والحاجة إلى تقييم المشاريع والتصورات والآثار شهدت العديد من المدن والمناطق والدواوير في عدة جهات ببلادنا، خاصة جهة سوس ماسة بعدد كبير ومتزايد من سنة إلى أخرى، تنظيم العديد من المهرجانات خلال العطلة الصيفية الحالية، وكذا في العطل والمواسم الماضية، ومن خلال تتبعنا لبعضها من حيث المشاريع والبرامج التي تعتمدها، والتصور والإطار التنظيمي والثقافي أو الفني الذي تعمل به، والأهداف والمواضيع والوسائل والنتائج التي تعلنها وتفضي إليها، يتضح أن جلها يعوزها الكثير على مستوى التصور والتنظيم وطرق تحقيق الأثر الثقافي والاجتماعي والترابي، حيث تبدو جلها كمجرد لقاءات وسهرات موسمية، وفرص محدودة لعمل بعض الفنانين وصرف ميزانياتها ودعم المؤسسات والمستشهرين، وهدفها هو تنظيمها في ذاتها، مما يتطلب اعتماد المقاربات ومنهجيات التقييم التي تعمل بها إدارات المهرجانات وتنظيماتها الثقافية والترابية في الدول والتجارب المتقدمة، وذلك من أجل تجاوز حالة التكرار الموسمي من دون موجهات وآثار ثقافية وفنية واجتماعية وتنموية وترابية فعلية. نقدم إطارا مرجعيا ومبيان وشبكة ومؤشرات التقييم التي أنتجها أحد الائتلافات الثقافية في فرنسا "Collectif des festivals" بمشاركة باحثين وخبراء ومختلف المتدخلين والمعنيين من إطارات وإدارات وجماعات ترابية... وتعتمدها الجمعيات والشركات وإدارات المهرجانات في تقييم وتوجيه وتعزيز عملها ومشاريعها، وتطويره باستمرار. يعتمد التقييم ويشمل خمسة محاور، تضم أهداف ومؤشرات واضحة، ويبدو أن العديد من المهرجانات التي تعرفها مدننا وقرانا، لا تستجيب لشروط ونتائج ومجالات هذا التقييم، خصوصا المحورين الأخيرين، التي تتجاوز مستوى فكرة التنظيم من أجل التنظيم، وعدد الجمهور وخلق الفرجة والترويح، وفي أحسن الأحوال استقطاب عدد من الزوار والسياح والتعريف والترويج لبعض المنتوجات المحلية، وذلك إلى مستوى قياس الأثر الاقتصادي والتنموي والجاذبية الترابية، وتحقيق التغيير الفردي والاجتماعي، وقيم المواطنة والاندماج الاجتماعي، وتعزيز قدرات الابداع والفكر النقدي، وغيرها من الآثار الكبرى للفعل والإنتاج والتنظيم الثقافي والفني. 1- الفعل المجتمعي: هل حقق المهرجان فعلا مجتمعيا ومواطنتيا، وبأي درجة؟ من خلال مؤشرات: – الحيوية والمتعة المشتركة. – الحضور والمشاركة الجماعية لكل الجنسين والفئات الاجتماعية. – الإحساس بالانتماء والمواطنة. 2- قدرات الذات والوجود: هل ساهم المهرجان في تعزيز وتطوير القدرات والسلوكات الذاتية والجماعية في مجاله الترابي، وبأي درجة؟ من خلال مؤشرات: – الإحساس الذاتي بالفعل والمشاركة، والإدماج الاجتماعي. – توسيع الانخراط والاستمتاع الاجتماعي. – توسيع مجال التعبير وتجنب الإقصاء والنمطية. 3- الفعل والحيوية الثقافية والفنية: هل حقق المهرجان فعلا وحيوية ثقافية وفنية، وبأية درجة؟ من خلال مؤشرات: – الولوج إلى الحياة الثقافية. – اكتشاف المواهب وتشجيع التعابير والابداع الفني. – التنوع الثقافي والفني. 4- الدينامية الترابية: هل حقق المهرجان دينامية ترابية، وما درجة مساهمته في ذلك؟ من خلال مؤشرات: – الجاذبية الترابية والتنمية الاقتصادية. – الإحساس والاعتزاز بالانتماء إلى المجال. – التقاء وتفاعل الطاقات والكفاءات المحلية. 5- التغيير المجتمعي: هل ساهم المهرجان في تحقيق التغيير الاجتماعي، وإلى أي درجة؟ من خلال مؤشرات: – التجريب وحفز طاقات الابتكار. – تعزيز الحس والفكر النقدي. – تعزيز الانفتاح العقلي والوجداني والفكري للساكنة والمستفيدين والجمهور.