هو اجتهاد من وزارة الأوقاف، والمجتهد قد يصيب وقد يخطئ، وإذا قمنا باستقراء تاريخ خطبة الجمعة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده ومن تبعهم بإحسان، نجد أن خطبة الجمعة هي من اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بصفته أمير المؤمنين يؤمهم ويخطب فيهم في المدينةالمنورة وينوب عنه أمراء المدن والأقاليم الأخرى، لذلك كان الخلفاء الراشدون من بعده والملوك والأمراء يقومون بالإمامة والخطابة يوم الجمعة وينيبون عنهم في الأقاليم والأمصار من الأمراء والحكام من ينوب عنهم في ذلك وقد ثبت أن الحجاج بن يوسف الثقفي كان يؤم ويخطب يوم الجمعة. وفي المغرب كذلك فقد قام المغفور له محمد الخامس بالإمامة والخطبة يوم الجمعة، حيث أم المصلين وخطب فيهم خطبة الجمعة في ساحة صومعة حسان بالرباط وذلك سنة 1955 حضرها آلاف المصلين، كما أنه رحمه الله كان قد أم المصلين وخطب فيهم خطبة الجمعة في منفاه بمدغشقر، ونص خطبتيه الأولى والثانية تم نشره بمجلة "دعوة الحق". إذن فخطبة الجمعة هي مهمة أمير المؤمنين، والخطباء الذين يخطبونها في الأمصار والأقاليم إنما يخطبون نيابة عنه وعليهم طاعته في تبليغ ما كلفهم بتبليغه إلى الناس مما يريد أن يخاطبهم به وهي في هذه الحالة هي خطبة موحدة، وليس للخطباء حق الامتناع عن تبليغ تلك الخطبة إلى الناس. أما رغبة الخطباء في تفقيه الناس في دينهم زيادة على ما تتضمنه الخطبة الموحدة فيمكنهم ذلك من خلال دروس الوعظ والإرشاد في غير خطبة الجمعة، كما أن خطبة الجمعة شأن ديني محض لا يؤخذ فيه برأي العامة من الناس بل الرأي فيه والفتوى لأهل الحل والعقد من العلماء الذين أمر الله سبحانه وتعالى باستفتائهم في ما ليس لهم به علم لقوله عز وجل: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" خصوصا وأن بلادنا ولله الحمد تتوفر على مجالس علمية على مختلف مستوياتها ما بين محلية وجهوية ومجلس علمي أعلى مؤهل للفتوى. وللأسف فقد عمد بعض العامة وأدعياء العلم بتحريض الناس على استنكار توحيد خطبة الجمعة بغير علم محدثين الفتنة والبلبلة بين الناس في شأن دينهم هداهم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.