بعد أن انطلق رئيس الحكومة الجديد بن كيران في مشاورات الجولة الثانية مع الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي، والتي ستشمل المفاوضات حول هيكلة الحكومة والخطوط العريضة لبرنامج الحكومة المقبلة، إلى جانب التصريح الحكومي الذي سيقدم للبرلمان، يرسم خبراء بعض الملامح السياسية في عدد من القطاعات، ويحرص محللون على إبداء آرائهم في عدد من القضايا، من بينها تقديم وجهة نظرهم حول خارطة السياسة الخارجية للحكومة المقبلة. وظهر من خلال انتخابات 25 نونبر، العلاقات القوية التي تجمع المغرب بعدد من الدول، الموقف تجلى في مسارعة أغلب الدول الكبرى إلى إبداء رأيها في نزاهة الانتخابات والنتائج التي خرجت من صناديق الاقتراع، والتي سمت حزب العدالة والتنمية فائزا بأكبر عدد من المقاعد لأول مرة في التاريخ السياسي الحديث للمغرب، وتجلى أيضا من خلال تعبير هذه الدول عن استعدادها للتعاون مع حكومة الإسلاميين. لكن السؤال الذي يطرح حوله الاستفسار، ما هي معالم العلاقات التي سينسجها الإسلاميون مع المحيط الدولي في المستقبل ؟ يؤكد عمر الكتاني محلل اقتصادي، أن الحكومة المقبلة ينبغي أن تحافظ على العلاقات مع الاتحاد الأوروبي -الشريك التجاري الأول للمغرب-، ودعا أن تكتسي العلاقات طابعا آخر، إذ أوضح أن طابع السوق الحرة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية فيه إجحاف بوضعية المغرب الاقتصادية، وأشار الكتاني في تصريح ل"التجديد"، أن المغرب مطالب بالانفتاح على دول أسيوية قوية من شأنها أن تفتح هامشا أكبر للتنافسية. وأبرز الكتاني، أهمية اهتمام المغرب بالسوق الإفريقية واعتبرها السوق المستقبلية، كما أكد أن المغرب بإمكانه أن يكون وسيطا بين دول الخليج وإفريقيا، إذا استطاع أن يقنع الخليج في وضع أموال استثمارية في المغرب، ويوظفها داخليا وخارجيا في اتجاه القارة السمراء. وأشار المحلل الاقتصادي، أن الحكومة المقبلة أمامها مهمة إعادة صياغة السياسة الخارجية مع أوروبا وأمريكا بما يخدم مصلحة المغرب، ومع الخليج بما يخدم إمكانية اندماجه في مجلس التعاون الخليجي، وأيضا أمامه فرصة الانفتاح على إفريقيا ونسج علاقات مصلحية وليست عاطفية. ومن وجهة نظر المواطن المغربي، أكد استطلاع للرأي أجراه معهد "إيل إم إس- سي إس أ" لحساب أسبوعية "Actuel"، أن 52 في المائة يؤيدون تطوير العلاقات الثنائية مع تركيا، و47 في المائة عبروا عن رغبتهم في تعزيز حكومة بن كيران ريادة المغرب في مجال الدبلوماسية الإفريقية بالاستعمال الكامل لمروره في مجلس الأمن، وكشف الاستطلاع أيضا أن 48 في المائة من المغاربة الذي عبروا عن رأيهم يؤيدون أخذ المغرب مبادرة عقد قمة بين المغرب وتونس ومصر وليبيا لاستلهام الدروس من الربيع العربي، وأبرز أن 52 في المائة يوافقون على تنظيم لقاء مع الرئيس الجزائري لإعادة التفاوض حول فتح الحدود بين البلدين. من جهته، توقع سعيد الصديقي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن السياسة الخارجية لحكومة بن كيران لن تشهد قطيعة مع ما راكمته الدبلوماسية المغربية منذ مدة، ودعا في تصريح ل"التجديد" إلى تنمية العلاقات مع الشركاء التقليديين وهما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية، بالمقابل طالب بإيلاء أهمية كبرى للدول الإسلامية الصاعدة في آسيا (تركيا، ماليزيا،..) للاستفادة من تجربتها الاقتصادية والمالية، دون تجاهل الجانب الإفريقي. وشدد الصديقي مستشار لدى مركز الدراسات الدولية، على أن التغيرات السياسية العميقة التي يعرفها العالم العربي اليوم، تساعد على تشكيل تحالف إسلامي جديد يضم الحكومات الإسلامية التي أفرزها الربيع العربي (المغرب، تونس، مصر، ليبيا..)، من أجل تشكيل قوة ضاغطة وتفعيل سوق إسلامية موحدة.