قال "آندي شلال"، رجل الأعمال الأمريكي العراقي الأصل، وأحد المتنافسين على منصب عمدة واشنطن، إن "وضع العرب في هذا البلد يتغير بشكل سريع". وفي مقابلة خاصة مع وكالة الأناضول، أعرب "آندي شلال" عن اعتقاده بأن العرب "لا يرون في أمريكا عدواً لهم"، معترفا في الوقت نفسه بأن سياسة الولاياتالمتحدة "لا تتفق أحيانا" مع مبادئها. شلال - وهو ابن لأب عراقي كان ممثلاً لجامعة الدول العربية حطت به رحال وظيفته في الولاياتالمتحدة عام 1966، حيث قرر الاستقرار فيها - تطرق خلال المقابلة إلى قصة نجاحه في التوفيق بين نشاطاته التجارية والثقافية والسياسية؛ فهو رجل أعمل يدير سلسلة مطاعم شهيرة في واشنطن، كما يمتلك متجرا للكتب ومسرحا صغيرا وصالة للحوار، تشهد العديد من المناسبات الثقافية والنقاشات السياسية. وفيما يلي نص الحوار مع "آندي شلال": كيف جاء اقتحامك مجال إدارة المطاعم، رغم أنك ابن سياسي عراقي؟ لقد انخرطت في كلية الطب لفصل واحد فقط، ثم قررت أنني لست مؤهلاً لهذا المجال، ومن ثم قررت الترحال علّي أجد ما يناسبني، حيث حصلت على عمل مؤقت في أحد المطاعم، ومن وقتها وأنا مغرم بالمطاعم، أحب خدمة الضيافة فيها. فكوني سياسي أحب قدرة الطعام على توحيد الناس ما جعلني امزج بين الاثنين، ولم اشأ أن أقدم الطعام فحسب، فأنا كمثقف أحب الحوار والنقاش ولذا فقد اضفت لمطاعمي متجراً لبيع الكتب ومسرحاً وصالة للحوار، حيث يمكن للناس لقاء بعضهم البعض. كيف نجحت في الجمع بين تقديم غذاء العقل والجسد، في الوقت ذاته؟ اعتقد بأنني حاولت ايجاد عمل يتوافق مع اهتماماتي، هذه هي الطريقة التي يفكر بها رجال الأعمال الطموحين. لقد قررت أن أكون أول من يفعل هذا، فمشروعي يتيح للزبائن أن يقصدوا مكانا واحدا يشربون فيه القهوة أو الشاي، أو تناول وجبة طعام مع مشاهدة عرض فني أو قراءة كتاب أو حتى مواعدة شخص ما. هل قرارك الجمع بين السياسة والتجارة، قد يضعك، خاصة وأنك من أصول عربية، محل شبهات؟ أنا سياسي منذ البدء، واعتقد أن الكثير من الناس سياسيون، ولكنهم يقومون بكبت مهاراتهم السياسية لاعتقادهم أن السياسة فكرة غير جيدة، وتضعك في مشاكل، خاصة القادمين من الشرق الاوسط، فهم يرونها على أنها سبب المشاكل. ولكننا هنا نعيش في بلد ديمقراطي، وأنا مؤمن بهذا وأنا على يقين أن المواطنين بحاجة إلى أن يعبروا عن آرائهم ليحافظ هذا البلد على ديمقراطيته. فعندما ترى شيئاً خاطئاً فعليك بالإشارة عليه، فإن لم تشر إليه، فسوف يصبح هذا الخطأ جزءً من الواقع. هكذا نمت الفاشية عبر أناس اهملوا دورهم في الحفاظ على الديمقراطية، لذلك قررت مع نفسي إذا ما كنت سأبقى في هذه البلاد، وإذا ما كنت سأحاول ايجاد هوية لتعريف شخصيتي، وإذا ما قررت عدم العودة للعراق، أن اقيم في مكان أفضل، في مكان يمكنه دوما تحسين العملية الديمقراطية. أريد أن أكون جزءً من هذه العملية، لا أريد أن أكون جالساً في مكان ما وشخص آخر يقرر لي ما علي فعله. يصفك البعض بأنك كنت من المعارضين للحرب الأمريكية على العراق، فما هو تعليقك؟ اعتقد أن الحرب غير قادرة على حل الكثير من المشكلات، ونحن نرى كيف أن الحرب افضت إلى العديد من العواقب التي لم تكن في الحسبان، حيث مات كثير من البشر، وأوذي آخرون. اعتقد أن هناك طرقا أخرى يمكن من خلالها حل الصراعات. لقد هندسنا (رتبنا) الوضع في حالة آخر ديكتاتور حكم العراق بأن صورنا المسألة كما لو أنه لا خيار هناك غير الذهاب للحرب. أنا اشعر بأنها كانت خدعة أدت لحدوث الكثير من الأضرار والخسائر. هناك تشويه حدث في المجتمع العراقي. هناك الكثيرين ممن يعتقدون بوجود طرق أفضل لحل هذه المشكلات. أنا أظن أن الحرب لا تستطيع حل عدد كبير من المشاكل بل هي تخلقها، ولذا فإذا كنا سندعم الديمقراطية فلندعمها على طول الخط، لا أن ندعمها في بعض الأحيان وندعم الديكتاتورية في أحيان أخرى، فقط لأن هذا يتفق مع أهدافنا. ما هى تطلعاتك لما تريد أن تحققه حال فوزك في الانتخابات على منصب الأمين لعاصمة الولاياتالمتحدة؟ بداية، سأعمل على توحيد الأجزاء المختلفة من العاصمة الأمريكية والمنقسمة طبقياً وعرقياً، فواشنطن العاصمة مدينة جميلة وبحاجة للعديد من التغييرات، وهي تمتلك العديد من المصادر، ولكنها بحاجة إلى شخصية قيادية. واعتقد بأني الشخص المناسب، فالعاصمة منقسمة الآن وأنا سأعمل على توحيدها، وربط كل أجزاءها مع بعضها من خلال تزويدها بمصادر متعددة للتنمية بغية احداث تطور اقتصادي يحصل على هذا الجانب من نهر "اناكوستيا" الذي يفصل جنوب شرق العاصمة عن باقي اجزائها. أريد أن يشمل النمو الاقتصادي المنجز الجانب الآخر، لجعل هذا النمو يسير على حد سواء بين جزئي العاصمة. هناك بون شاسع في المستوى بين مدارس العاصمة، سأحاول رفع المدارس ذات الأداء المتدني. هنالك صدع بين البيض والسود، هنالك صدع في مستوى الانجاز بين أطفال البيض وأطفال السود، واعتقد أن هذا الموضوع بحاجة للطرح والمعالجة. كعربي، ما هى التحديات التي تواجه الجالية العربية مع بداية قدومها إلى أمريكا؟ وضع العرب في هذا البلد يتغير بشكل سريع، عندما قدمت إلى هذا البلد لم يكن هناك مشكلات بالحجم الذي تتطلب فيه إثارة النقاش حولها والتعامل معها كما هو الآن. كنا نبدو كمجموعة من الأطفال ذوي البشرة السمراء الذين لا يُعرف مللهم، هل نحن بيض، سود أو من عرق آخر، حتى نبدأ بفتح أفواهنا وتبدأ لكناتنا بالظهور، ما أثار حيرة أهل هذا البلد، ولذا فقد كان هناك بعض الشعور بعدم الارتياح من أناس لهم ملامحنا. لقد التقطت هذا الشعور المتولد عن كوني لا انتمي لأي عرق، فلا أنت من البيض ولا من السود، كنا فريق مختلف ولم يكن هنالك العديد منا- العرب- في ذلك الوقت مما زاد صعوبة عملية التآلف. واعتقد أن ما حدث في حالتي هو أنني وعائلتي حاولنا الاندماج في المجتمع. توجد طريقتان للتعامل مع هذا الوضع، إحداها أن تبتعد عن المجال العام وتتمني ألا يلحظك أحد، والآخرى أن تجعل نفسك مسموعاً وتبين اختلافك لأن القوة الحقيقية لهذا البلد هي في تنوعه، وهي ما تجعله مثيراً وهو ما يجعل الناس راغبة بالهجرة إليه، كونهم يستطيعون الاندماج فيه بغض النظر عن ملامحك أو البلد الذي قدمت منه. لذا اخترت ألا أضيع هويتي حيث أنه لا يمكن للشخص أن يرتقي بهويته ولا بهوية هذا البلد الذي بني على أساس التعدد العرقي وقبول الجميع والاحتفاء بتجانس هذه الاعراق المتعددة إذا ما تنكر لهويته. ولكن ما هو تأثير أحداث 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001 علي الجالية العربية والمسلمة في هذه البلاد؟ ما حدث بعد 11 سبتمبر/ أيلول غير ما سبق وذكرته كله، حيث صار ينظر إلى العرب والمسلمين كما لو أنهم الأعداء. ولحسن الحظ فإن العديد منا كانوا قد تداخلوا مع أفراد ومكونات هذا المجتمع، ما ساهم في خلق حوار مع مكوناته المختلفة. علينا أولاً التأثير من منطلق محلي عبر قضايا الداخل التي تحظى باهتمام مشترك. اعرف أن العديد من القادمين من الشرق الاوسط إلى هذا البلد يهتمون بما يجري هناك أكثر مما يحدث هنا بينما أجد أن التحدث بما يحدث في باحة بيتي أهم من أي شيء آخر لأنك بهذه الطريقة فقط يمكن أن تجمع حلفاء وأنصار يمكنهم بعد ذلك اعانتك في قضايا تخص الشرق الاوسط. وبعد أحداث آيلول 2001 المروعة والمحزنة صار يمكن التحدث بشكل أوسع عن الشرق الأوسط والمسلمين والعرب وهو ما أسهم، باعتقادي، في تقوية المجتمع، كانت البداية صعبة ولكنها أصبحت الآن أكثر سهولة، فإذا لم تكن فعالاً، فإنك ستكون معرضاً للتهميش والتمييز العنصري، لقد أصبح الناس أكثر قدرة وشجاعة ليقفوا ويعلنوا عن هويتهم بالقول: أنا عربي أو أنا مسلم وأنا جزء من هذا البلد، وهنالك العديد من التغييرات التي لا زالت تحدث وإلا فمن كان يستطيع التنبؤ بأنه سيكون لدينا رئيس أسود، فالكثيرين لم يتوقعوا لهذا أن يحدث ولذلك فكلما كسرنا عدداً أكبر من هذه العوائق التى تواجهنا هنا كلما صار بإمكان بلدنا التقدم بشكل أفضل. في الختام، هل تعتقد أن هناك خلافا بين العرب وأمريكا؟ لا أعتقد أن العرب يرون في أمريكا عدواً لهم، اعتقد أن لديهم مشكلة مع بعض سياساتنا في الشرق الأوسط، ولكن حتى هذا أصبح في طور التغيير الآن، أعتقد أن العرب يحترمون الولاياتالمتحدة بشكل كبير ويحبون الثقافة الأمريكية، ولكن سياساتنا لا تتفق أحيانا مع مبادئنا للأسف، وهو أمر بدأ بالتغير مع اشتراك كثير من الراغبين في التغيير في الحكومة ومع ضلوع العديدين في أحاديث صريحة عن توزيع السلطات، ما جعل وضع سياسات جديدة تنسجم مع مبادئنا أمرا ممكنا.