعني صانع مادة الخلّ. ومن تلك الألفاظ: "سبيطار" وتعني مستشفى، وكلمة "سبّاط" وتعني حذاء، و"زوالي" وهو الفقير المُعدم، و"شابشاق" وهو إناء حديدي تأخذه النسوة معهن إلى الحمام، و"باشماق" ويعني النعل الخفيف الذي ترتديه النسوة في المنزل، و"دوزان" وتعني الأدوات التي يستعملها النجار، و"تبسي" وهو الصحن، و"تشينة" أي البرتقال، و"بالطو" وهو المعطف. ومن تلك الكلمات كذلك: "فنار" وتعني قنديل الإنارة، و"قاوري" وتعني الكافر أو غير المسلم، و"قُربي" وهو الكوخ، و"منقوشة" وهو القُرط الذي تعلقه النسوة في آذانهن، و"ياه" وتأتي بمعنى الاستفهام التأكيدي كما هي دلالة كلمة "حقًّا" في العربية . أما في منطقة القبائل، حيث يقيم جزء كبير من أمازيغ الجزائر، فلا تزال كلمة "خيش" مستعملة، وتعني يكفي، وهي في المنطقة بمعني "لا أبدا"، و"دربوز" وتعني السلالم، و"بكوش" وهو الأبكم، و"نانا" وهي الجدة أو المرأة الكبيرة في السن، و"بوقال" وهي الجرة المصنوعة من الطين. كما يستعمل الجزائريون أفعالا ترجع كذلك إلى اللغة العثمانية، مثل "أزرب" وهو فعل أمر يعني أسرِع، كما يستخدمون فعلا آخر للتحذير، بمعنى انتبه، وهو "بالاك". ويرى الخالدي أن الجزائريين حافظوا على تداول هذا الكلمات في حياتهم اليومية، سواء في معيشتهم بالمنازل، وأماكن العمل والشارع، و"لم يستبدلوها، ولم يحاولوا ذلك، لأنها شكلت إضافة لرصيدهم اللغوي المتنوع".