وجهت الأجهزة الأمنية ضربة قوية جديدة لمكامن التنظيمات الإرهابية الإقليمية والدولية، بعدما تمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، بناء على معلومات استخباراتية دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من إحباط مخطط إرهابي بالغ الخطورة كان يستهدف المغرب، بتكليف وتحريض مباشر من قيادي بارز في تنظيم "داعش" بمنطقة الساحل الإفريقي، لتؤكد المملكة دورها الريادي على مستوى العالم في مكافحة الإرهاب والتنظيمات المرتبطة به، خصوصا على مستويات التخطيط والتجنيد والتمويل. وأكد محمد الطيار، خبير أمني رئيس المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية، أن العملية الجديدة التي نفذها المكتب المركزي للأبحاث القضائية "بسيج"، بناء على معلومات استخباراتية دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تكتسي ثلاث دلالات؛ الأولى تهم ارتباط هذه الخلية بقيادي في تنظيم "داعش" بمنطقة الساحل الإفريقي، يتواصل بشكل مباشر مع منسقين للمجموعة التي تم توقيفها، وبلغ عدد أفرادها 12 متطرفا، قيد التحقيق حاليا، موزعين على مناطق مختلفة من المملكة. وأضاف الطيار، في تصريح لهسبريس، أن طبيعة المحجوزات التي تم العثور عليها خلال عملية التوقيف الجديدة، تظهر أن أفراد المجموعة كانوا بصدد تنفيذ أعمال بالغة الخطورة، وتهدد سلامة المواطنين والممتلكات، وتستهدف الأمن القومي المغربي واستقرار المملكة. وأوضح المتحدث أن الدلالة الثانية للعملية الجديدة للأجهزة الأمنية الوطنية تؤكد جدية تحذيرات المغرب للمنتظم الدولي من المخاطر الإرهابية القادمة من الساحل الإفريقي، التي تتمثل في تنظيم "داعش"، وتنظيم "نصرة الإسلام والمسلمين"، التابع لتنظيم القاعدة، مشددا على أن هذه المخاطر تظهر من خلال عدد الخلايا المفككة في المغرب وإسبانيا الموالية للمجموعات الإرهابية في الساحل. الدلالة الثالثة للعملية، حسب الخبير الأمني ذاته، تظهر في الاستراتيجية التي اعتمدتها العناصر الأمنية في تدخلها من أجل توقيف أفراد المجموعة الجديدة بشكل متزامن في عدد من المدن، موضحا أنه تم إخلاء المساكن المجاورة لنقط المداهمة وتحييد الخطر على السكان والمواطنين في الفضاء العام، مشددا على أن طريقة الإخلاء تبين أيضا مستوى خطورة العناصر الإرهابية التي جرى إلقاء القبض عليها. ونبه الطيار في السياق ذاته إلى تطور مستوى مخاطر التجنيد الإلكتروني من قبل الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وتطويرها الأساليب المعتمدة في توظيف الأفراد في مناطق مختلفة من العالم، بينها المغرب، خدمة لأجندات إيديولوجية وتخريبية، مشيرا إلى أن هذه التنظيمات طورت أساليبها مع مرور السنوات، وركزت على استغلال القنوات الرقمية من أجل تعبئة التمويلات اللازمة لأنشطتها، وتنويع مصادر تمويلها، رغم الجهود المبذولة من قبل الأجهزة الأمنية على المستوى الدولي في هذا الشأن. نزاعات إقليمية ودولية تغذي التنظيم المديرية العامة للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني أكدت، في بلاغ، أنه تم تنفيذ العملية الأمنية الجديدة، بشكل متزامن، في مدن العيون، الدارالبيضاء، فاس، تاونات، طنجة، أزمور، جرسيف، أولاد تايمة، وتامسنا بضواحي الرباط، وأسفرت عن توقيف 12 متطرفا، تتراوح أعمارهم بين 18 و40 سنة، بايعوا تنظيم "داعش" الإرهابي وانخرطوا في الإعداد والتنسيق لتنفيذ مشاريع إرهابية خطيرة. وعلق عبد الله الرامي، خبير في الجماعات الجهادية، على حيثيات العملية الأمنية الجديدة بكونها امتدادا للعمليات الأخيرة التي ارتبطت بشكل وثيق بتنظيم "داعش" بمنطقة الساحل الإفريقي، موضحا، في تصريح لهسبريس، أن "غياب أي وجود هيكلي أو تنظيمي لتنظيم داعش الرئيسي في الساحة الدولية، بعد القضاء عليه في العراق وسوريا، أصبح يقابله حضور قوي في منطقة الساحل الإفريقي لهذا التنظيم، رغم أن هذه المنطقة الجغرافية تشكل فضاء للنزاعات والصراعات الجيو-سياسية والعسكرية الإقليمية والدولية"، متسائلا عن علاقة النزاعات المذكورة بتغذية التنظيم الإرهابي في المنطقة وتزايد وتيرة تجنيده لعناصر موالية في دول مختلفة، بينها المغرب. مشاريع إرهابية بمباركة "داعش" أشارت المعلومات الاستخباراتية، مدعومة بالتحريات الميدانية المنجزة حتى هذه المرحلة من البحث، إلى أن أعضاء هذه الخلية الإرهابية كانوا على ارتباط بقيادي بارز في تنظيم "داعش" بمنطقة الساحل، يشغل منصب مسؤول فيما يسمى "لجنة العمليات الخارجية"، المكلفة بتدويل الأنشطة الإرهابية خارج منطقة الساحل والصحراء. وقد أشرف هذا القيادي على عمليات التمويل المالي وتوفير الدعم اللوجستيكي، كما زوّد أعضاء الخلية بمحتويات رقمية تشرح كيفية تنفيذ العمليات الإرهابية ميدانيا. وحدد فرع "داعش" بمنطقة الساحل لأعضاء هذه الخلية مشاريع إرهابية، حسب التحريات المنجزة، شملت استهداف عناصر القوة العمومية عبر استدراجهم واختطافهم وتصفيتهم والتمثيل بجثثهم، إضافة إلى مهاجمة منشآت اقتصادية وأمنية حساسة ومصالح أجنبية بالمغرب، فضلا عن ارتكاب أعمال إرهابية تمس بالبيئة من خلال إضرام الحرائق عمدا. كما أن أعضاء الخلية أجروا مؤخرا عمليات ميدانية لتحديد المواقع المستهدفة بعدد من المدن المغربية، وحصلوا على "مباركة" تنظيم "داعش" بمنطقة الساحل لمشروعهم الإرهابي، حيث توصلوا بشريط مصور يبارك العملية ويحرض على تنفيذها، ما كان إيذانا بانتقالهم إلى المرحلة الميدانية لتنفيذ العمليات التخريبية.