سنة 1982حصل هيربيرت ماركيز الكاتب الكولومبي على جائزة نوبل للآداب عن روايته الخالدة:"مئة عام من العزلة".تتحدث هذه الرواية عن مدينة افتراضية منذ تدشينها ونشأتها إلى ازدهارها. هذه المدينة هي مدينة ماكاندو. هل هي صدفة أم تقاسم للحلم والمعانات... بل ولما لا الأدوار... في نفس الفترة التي كان فيها هيربرت ماركيز منكب في نسج خيوط وحكايا أشخاص وهميين من سكان مدينة ماكاندو الوهمية (والتي من الممكن أن تتقاطع أحداثها الخيالية مع الأحداث الواقعية كما ينبه إلى ذلك جميع الكتاب)... "" في نفس المدة كانت هنالك ملحمة أخرى تجري أحداثها في دولة أخرى على أرض الواقع بالضبط في دولة فنزويلا. صاحب هاته الملحمة هو الدكتور ماكادو، مدينة هيربيرت ماركيز تحمل اسم ماكاندو، ولكن الدكتور ماكادو هو إنسان حقيقي تم تعيينه من طرف رئيس دولته وزير دولة مكلف بتنمية الذكاء الوطني.انه لويس ألبيرتو ماكادو الذي شغل لمدة طويلة بأفكاره التربوية كل قارة أمريكا اللاتينية و مناطق عدة من العالم. بين سنتي 1979و1984قام الرئيس الفينزويلي بتعيين لويس ألبيرتو ماكادو وزير دولة مكلف بتنمية الذكاء الوطني، لأول مرة في التاريخ وعلى شكل برامج قابلة للتطبيق والقياس والتقويم تأخذ دولة عالم ثالثية على عاتقها تنمية ذكاء الناس البسطاء وإدماجهم معرفيا وتنمويا...لا لشيء فقط لكي لا يبقوا عبارة على أدواة إجرائية بين أيادي السماسرة المحليين والوسطاء الدوليين...المشروع الوطني من أجل تنمية الذكاء،الذي تم اعتماده من طرف الحكومة الفينزويلية كأسبقية حكومية قصوى،كان يرتكز على قاعدة علمية يلخصها الدكتور ماكادو حينما يقول: "إن المعرفة العلمية تستطيع المساهمة في تطوير الموروثات الجينية للكائن البشري" كما يضيف الدكتور ماكادو في "كتابه الحق في الذكاء" قائلا:"إن الاختلاف ما بين إنسان بدائي وإنسان متحضر ليس اختلافا بيولوجيا ولكنه اختلاف تربوي". حتى لا أطيل في مسلسل التشويق الأدبي أقدم للقارىء "المشروع الوطني لتنمية الذكاء"، لكن قبل ذلك أنبه القارىء أنه في نفس الفترة التي كانت فيها دولة فنزويلا تبني نظامها التربوي الحمائي كانت الدولة المغربية في عراك مع مجتمعها أو ربما كان المجتمع ممثل في قواه الحية في عراك مع دولته... المشروع الوطني من أجل تنمية الذكاء الوطني أهداف المشروع أحد الأهداف المستعجلة لهذا المشروع هو إصلاح نظام التربية في شموليته ولتحقيق هذا الهدف تم توجيه البحث في ثلاث اتجاهات: 1. تعميق المعارف المتعلقة بالصيرورة التعلمية في بعدها الثنائي معلم /متعلم الإحاطة بكل الاستنتاجات العقلية المعرفية 2. استعمال منهجيات متنوعة من أجل استهداف تفاعل الإنسان بمحيطه 3. التحفيز من أجل خلق مشروع وطني يستهدف كل سكان فنزويلا غايته الرفع من القدرات على التفكير المبادئ التوجيهية 1. البرامج التكوينية موجهة إلى عموم السكان وبالخصوص إلى الطبقات المعدومة التي هي في حاجة ماسة لهذه البرامج من أجل تحقيق ذواتها كذوات إنسية مستقلة. 2. إن القدرات العقلية ليست مرهونة بعامل السن ويمكن تنميتها خلال مراحل حياة الإنسان 3. كل البرامج تتأسس على قاعدة علمية صارمة مستمدة من آخر المستجدات في مجال الدراسات العلمية 4. إن مشروع تنمية الذكاء يختلف تماما عن أي مشروع آخر للدعاية السياسية الحزبية لأن باحثين ومربين من جميع الحساسيات السياسية ساهموا في هذا المشروع بدون أي تمييز. 5. كل الأعمال المتعلقة بهذا البرنامج تم تحقيقها عن طريق التنسيق بين مصالح وزارة التربية ووزارة الصحة مع مساهمة المنظمات الجهوية والوطنية والمعاهد المتخصصة. 6. أحد خصائص هذا المشروع هو الاكتفاء بميزانية جد متواضعة نظرا لمساهمة المصالح الوزارية المتعددة. 7. كل المشاريع تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية وكل المنهجيات المتبعة تتم ملاءمتها مع الحاجيات المحلية. 8. منذ البداية تمت إدارة وصياغة هذا المشروع بطريقة تمكن من تسويقه على المستوى الدولي، ولتحقيق هذه الغاية تم إنشاء تحالف دولي من أجل تطوير الذكاء انخرطت فيه مجموعة من الدول. برامج التطبيق البرنامج العائلي منذ مرحلة الحمل إلى السنة السادسة من العمر: يرتكز هذا البرنامج على تطوير المهارات الحسية الحركية التي سوف تساعد على إظهار القدرات النفسية والعقلية الكامنة لدى الأطفال وذلك لان التأهيل الوظيفي لدماغ الطفل مرهون بمدى نوعية التفاعل الكمي مع المحيط وللعلم فان دماغ الطفل يتميز بنوع من اللانضج. رغم أن المستهدف من هذا البرنامج هو الطفل إلى حدود السنة السادسة إلا أن محتويات التكوين الخاصة بهذا البرنامج تتعلق كذلك بالعائلات وتمت صياغة محتوياته وفق النموذج المتداخل العناصر، حيث يتداخل نظام التغذية بنظام الصحة العائلي، ويتداخل هذان النظامان مع تقنيات التحفيز وقد تم إدماج هذه الأنظمة في وحدة تكوينية منسجمة. البرنامج التربوي المدرسي: يقول البيرتو ماكادو:"المحتويات تتغير لكن الأنظمة المعرفية التي بداخلها تنتظم تلك المحتويات تبقى هي هي" لهذا فان المشروع الوزاري يحتوي من جهة على تكوين تقني ومن جهة أخرى على تكوين يطور عملية التفكير. من بين هذه البرامج: أ- البرنامج الذي يستهدف تربية العين. هذا البرنامج موجه للأطفال البالغين ما بين أربع وست سنوات.لقد تم استخراجه من أعمال الفنان الباريزيjaacovAgamويستهدف تطوير العلاقات ما بين: 1. التفكير والنظر العقلي 2. الاستيعاب والذاكرة المنهج المتبع يعمل على تطوير: 3. التأويل 4. التشخيص 5. إعادة إنتاج الأفكار المستمدة من النظر بالعين 6. تطوير القدرة على التواصل يحتوي هذا البرنامج على36كتيب ب- البرنامج الرسمي للعبة الشطرنج هذا البرنامج موجه إلى كل الأعمار هدفه تشجيع عملية التفكير واليات التعويض الإستراتيجيتين في علاقاتهما مع إشكالية حل المشكلات. 3- برنامج تعلم التفكير البرنامج الذي يستهدف تطوير عملية التفكير هذا البرنامج مستمد من أعمالEdward Bonoويستهدف الفئة العمرية ما بين السنة السادسة والسنة العاشرة. وقد تم اختبار هذا البرنامج من طرف 30 مدرسا و900تلميذ ينتمون إلى القرى والمداشر المجاورة لكراكاس وماراكايبو.بعد اختباره وملاءمته مع الواقع الفنزويلي تم تعميمه على الشكل التالي: في البداية شمل هذا التعميم1300مدرسا يقومون بتكوين مليون و200ألف تلميذ...في سنة 1980تم إحصاء 117000مدرس الذين تلقوا تكوينا في هذه المنهجية، وقد استهدف هذا البرنامج تفعيل 40صيرورة ذهنية تخص: • تنظيم الأفكار • اتخاذ القرار • التواصل • الخلق البرنامج الخاص بتنمية ذكاء الأطفال البالغين ما بين سن الحادية عشرة والرابعة عشرة صياغة هذا البرنامج تمت من طرف باحثين فينزويليين بالتنسيق مع جامعة هارفارد الأمريكية وبمساعدة مؤسسةBolt Berank and Newman cnsultingوقد تم التركيز القدرات المرتبطة مباشرة بالذكاء والتي يمكن إخضاعها للقياس.هاته القدرات تنتمي إلى المجالات التالية: • فهم الاستدلال غاية تدريس أسس الاستدلال هو تمكين المتعلم من القدرة على: 1. الاستيعاب 2. القيام بمترابطات استدلالية 3. التأويل بشكل واع 4. القيام بعملية النقد عن طريق توظيف صيرورات ذهنية رفيعة المستوى • فهم ظاهرة اللغة تتوخى أهداف هذا البرنامج تنمية القدرة على: 1. تلمس الدلالات اللغوية الظاهرة منها والمستترة 2. فهم طبيعة الترابطات الأفقية والعمودية للبنيات اللغوية 3. فهم الدلالات المعجمية و الاستعمالية للكلمات الطرائق وأنظمة التفكير مستوى إعدادي: غاية هذا البرنامج هو الرفع من تشغيل الاحتياط الذهني للمتمدرسين داخل السلك الإعدادي.ارتكزت صياغة هذا البرنامج على المشروعين التاليين: المشروع الأول خلال سنة1983قامت جامعة ميتروبوليتانا بتوقيع اتفاقية مع جامعة يال من أجل تهيىء مشروع يقوم بتنمية القدرات على الاستدلال وعلى الفهم اللغوي. المشروع الثاني يتعلق بتحفيز المناطق الدماغية المتخصصة في العمليات الإجرائية. ظروف الإنجاز تطلب الإنجاز الإجمالي لهذا المشروع الوطني تنظيم أكثر من خمسين ندوة داخل كل أرجاء فينزويلا وتقديم خمسة وصلات اشهارية تبث على كل القنواة التلفزية الوطنية، أربعون ألف متطوع لكن كل هذه الارادات التي اجتمعت من أجل إنجاح هذا المشروع الحضاري تلقت عرقلة من طرف جهات من داخل الحكومة الفينزويلية التي وصفت المشروع ب"ملحمة بئيسة":"كيف يعقل، يقول أحد الوزراء، إن ما يميز بيننا نحن أبناء الله هو الذكاء، كيف يمكن دمقرطته، إن هذا يشكل خطرا حقيقيا علينا" التقييم الإجمالي للمشروع قامت جامعة هارفارد الأمريكية ومجموعة من الخبراء المبعوثين من طرف بلدانهم(كولومبيا، السويد، بلغاريا، كوريا الجنوبية، كوبا، الولاياتالمتحدةالأمريكية ومنظمة اليونسكو)بعملية تقييم لهذا البرنامج. [email protected]