أجمع محللون على أن نتائج استطلاع الرأي الذي نشرته أخيرا جريدة هسبريس الإلكترونية، بخصوص سؤال مفاده "هل تعيش العلاقات المغربية الفرنسية أزمة حقيقية بالفعل"، تؤشر على "اهتمام المغاربة بالشؤون الدولية، حتى أنه يمكن اعتبارهم من أكثر شعوب العالم اهتماما بالقضايا الدولية خاصة ما يتعلق بالسياسة الخارجية للبلاد". وأفاد المحللون بأن استطلاع هسبريس مرآة لنظرة العديد من المغاربة لطبيعة العلاقات الثنائية بين الرباط وباريس، حيث يعتقدون أن "هذه العلاقات قد تمر بمرحلة أزمة، لكنها سرعان ما يتم تجاوزها، وتعود المياه إلى مجاريها، والعلاقات الدبلوماسية إلى سابق عهدها. وأجاب عن سؤال "هل تعيش العلاقات المغربية الفرنسية أزمة حقيقية بالفعل"، 7535 مصوتا بالإيجاب، أي بنسبة 33.46 في المائة، بينما اختار زهاء 14987 مصوتا الجواب بالنفي، أي بنسبة غالبة وصلت إلى 66.54 في المائة من مجموع المصوتين على هذا الاستطلاع. وشهدت العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا أزمة غير مسبوقة منذ أيام خلت، انطلقت باستدعاء السلطات الأمنية الفرنسية لمدير إدارة مراقبة التراب الوطني، المعروفة اختصارا بDST، عبد اللطيف الحموشي، على خلفية اتهامات له بوقائع ترتبط بالتعذيب، ثم بعد تصريحات منسوبة للسفير الفرنسي في الأممالمتحدة وصف فيها المغرب "بالعشيقة التي نجامعها رغم عدم حبنا لها". الصديقي: مجرد سحابة صيف عابرة وقال الدكتور سعيد الصديقي، أستاذ القانون الدولي ورئيس قسم القانون العام بجامعة العين بأبوظبي، إن "الاستطلاع يعكس بوضوح إدراك المصوتين لمتانة العلاقات المغربية الفرنسية، وبأن سوء التفاهم الأخير بين البلدين مجرد سحابة صيف عابرة". وأكد الصديقي، في تصريحات لهسبريس، بأنه "رغم اختلال ميزان قوى العلاقات بين البلدين لصالح فرنسا على كل المستويات، فلن يستطيع المغرب على الأقل في المنظور القريب والمتوسط أن يعيد النظر في تراتبية حلفائه الدوليين". وتابع المحلل ذاته بأن "فرنسا تدرك من جهتها أيضا أن كلفة تخليها عن المغرب ستكون ثقيلة اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، الأمر الذي سيدفع البلدين للبحث عن سبل تجاوز هذه الأزمة العابرة التي يمكن وصفها بحادثة سير غير متوقعة". ولفت الصديقي إلى أن "نتائج هذا الاستطلاع تظهر النظرة الواقعية للمصوتين، فإن أغلبهم لا ينظرون بعين الرضا لفرنسا التي يشعر بها المواطنون المغاربة في كل مكان في الاقتصاد والإدارة والتعليم، وبأن هذا الحضور الفرنسي المكثف هو استمرار جلي للإرث الاستعماري". ويبدو من خلال نتائج هذا الاستطلاع، وأيضا من خلال متابعة عامة لتعليقات القراء على ما ينشر على موقع هسبريس اهتمام المغاربة بالشؤون الدولية ووعيهم بطبيعة العلاقات الدولية" يورد الصديقي. وذهب المتحدث إلى أنه "مع ما يلاحظ أحيانا من طغيان العاطفة على تعليقات عدد من القراء، فإن الاتجاه العام يتمثل في أن المغاربة من أكثر شعوب العالم اهتماما بالقضايا الدولية، بما في ذلك طبعا ما يتصل بالسياسة الخارجية المغربية". شيات: تفاعل المغاربة مع السياسة الخارجية وبالنسبة للدكتور خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، فإنه "يصعب معيرة العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا من خلال استطلاع للرأي، لكن له مزايا أخرى تهم الاهتمام الذي يوليه المغاربة بالسياسة الخارجية، والقضايا التي تثيرها". وأفاد شيات، في تصريحات لهسبريس، بأنه "من خلال الأرقام والإحصائيات يظهر أنه قد تشكل وعي لدى المغاربة في علاقة بلدهم بفرنسا، مفاده أن هذه العلاقات قد تمر بمرحلة أزمة، لكنها سرعان ما تعود إلى أصلها المرتبط بتميزها بالاستقرار". واسترسل المتحدث بأنه "هذا الاستطلاع يعكس عموما تمكن المغاربة من فهم كون الأزمة الحالية بين الرباط وباريس هي واحدة من الأزمات التي تميز أحيانا هذه العلاقات، وتعبير أيضا عن ثقتهم بكونها قادرة على تجاوزها". والمثير في ذلك، يردف شيات، أن أغلب العينة التي ساهمت في الاستطلاع لا تعترف أصلا بوجود أزمة، وهو أمر هام لأنه يعني أن البعض يرى أنها مجرد تصريف لمواقف في مراحل خاصة له غايات خفية أو غير ظاهرة، ويعكس من جهة أخرى كون التصرف الرسمي من الجانبين عمل سياسي يرتبط بأجندات أطراف أخرى". وخلص شيات إلى أنه "يتعين الإشادة بالتفاعل الذي يبديه المغاربة مع قضايا السياسة الخارجية، من خلال التفاعل مع محتويات ما تبثه الجهات الإعلامية الرصينة، ومنها جريدة هسبريس الإلكترونية" يقول المحلل ذاته.