تشتهر مدينة الصويرة بمهرجانها الدولي "كناوة وموسيقى العالم"، و"ربيع الموسيقى" المرموق المخصص للموسيقى الكلاسيكية، ومهرجان "موغا" للموسيقى الإلكترونية، وغيرها. وهي بذلك ملتقى عالمي للفنون والثقافات، ومسرح مفتوح حيث يتردد صدى الموسيقى في كل ركن من أركان المدينة. وباعتبارها مدينة سياحية بامتياز، أضحت الصويرة مع مرور الوقت من أكثر المدن حيوية في المملكة، حيث تستضيف على مدار السنة مجموعة من الأمسيات الفنية والمهرجانات والحفلات الموسيقية لإسعاد المولعين بالموسيقى بشتى أنواعها. والرائع أنه ليس من الضروري برمجة الزوار لإقامتهم في الصويرة وفقا لمواعيد المهرجانات للاستمتاع بالعروض المثيرة، ذلك لأن ساحة مولاي الحسن، إحدى أجمل ساحات مدينة الرياح، تقدم لهم أطباقا موسيقية آسرة ومستمرة من الصباح إلى المساء. ولا شك أن هذه العروض النابضة التي يقدمها فنانون شباب وفرق محلية بمهارة، أصبحت اليوم عاملا يزكي طاقة الجذب السياحي لمدينة الصويرة، ويضفي دينامية حيوية على الحياة اليومية لأهل الصويرة والسياح معا في أجواء احتفالية وثقافية تنضاف لأبعاد المدينة المتعددة. على مشارف عيد ميلاده الثاني والعشرين، ينجح كريم، المغني عازف القيثارة الواعد، في أسر جمهور متحمس ومتعطش لاكتشاف ألحان تثير الحنين لدى البعض وتجذب البعض الآخر لإبداعها. وفي عرض فردي رائع من خلال آلة إيقاع يمسكها برجليه وقيثارة تداعبها أنامله وهارمونيكا يبث فيها الحياة من أنفاسه، يمزج كريم بأناقة مجموعة من الأنواع الموسيقية تتوزع بين "الراي" و"البوب" و"الروك" و"الريغيتون". وهكذا، يستمتع الجمهور المنبهر بالبراعة الاستثنائية لهذه الموهبة الشابة في رحلة موسيقية آسرة، من خلال أداء أغاني جميلة من قبيل "عايشة" للشاب خالد، و"أراك مرة أخرى" لويز خليفة. ومع غروب الشمس الذي يزيده المحيط الأطلسي بهاء، يستمر كريم في إمتاع الحضور من خلال الجمع بتمكن كبير بين القطع الكلاسيكية والمعاصرة، مثل "كيفك إنت" لفيروز و"هيلو" لأديل. وفي الطرف الآخر من الساحة، بالقرب من ساعة الصويرة، هذه الساحة التاريخية الواقعة عند مدخل القصبة، يسترق المارة لحظات للاستمتاع بعرض فني آخر. مفتنا بالتناغم بين الموسيقيين الثلاثة لفرقة فلكلورية، تفاعل الجمهور بحماسة جميلة وتصفيقات منسجمة مع الإيقاعات والألحان وكلمات متناثرة في السماء تعبر عن إعجاب أصحابها بالعرض. وفي تصريحات صحافي، أعرب سياح بريطانيون عن إعجابهم بالأصوات الآسرة للآلات المغربية التقليدية التي يكتشفونها لأول مرة، مبدين رغبتهم في عيش هذه التجربة الفريدة والغامرة مرة أخرى. وتحت الأسوار التاريخية لسقالة القصبة الشاهدة على جمال المعمار الصويري العريق، يبهر وليد الزوار بأداء موسيقي راق، تتناغم فيه الأصوات الأصيلة لموسيقى كناوة مع التعبيرات العصرية. وتتراقص أنامل وليد الرشيقة والخبيرة ببراعة على أوتار آلة "الكمبري" مقدمة ألحانا ساحرة وعميقة تشد انتباه كل عابر. ومع حلول الليل، يستمر النغم وتتعالى الإيقاعات من أسطح الرياض والمطاعم والمقاهي في المدينة القديمة، حيث تستسلم عيون المارة وحواسهم للألحان المتنقلة في سماء موغادور في رحلة ممتعة تغوص في هذه السيمفونية الليلية.